الجمعة، 12 ديسمبر 2008

جريمة غسل الاموال (نسخة معدلة)

جريمة غسل الأموال
دراسة موضوعية لمفهومها والجرائم ذات الصلة بها وآثارها
إعداد
سامي بن فهد العقيلي
برنامج الدكتوراه في قسم السياسة الشرعية للعام الدراسي 1429/1230هـ









بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا ..
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ،
وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه
وعلى آله وصحبه أجمعين
المدخل :
لما كانت الأحكام القضائية وفروعها ومآخذها على وجه الخصوص محض إطلاقات وعموميات تتناول أنواعا" من الوقائع القضائية لا تنحصر كما " وكيفا".
وهي لا تقوم إلا معيّنة مشخّصة ولكل معيّن منها خصوصية ليست في غيره .
وهذا التعيين ليس معتبرا" في آحاد الأحكام بإطلاق ولا مطردا" بإطلاق
فحينا" هذا وحينا" ذاك وحينا" يأخذ من كل طرف بجهة .
ثم لا تبقى صورة أو قضية إلا وهي مشمولة بالإنتاج القضائي يعرض للجرائم الثابتة والجرائم المفوضة ومنها (جريمة غسل الأموال) التي تعتبر من أهم وأخطر الجرائم المالية في العصر الحديث
وقد اعتمدت في بحثي هذا أن يكون قراءة تحليلية للنظام الخاص بها وهو نظام مكافحة غسل الأموال الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/39 في25/6/1424
رغبة مني في الاستفادة من هذا النظام بشكل مكثف والاعتماد على إشاراته وإيماءاته مع الرجوع إلى بعض المراجع والمصادر التي عالجت الموضوع والاستئناس بها وأحب أن أتقدم للشكر بعد شكر الله لفضيلة شيخنا سعود البشر
على إتاحة هذه الفرصة هذه الفرصة للبحث والتحليل والدراسة في هذا الموضوع
مفهوم غسل الأموال
ينظر إلى عمليات غسل الأموال حتى وقت ليس بالبعيد
على أنها الأنشطة التي تتخذ لإضفاء صفة المشروعية على الأموال
المتحصلة من الاتجار غير المشروع في المخدرات، لكن هذه
النظرة سرعان ما تغيرت؛ نظراً لأن الأنشطة الرئيسية التي يقوم
عليها الإجرام المنظم ليست مقصورة على الاتجار غير المشروع
في المخدرات والمؤثرات العقلية ، وإنما تشمل أيضاً أنشطة تقليدية
مثل: الدعارة، والاتجار بالنساء، والأطفال وغيره ، إضافة إلى
الأنشطة المستحدثة مثل: الاتجار في الأعضاء البشرية، وتزوير
بطاقات الائتمان البلاستيكية الممغنطة وغيرها.
ويرى الاتجاه المعاصر في السياسة الجنائية المعاصرة أن
الأموال التي يجري غسلها تشمل الأموال المستمدة من التجارة
الإجرامية المنظمة، والأموال المستمدة من الرشوة والاختلاس
واستغلال النفوذ والتربح من وراء المشروعات العامة. و الأموال الملوثة تشمل الأموال المتحصلة من الجريمة المنظمة، وتلك المتحصلة من الجريمة بوجه عام إذا كانت هذه الجريمة على درجة من الخطورة، وتفرز أموال طائلة، فهذا ما
ينسجم مع حكمة تجريم غسل الأموال،كما أن هذا الرأي ينسجم مع
الاتجاهات العالمية في هذا الشأن، حيث أخذ المجلس الأوروبي بهذا
المفهوم الواسع للأموال القذرة، فجعلها غير مقصورة على الأموال
المتحصلة من النشاطات الإجرامية المنظمة، وقد نصت على ذلك
اتفاقية ستراسبورج التي أصدرها المجلس الأوروبي في
٨/ ١١ / ١٩٩٠ م، إذ جعلت المكافحة تشمل جميع صور الإجرام التي
على درجة من الخطورة والمعاقب عليها.
ولقد تعددت التعريفات التي اجتهد الخبراء بها في توضيح جريمة
غسل الأموال، وفي ذلك انقسمت التشريعات والآراء الفقهية في تعريف
غسل الأموال إلى قسمين: ضيق وواسع، حيث يقتصر التعريف الضيق
لغسل الأموال غير المشروعة الناتجة عن تجارة المخدرات ومن هذه
التشريعات والآراء الفقهية اتفاقية فيينا عام ١٩٨٨ ، وقانون المخدرات
والمؤثرات العقلية والسلائف اللبناني رقم ٦٧٣ / ٩٨ ، ومشروع القانون
اللبناني لتبييض الأموال والتوصية الصادرة عن مجلس المجموعة
الأوروبية عام ١٩٩١ م.
أما التعريف الواسع لغسل الأموال، فيشتمل جميع الأموال القذرة
الناتجة عن جميع الجرائم والأعمال غير المشروعة وليس فقط تلك الناتجة
عن تجارة المخدرات.[1]
ومفهوم غسل الأموال من المنظور القانوني فيه اختلاف ما بين
الدول حيث تأخذ بعض الدول بالمفهوم الضيق لغسل الأموال وتقتصر هذه
العمليات على محاولات إخفاء المتحصلات من الاتجار غير المشروع في
المخدرات دون بقية الجرائم، وتأخذ دول أخرى بالمفهوم الواسع بحيث
تشمل المتحصلات لكافة الأعمال الإجرامية[2]
المفهوم القانوني الضيق لغسل الأموال:
ركزت الأمم المتحدة في تعريفها لجرائم غسل الأموال على الأموال
الناتجة عن الاتجار غير المشروع بالمخدرات باعتبارها الأكبر حجمًا
والأكثر شيوعًا، وعلى هذا النحو يعرف دليل الأمم المتحدة للتدريب
جريمة غسل الأموال بأنها: "عملية يلجأ إليها من يعمل في الإتجار غير
المشروع، للعقاقير المخدرة لإخفاء مصدره غير المشروع، أو استخدام
الدخل من وجه مشروع يجعله يبدو وكأنه عائد من أعمال تجارية
مشروعة"[3]
وسارت على النهج السابق الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير
المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية ( ١٩٩٤ )، وهو ما يتضح من
خلال المواد الأولى والثانية والخامسة، وغير ذلك من موادها، والتي تتطابق مع نظيراتها في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية"[4]
وعلى هذا الأساس نجد أن التعريف القانوني الضيق لغسل الأموال
ركز على المتحصلات الناتجة عن الاتجار غير المشروع في المخدرات
والمؤثرات العقلية، دون أن تشمل الأموال القذرة الناتجة عن الجرائم
الأخرى في ظل هذا المفهوم، كما أن غسل الأموال ما هو إلا عملية تتيح
لجماعات الإجرام المنظم وغيرهم من مرتكبي الجرائم التي تدر عائدًا
ماليًا، التسلل داخل المؤسسات المالية والتجارية والصناعية المشروعة
سواء في داخل الدولة أو خارجها لتوظيف واستثمار أموالها المستمدة من
أنشطتها الإجرامية، فبوجود مثل هذه المشاريع المشروعة يتاح لهم ستر
أعمالهم غير المشروعة وتمويه مصدر الأموال الموظفة فيها.
التعريف القانوني الواسع لغسل الأموال:
يشمل هذا التعريف جميع الأموال القذرة التي تنتج عن جرائم
الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، وغيرها من
الجرائم.
وعلى هذا الأساس يكون تعريف غسل الأموال الواسع أكثر شمولية،
حيث لا يقتصر على الأموال الناتجة عن الاتجار غير المشروع
بالمخدرات، وهذا ما تطالب به لجنة العمل المالي لغسل الأموال باعتبارها
جريمة من جرائم العصر، التابعة للأمم المتحدة.
وهناك عدة تعريفات وردت في شأن عمليات غسل الأموال على
المستوى الفقهي[5] والتشريعي لتشريعات الدول العربية.
فعلى المستوى الفقهي عرفت عملية غسل الأموال بأنها: "تحويل أو
نقل الأموال التي تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة أو المتهربة من
الالتزامات القانونية إلى أشكال أخرى من أشكال الاحتفاظ بالثروة للتغطية
على مصادرها والتجهيل بها[6]
ويذهب جانب من الفقه إلى القول بأن غسل الأموال "سلسلة من
التصرفات أو الإجراءات التي يقوم بها صاحب الدخل غير المشروع أو
الناتج عن الجريمة بحيث تبدو الأموال أو الدخل كما لو كان مشروعًا
تمامًا مع صعوبة إثبات عدم مشروعيته"[7]
أما على المستوى التشريعي فقد تضمنت التشريعات العربية ثمة
تعريفات لعمليات غسل الأموال في إطار القواعد المعمول بها في
الاتفاقيات الدولية والإقليمية وسوف أعرض له في التعريف القانوني .
ومن التعريفات لغسل الأموال هو: "إضفاء صفة الشرعية بطريقة ما على
الأموال النقدية المتحصل عليها من الجرائم".
وهذا التعريف يفتقد إلى التحديد، كما أنه غير جامع ولا مانع،
لذلك عرف البعض غسل الأموال على أنه : "أية عملية من شأنها إخفاء
أو تمويه المصدر غير المشروع الذي اكتسبت أو تحصلت منه هذه
الأموال).
وهذا التعريف على بساطته، يغطي كافة الأساليب والوسائل
التي يلجأ إليها الغاسلون لإخفاء المصدر غير المشروع للمال.[8]
التعريف الفقهي لغسل الأموال:
سبق العرض لشي منها ولكن يمكن أن يقال باختصار أنها :
إضفاء الشرعية بطريقة ما على الأموال المكتسبة المستمدة من
العائدات غير المشروعة أو مجموعة العمليات المالية المتداخلة لإخفاء
المصدر غير المشروع للأموال وإظهارها في صورة أموال متحصلة من
مصدر مشروع أو المساهمة في توظيف أو إخفاء تحول العائد المباشر أو
غير ا لمباشر لجناية أو جنحة[9]
التعريف القانوني الموضوعي لغسل الأموال:
في النظام السعودي:
ورد في المرسوم الملكي رقم م/ ٣٨ وتاريخه ( ٢٥ / ٦/ ١٤٢٦ ه)،
في المادة الأولى من النظام الخاص بمكافحة جرائم غسل الأموال تعريف
غسل الأموال بأنه: "ارتكاب أي فعل أو الشروع فيه يقصد من ورائه
إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافًا للشرع والنظام وجعلها
تبدو كأنها مشروعة المصدر
في صندوق النقد الدولي :IMF
عرف غسل الأموال بأنه إعادة ضخ وتدوير أموال غير مشروعة في
الاقتصاد وفي المشروعات المالية والقانونية[10]
برنامج الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات :UNDCP
عرف غسل الأموال بأنه عملية يلجأ إليها من يعمل في تجارة
المخدرات لإخفاء المصدر الحقيقي للدخل أو المورد غير المشروع والقيام
بأعمال أخرى للتمويه لكي يبدو الدخل وكأنه تحقق من مصدر مشروع( ٢).
نفس المرجع
التعريف الإجرائي لغسل الأموال:
هو عبارة عن مجموعة عمليات متتابعة ومستمرة تهدف إلى تحويل
الأموال القذرة التي تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة إلى دورة
النشاط الاقتصادي للاقتصاد الرسمي من أجل التغطية على مصدرها أو
إخفائه، ومن ثم إكسابها الصفة الشرعية عبر الجهاز المصرفي
والمؤسسات المالية الأخرى.[11]
وعلى ضوء ما سبق يمكن القول بأن غسل الأموال عبارة عن فعل
أو مجموعة من الأفعال المساهمة فيها عن قصد، بهدف إضفاء الشرعية
على هذه الأموال التي تم اكتسابها بطريقة غير مشروعة بارتكاب جريمة
أو جنحة يعاقب عليها التشريع سواء أكان عربيًا أو أجنبيًا، هذا التعريف
يأخذ المفهوم الواسع من خلال أخذه نوع الجريمة كأساس للتجريم ويعالج
الاختلاف التشريعي بين الدول فيما يعتبره مشروعًا أو غير مشروعًا.
جريمة غسل الأموال جريمة فرعية لجرائم أصلية
إن جريمة تبييض الأموال هي جريمة تفترض بالضرورة وقوع جريمة أولية سابقة عليها، هي التي تحصلت عنها الأموال غير المشروعة، أو الأموال غير النظيفة، فمصدر هذه الأموال جرائم ترتكب في كثير من الأحيان من قبل منظمة إجرامية وفي أحيان كثيرة لا يتوفر فيها عنصر التنظيم.
وحقيقة القول أن جريمة غسل الأموال ارتبطت منذ وجودها بالأموال الناتجة عن الاتجار غير المشروع بالمخدرات، لكثرة الأموال الناتجة عن هذه الجريمة إضافة لكونها تمد مرتكبي الجريمة بسبل القوة والنجاح، إلا أنها تبقى مع ذلك نقطة ضعف يعاني منها مرتكبو الجريمة ويمكن أن تستغلها السلطات المختصة دليل إدانة أكبر مما تتيحه الأفعال الجرمية وهذا يسمى بـ (طبيعة المصدر الجرمي للأموال
الأخرى).
· تجارة المخدرات:
أهم عمليات غسل الأموال ما تتعلق بتجارة المخدرات نظرًا للمردود الضخم من الأموال التي تدرها هذه التجارة[12] وحقيقة القول أن جريمة غسل الأموال ارتبطت منذ وجودها بالأموال الناتجة عن الاتجار غير المشروع بالمخدرات، لكثرة الأموال الناتجة عن هذه الجريمة إضافة لكونها تمد مرتكبي الجريمة بسبل القوة والنجاح، إلا أنها تبقى مع ذلك نقطة ضعف يعاني منها مرتكبو الجريمة ويمكن أن تستغلها السلطات المختصة دليل إدانة أكبر مما تتيحه الأفعال الجرمية الأخرى[13].و جهود المكافحة الدولية لغسيل الأموال جاءت ضمن جهود مكافحة المخدرات ولهذا نجد أن موضع النص دوليا على قواعد وأحكام غسيل الأموال جاء ضمن اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بمكافحة المخدرات ، ومبرر ذلك أن أنشطة المخدرات هي التي أوجدت الوعاء الأكبر للأموال القذرة بفعل متحصلات عوائدها العالية

· الرشوة:
تعتبر الرشوة من أكثر الجرائم التي يمكن أن تؤدي إلى الحصول
على أموال طائلة غير مشروعة، كما أنها تعتبر مصدرًا من مصادر الأموال المراد غسلها.
وهذه الجريمة انتشرت في كافة أقطار العالم لذلك جرمت كافة
القوانين المتعلقة بالرشوة باعتبارها من الجرائم التي لها بالغ الأثر في عدم
رقي المجتمعات الإنسانية، كما فرضت هذه القوانين عقوبات لمن يرتكبها
تتراوح بين الحبس والغرامة
فيكون المال المستفاد عن طريق الرشوة يأخذ قالب الشرعية عن طريق الدخول في تعاملات في ظاهرها شرعية .
وقد جاء النص عليه على وجه الخصوص في نظام مكافحة غسل الأموال في الفقرة (هـ)من المادة الثانية :
(الاشتراك بطريق الاتفاق أو المساعدة أو التحريض أو تقديم الرشوة أو النصح أو التسهيل أو التواطؤ أو التستر أو الشروع في ارتكاب أي فعل من الأفعال المنصوص عيها في هذه المادة.)[14]
وذلك في إطار التعريف بمرتكب جريمة غسل الأموال فشمل التعريف به المرتشي المسهل لعملية غسل الأموال وهذا يظهر سر العلاقة الوثيقة بين الرشوة وغسل الأموال

· التزوير
تعتبر هذه الجرائم من أهم الجرائم المرتبطة بالفساد الإداري، فضلا
عن ارتباطها بعملية غسل الأموال، حيث يتجه الحاصلون على هذه الأموال ذات القيمة الكبيرة إلى إيداعها في بنوك أجنبية خارج البلاد، وذلك بهدف استرجاعها في المستقبل بطريقة مشروعة.
وقد صدر نظام خاص يجرم التزوير وهو خاص بمكافحة التزوير الصادر بالمرسوم الملكي رقم (114)في 26/11/1380هـ[15]
ولا يخفى أن التزوير من الجرائم المالية ذات الصلة الكبيرة بغسل الأموال التي تستفيد من إخراجه على الوجه الشرعي من حيث الشكل والظاهر

· الدعارة ( الرقيق الأبيض)
يعتبر الاتجار في الدعارة مصدرًا من مصادر الأموال غير المشروعة ، كما نجد أن هذا النوع من التجارة غير المشروعة يتم في سرية تامة بعيدًا عن إشراف ورقابة السلطات المعنية ويتعامل فيها عصابات وسماسرة دوليون وذلك سعيًا وراء الكسب المادي وبصورة تتنافى مع القوانين والتشريعات المجرمة لذلك خاصة مع شيوع استخدام الانترنت التي سهلت إدارة شبكات عالمية للأنشطة الإباحية وأنشطة القمار غير الشرعية [16]
علاقة جريمة غسل الأموال باستغلال الرقيق الأبيض
هناك علاقة وثيقة بين جريمة وعمليات غسل الأموال وبين استغلال الرقيق الأبيض وتهريب النساء لغرض الدعارة وبيع الهوى فكثير من الأموال المتحصلة من غسل الأموال هي ناتجة عن تجارة الرقيق الأبيض وتجارة المتعة الجنسية وغالب الجهات الإجرامية التي تقوم بغسل الأموال غير المشروعة عن طريق مزج الإيرادات من تجارة الرقيق الأبيض بغيرها من الإيرادات المشروعة
علاقة جريمة غسل الأموال بالأعمال الإرهابية
يعتبر تمويل الإرهاب مصدر قلق شديد لمجتمع الدولي بأسره ويلاحظ أن عدد وخطورة أعمال الإرهاب يتوقفان على التمويل الذي يمكن أن يحصل عليه الإرهابيون ولا شك أن عمليات غسل الأموال من أهم مصادر التمويل للعمليات الإرهابية[17]
والناظر لنظام مكافحة غسل الأموال يجد أن مفردة الإرهاب حاضرة باستمرار
فقد وردت في المادة الأولى في التعريفات الألوية
النشاط الإجرامي: أي نشاط يشكل جريمة معاقباً عليها وفق الشرع والنظام بما في ذلك تمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية.[18]
كما ورد ذكرها في الضابط الذي مرتكباً جريمة غسل الأموال كل من فعل أياً من الأفعال الآتية :
د ـ تمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية .[19]
كما ورد ذكرها في المادة السابعة في سياق واجب المؤسسات المالية وغير المالية ـ عند توافر مؤشرات ودلائل كافية على إجراء عملية وصفقة معقدة أو ضخمة أو غير طبيعية أو عملية تثير الشكوك والشبهات حول ماهيتها والغرض منها ، أو أن لها علاقة بغسل الأموال أو بتمويل الإرهاب أو الأعمال أو المنظمات الإرهابية ـ أن تبادر إلى اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها نظاما"[20]
عقوبة جريمة غسل الأموال
عنيت الوثائق الدولية والأنظمة والتعليمات المحلية بإخضاع مرتكبي جريمة غسل الأموال لطائفة متنوعة من الجزاءات الجنائية التي جمعت بين العقوبات التقليدية –
سواء أكانت مقيدة للحرية أم تمس الذمة المالية – والتدابير الاحترازية سواء أكانت تدابير عينية أم شخصية – الأمر الذي يتناسب مع جسامة هذه الجريمة وخطورتها، كما يتفق مع الاتجاه الغالب في الفقه القانوني المعاصر الذي يحبذ انتهاج سياسات عقابية أكثر تشددًا، إزاء غاسلي الأموال وغيرهم من مرتكبي الجرائم ذات الدافع المالي، ونبذ المعاملة المتسمة بالرأفة والتسامح لمثل هذه الجرائم[21]
والملاحظ أن المنظم في شتى الدول انتهج خطة مشددة في العقاب على نشاط غسل الأموال هدفها مواكبة الصور المختلفة المعاصرة لنشاط غسل الأموال مع تنوع في العقوبات المطبقة في حالة ارتكاب الجريمة،تتراوح بين عقوبات مالية كالغرامات، والمُصادرة وعقوبات سالبة للحريات، بالإضافة إلى نوعية مستحدثة من العقوبات، هي عقوبات الانضباط التي نص عليها القانون النموذجي للأمم المتحدة الصادر عام
١٩٩٥ م( ٢).
ولتوضيح هذه العقوبات نحاول عرضها كما وردت في النظام السعودي والقرارات المنظمة.
أقدمت السلطات في المملكة منذ عدة سنوات على وضع التشريعات وإصدار التعليمات للقطاع المالي والمصرفي، بغرض تعزيز سلامته ومتانته. وهدفت هذه التشريعات والتعاميم على صعيد مكافحة غسل الأموال التأكد من سلامة معاملات المصارف والمؤسسات المالية وإتباعها لمبادئ الحيطة والحذر في هذا الشأن، ومع أن إجراءاتها الداخلية تمكنها من معرفة هوية العملاء والأنشطة التي يقومون بها. وقد حدد نظام مكافحة غسل الأموال الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم ٣٩ في
٢٠ / ٦/ ١٤٢٤ هـ دور البنوك والمؤسسات المالية وغير المالية ما هو
مطلوب منه عمله في مادته الثالثة أنه يعد مرتكبًا جريمة غسل الأموال كل
من فعل أيَاً من الأفعال الواردة في المادة الثانية من نفس النظام أو اشترك
فيه من رؤساء مجالس إدارات المؤسسات المالية وغير المالية أو أعضائها
أو أصحابها أو موظفيها أو ممثليها المفوضين أو مدققي حساباتهم أو
مستخدميها فيمن يتصرفون بمقتضى هذه الصفات، مع عدم الإخلال
بالمسؤولية الجنائية للمؤسسات المالية وغير المالية عن تلك الجريمة إذ
ارتكبت باسمها أو لحسابها.
ومن الخطوات المهمة التي اتخذتها المملكة في هذا الشأن صدور
القرار رقم (م/ ٣٩ بتاريخ ٢٥ / ٦/ ١٤٢٦ هـ) من قبل مجلس الوزراء،
الذي نص على الموافقة بتطبيق التوصيات الأربعين لمكافحة غسل الأموال
الصادر عن (الفاتف ١٩٩٠ )[22]كما تم في إطار هذا القرار، تجريم
عمليات غسل الأموال وإقرار عقوبات لها وفق القوانين الجنائية
السعودية.
ومن العقوبات المقررة في جرائم غسل الأموال في النظام ما يلي:
بالنظر إلى نظام مكافحة جرائم غسل الأموال السعودي الصادر
بالمرسوم الملكي رقم م/ ٣٩ بتاريخ ٢٥ / ٦/ ١٤٢٦ ه، نجد العقوبات فيه
ليست من فئة واحدة بل تباينت تلك العقوبات بشكل طبيعي نظرًا لاختلاف
جسامة الأفعال المرتكبة من جراء اختلاف الخطورة الإجرامية التي
يجسدها مرتكب كل فعل من الأفعال.
كما أن مرتكبي الجريمة ليسوا على نمط واحد من حيث الطبيعة إذ
إن هناك من الأفعال التي قد ترتكب من قبل شخص طبيعي وهناك من
الأفعال التي ترتكب من شخص اعتباري ومن ثم كان لابد من بيان طبيعة
تلك العقوبات في كل نوع على النحو التالي:
١- يعاقب كل من يرتكب جريمة غسل الأموال المنصوص عليها
في المادة (الثانية) من هذا النظام بالسجن مدة لا تزيد على عشرة سنوات
وبغرامة مالية لا تزيد على خمسة ملايين ريال أو بإحدى العقوبتين مع
مصادرة الأموال والمتحصلات والوسائط محل الجريمة، وإذا اختلطت
الأموال والمتحصلات بأموال اكتسبت من مصادر مشروعة كانت هذه
الأموال خاضعة للمصادر في حدود ما يعادل القيمة المقدرة للمتحصلات
غير المشروعة.
وللمحكمة المختصة أن تعفي من هذه المتحصلات مالك الأموال أو
المتحصلات موضوع التجريم أو حائزها أو مستخدميها إذا أبلغ السلطات
قبل علمها بمصادر الأموال أو المتحصلات وهوية المشتركين، دون أن
يستفيد من عائدها.
أ- تقوم جهة التحقيق بتقدير القيمة المقدرة للمتحصلات غير
المشروعة من خلال الاستعانة بأصحاب الخبرة ويصدر بشأنها
حكم من المحكمة المختصة.
ب- يتم تقديم طلب النظر في الإعفاء من تطبيق العقوبات على
المبلغ من قبل الجهة المختصة بالتحقيق.
ت- عند تلقي مثل هذه البلاغات تتخذ إجراءات البحث والتحري
للتحقق من عدم علم السلطات بالجريمة[23].
٢- تكون عقوبة السجن مدة لا تزيد عن خمس عشرة سنة وغرامة
مالية لا تزيد على سبعة ملايين ريال سعودي إذا اقترنت جريمة غسل
الأموال بأي من الحالات الآتية.
أ- إذا ارتكب الجاني جريمة من خلال عصابة منظمة.
ب- استخدام الجاني للعنف أو الأسلحة.
ج- شغل الجاني وظيفة عامة واتصال الجريمة بهذه الوظيفة،
أو ارتكابه الجريمة مستغلا سلطاته أو نفوذه.
د- التغرير بالنساء أو القصر واستغلالهم.
ه- ارتكاب الجريمة من خلال مؤسسة إصلاحية أو خيرية
أو تعليمية أو في مرفق خدمة اجتماعية.
و- صدور أحكام محلية أو أجنبية سابقة بالإدانة بحق الجاني،
وبوجه خاص في جرائم مماثلة[24]
٣- يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن سنتين وبغرامة مالية لا تزيد عن
خمسمائة ألف ريال، أو بإحدى العقوبتين كل من أخلّ من رؤساء مجالس
إدارات المؤسسات المالية وغير المالية أو أعضائها أو أصحابها أو
مديريها أو موظفيها أو ممثليها المفوضين عنها أو مستخدميها ممن
يتصرفون بمقتضى هذه الصفات بأي من الالتزامات الواردة في المواد
(الرابعة، والخامسة، والسادسة، والسابعة، والثامنة، والتاسعة، والعاشرة)
من هذا النظام دون الإخلال بالأنظمة القائمة، ويسري تطبيق العقوبة على
من يزاول النشاط دون الحصول على التراخيص اللازمة.
٤- يجوز الحكم بغرامة بناء على ما ترفعه الجهة المختصة أو توقع
على المؤسسات المالية وغير المالية التي تثبت مسؤوليتها وفقًا لأحكام
المادتين (الثانية والثالثة) من هذا النظام بغرامة مالية لا تقل على مائة ألف
ريال ولا تزيد على ما يعادل قيمة الأموال محل الجريمة.
أ- الجهة المختصة في هذه المادة هي هيئة التحقيق والإدعاء العام.
ب- تستند دعوى مسؤولية المؤسسات المالية وغير المالية على
التقارير الفنية التي تصدر عن الجهات الرقابية بالإضافة إلى
طرق الإثبات الأخرى.
ج- لا يتعارض تطبيق العقوبات الواردة في هذا المادة مع الجزاءات
الإدارية والتأديبية المنصوص عليها في الأنظمة الأخرى التي
يمكن أو تقع على المؤسسات المالية وغير المالية من قبل
الجهات الرقابية حيال ثبوت مسؤوليتها[25]
٥- فيما عدا العقوبات المنصوص عليها في هذا النظام، يعاقب من
يخالف أحكامه بالسجن مدة لا تزيد عن ستة أشهر وبغرامة مالية لا تزيد
عن مائة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين[26]
٦- لا تطبق العقوبات الواردة في هذا النظام بحق من وقع في
مخالفته بحسن نية.
ويقدر حسن النية من الجهة القضائية المختصة ويستدل عليه من
الظروف والملابسات الموضوعية.[27]
وتعد المصادرة إحدى العقوبات التكميلية التي توقع عند ارتكاب جناية أو جنحة
يتضح مما سبق أن المصادرة في نطاق جريمة غسل الأموال تشتمل كافة الأموال المتحصلة عن جريمة من الجرائم التي حددها المنظم في نظام مكافحة غسل الأموال، التي تم غسلها أو التي من المعتزم غسلها في الحالة التي يقف فيها نشاط الجاني عند مرحلة الشروع وكذلك كافة الأشياء أو الآلات التي استخدمت في عمليات الغسيل [28]
الجهة المختصة بالنظر في النظر في خصومات جريمة غسل الأموال
الجهة المختصة بالنظر في النظر في خصومات جريمة غسل الأموال هي المحاكم العامة وهو ما نصت عليه: المادة السادسة والعشرون :
تختص المحاكم العامة بالفصل في جميع الجرائم الواردة في هذا النظام .[29]
وتعتبر هذه الجرائم من الجرائم الهامة التي تحال إلى المحكمة العامة حسب الأمر السامي رقم ٤/ب/ ١٢٧٢٩ وتاريخ ٢٤ / ٩/ ١٤١٩ هـ، والتي تقضي فيها المحكمة بعقوبة تعزيرية باعتبارها من الجرائم التعزيرية التي يترك تقدير العقوبة فيها لولي الأمر أو من ينيبه.



الجهة المختصة التي تمثل الدولة في الادعاء أمام القضاء
الجهة المختصة التي تمثل الدولة في الادعاء أمام القضاء هي هيئة التحقيق والإدعاء العام وهو ما نصت عليه المادة السابعة والعشرون من نظام مكافحة غسل الأموال:
تتولى هيئة التحقيق والإدعاء العام التحقيق والإدعاء أمام المحاكم في الجرائم الواردة في هذا النظام .[30]



الآثار الاقتصادية والاجتماعية لهذه الجريمة
جريمة غسل الأموال من الجرائم المالية التي يترتب عليها أثار سلبية متنوعة منها ما يلي:
استقطاعات من الدخل القومي ونزيف للاقتصاد الوطني لصالح الاقتصاديات الخارجية.
زيادة السيولة المحلية بشكل لا يتناسب مع الزيادة في إنتاج السلع والخدمات.
التهرب من سداد الضرائب المباشرة ومن ثم معاناة خزانة الدولة من نقص الإيرادات العامة عن مجمل النفقات العامة.
شراء ذمم رجال الشرطة والقضاء والسياسيين مما يؤدي إلى ضعف كيان الدولة واستشراء خطر جماعات الإجرام المنظم
وفيما يلي أهم تلك الآثار على جهة التفصيل :
الآثار الاقتصادية لجريمة غسل الأموال
· أثر جريمة غسل الأموال على الدخل القومي :
لأنها تؤدي إلى استقطاب الأموال المهربة من الدخل القومي
· تؤثر جريمة غسل الأموال تأثيرا سلبيا" على توزيع الدخل القومي
· تؤدي هذه الجريمة إلى تدفق نقدي نحو الاستهلاك لدى الفئات التي تتسم بعدم الرشد
· تؤثر هذه الجريمة سلبا"على قيمة العملة الوطنية لارتباطها بتهريب الأموال إلى الخارج
· تؤدي هذه الجريمة إلى زيادة معدلات البطالة لأنه يقل الانفاق الاستثماري على المشروعات اللازمة تشغيل الأيدي العاملة
· تؤدي هذه الجريمة إلى زيادة الانفاق على الاستهلاك لان مرتكب هذه الجريمة لا يبذل جهدا في الحصول على الأموال
· تؤدي هذه الجريمة إى انخفاض معدل الإدخار بسبب هروب رأس المال إلى الخارج
· تشويه صورة الأسواق المالية
الآثار الاجتماعية
· البطالة
من جهة أن هروب الأموال إلى الخارج يحرم اقتصاد البلد من جزء من ناتجها القومي الذي يمكن أن تستثمره في مشروعات تشغلها الايدي العاملة الوطنية
· انتشار الأوبئة والأمراض الاجتماعية
وذلك بسبب عدم القدرة على العلاج لعد توافر الاموال المهربة
· تؤدي هذه الجريمة إلى حيلولة تبوء أصحاب الكفاءات مجالات العمل
· هذه الجريمة تجعل مرتكبيها يتحكمون في المراكز الاقتصادية والاجتماعية
· هذه الجريمة تجعل مرتكبيها يتحكمون في مراكز صنع القرار
· تمويل ودعم النزعات الدينية والعرقية[31]

جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة غسل الأموال
قدمت المملكة العربية السعودية في مكافحة غسل الأموال جهودا" عظيمة تتمثل في
· إصدار التشريعات المجرمة لعمليات غسل الأموال
· تركيز جهات أمنية لمتابعة هذه العمليات
في المجال التشريعي
ويتمثل فيما يلي
1- الشريعة الإسلامية.
٢ - اتفاقية الأمم المتحدة لعام ( ١٩٨٨ م) بشأن مكافحة الاتجار غير
المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية.
٣ - التوصيات الأربعين لفرقة العمل للإجراءات المالية المنبثقة عن
قمة الدول السبعة.
1- الشريعة الإسلامية
سياسة الشريعة الإسلامية في مكافحة هذه الظاهرة جاءت
غاية في الحكمة والعظمة، فهي لم تشأ أن تترك مثل هذه الظاهرة حتى
تطرأ على دنيا الناس، ثم تقرر لها عقوبة، فغالباً مالا تؤدي العقوبات إلى
ردع من تأصل الإجرام في نفسه وضميره لذلك فإن الشريعة الإسلامية،
تمثلت سياستها في منع مثل هذه الظواهر المرضية من الظهور أصلاً،
وذلك بأن بينت الأصول والقواعد التي يجب أن ينشأ عليها الفرد المسلم
فجاءت أوامرها ونواهيها وآل تعليماتها لتأخذ بيد المسلم بعيداً عن الجريمة
والإجرام، فهي تربي المسلم على الفضيلة والسلوك القويم، وتبعده عن
الرذيلة والسلوك المنحرف، وهكذا تمثلت سياستها بخصوص هذه الظاهرة.
فإذا كانت هذه الظاهرة - وكما سبق - لا يمكن أن توجد مستقلة غير
ناتجة عن جريمة سبق ارتكابها.
لذلك فقد قررت الشرعية الإسلامية سياستها المنعية بالنسبة للجريمة
المتحصل منها هذه الأموال، ثم قررت العقوبة المناسبة بحسب خطورة
الجرم والآثار المترتبة عليه أو تركت لولي الأمر تقدير هذه العقوبة.[32]

2- اتفاقية الأمم المتحدة لعام ( ١٩٨٨ م) بشأن مكافحة الاتجار غير
المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية.
والتي تم إعداد مشروعها من قبل المجلس الاجتماعي والاقتصادي
للأمم المتحدة، واعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة المنعقدة في فيينا في ٢٥ تشرين الثاني/ نوفمبر - ٢٠ كانون الأول /ديسمبر ١٩٨٨ م.
وصدرت الموافقة عليها بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/ ١٩ )
وتاريخ ١٥ / ٧/ ١٤١٠ هـ
٣ - التوصيات الأربعين لفرقة العمل للإجراءات المالية المنبثقة عن
قمة الدول السبعة.
على أن يكون تطبيقها وفقاً للأنظمة المعمول بها في المملكة العربية
السعودية
في مجال تركيز جهات أمنية لمتابعة هذه العمليات
الأجهزة المعنية بمكافحة عمليات غسل الأموال في المملكة
العربية السعودية متعددة ولكن هناك أجهزة محددة مختصة بمواجهة عمليات غسل
الأموال بالمملكة العربية السعودية وتتمثل هذه الأجهزة في:
١ - الإدارة العامة لمكافحة المخدرات كجهاز شرطي.
والحكمة من مباشرة التحقيق في عمليات الغسل إبتداء من الإدارة العامة لمكافحة المخدرات أن من شأن ذلك أن يحد من جرائم غسل الأموال الناتجة عن تجارة المخدرات.
وقد تم إحداث قسم خاص بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات لغسل الأموال وهو قسم مكافحة غسل الأموال أُدرج ضمن الهيكل التنظيمي للإدارة العامة لمكافحة المخدرات بكل منطقة من مناطق المملكة.[33]
2­- شعبة المراقبة المالية في وزارة الداخلية
وتختص شعبة المراقبة المالية بما يلي:
· تلقي البلاغات.
· الإشراف على عمليات البحث والتحري.
· الإشراف على القبض والتفتيش.
· متابعة المعلومات مع الشعب.
· الإشراف على إجراءات التحقيق.
· إصدار التعاميم المتعلقة بتنظيم العمل.
· إبلاغ التعاميم المتعلقة بغسل الأموال.
· تنفيذ التوصيات الصادرة عن المؤتمرات الدولية بهذا الجانب.
· إعداد وجهة نظر الإدارة فيما يتعلق بموقف المملكة من
الموضوعات التي تدرج في المحافل الدولية التي تتعلق بعمليات
غسل الأموال.
· إيصال واستخدام المعلومات من النهاية الطرفية.
كما تختص شعبة التنسيق المصرفي بما يلي:
· التنسيق بين شعب مكافحة غسل الأموال بالمملكة.
· التنسيق مع مؤسسة النقد العربي السعودي في أعمال اللجان
وإعداد دراسات الحسابات المصرفية.
· التنسيق مع ضباط الاتصال في الدول التي بها مكاتب لإدارة
المخدرات.[34]

3 - المصارف السعودية والجهاز المصرفي السعودي.
وذلك لن جرائم غسل الأموال من الجرائم المصرفية و تضطلع مؤسسة النقد العربي السعودي بدور فاعل في هذا المجال، بحيث توحد الإجراءات المصرفية اللازمة
لمتابعة هذه العمليات، وعدم إفلات أي عملية من المتابعة، وتقوم البنوك
السعودية وكافة المؤسسات المالية بالمملكة بالتنسيق والتعاون فيما بينها
لمتابعة لهذه العمليات[35]
وألزمت مؤسسة النقد العربي السعودي البنوك تبني الدليل الصادر
عنها بشأن مكافحة عمليات غسل الأموال، آما ألزمت المؤسسة البنوك
السعودية بجعل الدليل جزءاً من أنظمتها وإجراءاتها الداخلية بهدف الكشف
عن الأنشطة غير المشروعة ومكافحتها


صلة عقوبة هذه الجريمة بفقه السياسة الشرعية
ما من ريب أن فقه السياسة الشرعية باب واسع للاجتهادات فيما لا نص فيه من كتاب أو سنة وقد أصل فقهاء الإسلام فكرة راسخة في هذا .
يقول أبو العباس ابن تيمية:
(الواجب تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها .
فإذا تعارضت كان تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناهما : هو المشروع )[36].
وبنظرة تحليلية لبنية هذا النقل عن هذا العالم المجتهد نجد أن الشريعة الإسلامية مبناها على الموازنة والمقارنة بين المصالح والمفاسد .
فإذا وجد ولي الأمر مصلحة متحققة أو راجحة في تقنين تنظيم معين فإن له ذلك تمشياً مع القاعدة الفقهية الأصيلة أن تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة ومن هنا جاء سن بعض الأنظمة ومنها نظام مكافحة غسل الأموال إذ أنه من السياسة العادلة الكاملة
يقول ابن القيم [37]رحمه الله تعالى :
( ومن له ذوق في الشريعة واطلاع على كمالاتها وتضمنها لغاية مصالح العباد في المعاش والمعاد ومجيئها بغاية العدل الذي يفصل بين الخلائق وأنه لا عدل فوق عدلها ولا مصلحة فوق ما تضمنته من المصالح : تبين له أن السياسة العادلة جزء من أجزائها وفرع من فروعها وأن من له معرفة بمقاصدها ووضعها وحسن فهمه فيها لم يحتج معها إلى سياسة غيرها البتة)[38] .
ومن خلال تأمل هذا النقل نستطيع الخروج بالنتائج الآتية :
أن عقوبة هذه الجريمة هو جزء من أجزاء السياسة الشرعية العادلة وفرع من فروعها.
أن فقه السياسة الشرعية قائم على تحصيل المصالح وتكميلها ودرء المفاسد أو تقليلها وإجراء أي تعديل في النصوص النظامية والقانونية المتعلقة بهذه الجريمة لا بد أن يحقق هذه الغايات العظيمة .
أن هذه الأنظمة والقوانين ومنها نظام مكافحة غسل الأموال يعتبر أساساً من وضعية التشريع ومنبعها التعمق في مقاصد الدين الإسلامي والاطلاع على كمالاته .
أن الذوق الفقهي المشرع للأنظمة ، ومنها نظام مكافحة غسل الأموال محكوم بمعرفة المقاصد الدينية والغايات الشرعية ومنضبط بإدراك أدوات التفكير العلمي وآليات الاجتهاد الفقهي .
أن السياسة الشرعية تغني عن كافة الأساليب الوضعية والمنهجيات الأرضية التي تفرز الكثير من الأنظمة التي تخضع لكثير من المآخذ .
أنه لا بد من القراءة الموضوعية والمنهجية الاطلاعية للمضامين الفقهية المرنة في أبواب الفقه المتعددة وخاصة في باب السياسة الشرعية .
ويمكن أن يقال :
أن عقوبة جريمة غسل الأموال شأنها شأن كافة العقوبات التعزيرية فهي من الفقه المفوض وليست من الفقه الثابت .


















الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبعد
فهذه هي أهم النتائج والتوصيات التي استخلاصها من هذا البحث
النتائج :
· أن الشريعة الإسلامية كانت ولا زالت سباقة لحماية وصيانة الأموال كسبا" وإنفاقا ومن هذا المنطلق يتبين تحريم غسل الأموال لأن مصدرها خبيث وغير مشروع
· من الـتأصيل الشرعي لجريمة غسل الأموال تبين أنها جريمة تعزيرية توجب عقوبة تعزيرية مناسبة حسب ما يقرره ولي الأمر
· ترتبط جريمة غسل الأموال بالجريمة عموما ولا يقف عند ذلك بل قد يعاد استخدام الأموال المغسولة في جرائم جديدة وهو ما يسمى بإعادة غسل الأموال
· جريمة غسل الأموال جريمة مستقلة وذات طابع اقتصادي فهي من الجرائم المالية العابرة للحدود
· الاتجاه الدولي الحديث في السياسة الجنائية يجرم غسل الأموال المتأتية من التجارة الإجرامية بشتى صورها وأشكالها وفي السلع والخدمات غير المشروعة وبكافة صورها التقليدية والمستحدثة
· هناك علاقة وارتباط بين جريمة غسل الأموال وجرائم غسل الأموال الأخرى

التوصيات
- الارتقاء بمستوى الكوادر المصرفية والأمنية والقضائية التي تعمل في مكافحة جرائم غسل الأموال من خلال برامج تدريبية مشتركة ومتطورة مع الاستفادة بالخبرات المحلية والدولية في هذا الخصوص بما يكفل حسن إعدادهم للقيام بهذه الاختصاصات ومسايرة التطور العالمي في مجالا الائتمان وترسيخ قواعد العمل المهني السليم في هذا المجال.
- ضرورة الإسراع بتجريم عمليات غسل الأموال في تشريعات الدول مع التنسيق بين هذه التشريعات تحقيقًا للفاعلية المنشودة في هذا المجال.
والحمد لله رب العالمين


المراجع
· جرائم غسيل الأموال: المفهوم، الأسباب والآثار الاقتصادية.خالد المشعل بحث منشور في مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية العدد (30) عام 1421هـ
· الاساليب المستحدثة في غسيل الاموال وكيفية التغلب عليها، بحث مقدم في الحلقة العلمية المعنونة بـ ( القواعد التنظيمية لمكافحة المخدرات وغسل الاموال) المنامة – البحرين ( شوال 1425).
· أحكام غسل الأموال - دراسة مقارنة بين نظام مكافحة غسل الأموال السعودي والانظمة والاتفاقيات الدولية
الرسالة التي تقدم بها باحث الدكتوراه عبدالله بن ثنيان الثنيان
· نظام مكافحة غسل الأموال الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/39 في25/6/1424
· جرائم غسيل الاموال
دراسة في ماهية ومخاطر جرائم غسيل الاموال والاتجاهات الدولية لمكافحتها وبيان بخطط المصارف لمواجهة هذه الجرائم
المحامي يونس عرب
· الطرق الحكيمة في السياسة الشرعية لابن قيم الجوزية ص4 ، ط1 ، 1415هـ نشر دار الكتب العلمية بيروت .
· السياسة الشرعية تأليف تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية ص40 طبع ونشر وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد .
· جريمة غسل الأموال
دراسة حول مفهومها ومعوقات التحقيق فيها واشكاليات تنسيق الجهود الدولية لمواجهتها
صقر بن هلال المطيري
· اجراءات التحقيق في جريمة غسل الأموال في المملكة العربية السعودية مشعل بن عبد الله العتيبي
· أثر السرية المصرفية على مكافحة جرائم غسل الأموال
دراسة تأصيلية تطبيقية مقارنة
العتيبي سعود ذياب
· المواجهة الأمنية لعمليات غسل الأموال في المملكة العربية السعودية
دراسة مقارنة
عبد العزيز بن محمد بن ابراهيم العيسى


[1] أثر السرية المصرفية على مكافحة جرائم غسل الأموال دراسة تأصيلية تطبيقية مقارنة إعداد الطالب سعود ذياب العتيبي ص84
[2] نفس المرجع ص 85
[3] البشري، محمد الأمين، دور الشرطة في مكافحة الجريمة الاقتصادية من خلال التحقق من جرائم غسل الأموال، بحث مقدم لمؤتمر الجريمة الاقتصادية في عصر العولمة، شرطة الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، ٢٠٠٢ ، ص ٨.
[4] الخريشة، أمجد سعود قطيفان، جريمة غسل الأموال، دراسة مقارنة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، بيروت،
لبنان، ٢٠٠٦ م، ص ٢٧ .
[5] يقصد بالفقهي الفقه القانوني وليس الشرعي
[6] عبد الخالق، السيد أحمد، الآثار الاقتصادية والاجتماعية لغسل الأموال، مجلة الدراسات القانونية والاقتصادية، كلية الحقوق، جامعة المنصورة، القاهرة، ١٩٩٧ م، ص ٣.
[7] عبد العظيم، حمدي، غسل الأموال جريمة العصر البيضاء، مجلة وجهات نظر الشركة المصرية للنشر العربي والدولي، القاهرة، العدد ( ١٦ ) السنة ( ٢)، ٢٠٠٠ م، ص ٤٤ .
[8] جريمة غسل الأموال دراسة حول مفهومها ومعوقات التحقيق فيها وإشكاليات تنسيق الجهود الدولية لمواجهتها إعداد صقر بن هلال المطيري

[9] قشقوش، هدى حامد، جريمة غل الأموال في نطاق التعاون الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٩٨٨ ، ص ٧.

[10] عصام الترساوي، بحث بعنوان الجديد في موضوع غسل الأموال، مؤتمر الأمم المتحدة التاسع لمنع الجريمة، ١٩٩٥م.
[11] أثر السرية المصرفية على مكافحة جرائم غسل الأموال دراسة تأصيلية تطبيقية مقارنة إعداد الطالب سعود ذياب العتيبي ص 18
[12] شافعي، نادر عبد العزيز، تقديم القاضي، غسان رباح، تبييض الأموال، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، ٢٠٠١ ، ص ١١٣ .
أثر السرية المصرفية على مكافحة جرائم غسل الأموال دراسة تأصيلية تطبيقية مقارنة إعداد الطالب سعود ذياب العتيبي ص 103
[14] نظام مكافحة غسل الأموال الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/39 في25/6/1424
[15]نظام مكافحة التزوير الصادر بالمرسوم الملكي رقم (114)في 26/11/1380هـ
[16] جرائم غسيل الأموال المحامي يونس عرب دراسة في ماهية ومخاطر جرائم غسيل الأموال والاتجاهات الدولية لمكافحتها وبيان بخطط المصارف لمواجهة هذه الجرائم
[17] الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب ص2
[18] المادة الأولى من نظام مكافحة غسل الأموال
[19] المادة الثانية من نظام مكافحة غسل الأموال
[20] المادة السابعة من نظام مكافحة غسل الأموال
[21] منير، مصطفى، جرائم إساءة استعمال السلطة الاقتصادية، رسالة دكتوراه (غير منشورة)، كلية الحقوق،
جامعة القاهرة، ١٩٨٩ م، ص ٣٣٧ .
[22] التوصيات الأربعون الصادرة عن مجموعة العمل المالية .(FATF
[23] اللائحة التنفيذية، الصادرة بتاريخ ١/ ٨/ ١٤٢٦ ه، انظر المادة السادسة عشر.
[24] اللائحة التنفيذية، الصادرة بتاريخ ١/ ٨/ ١٤٢٦ ه، انظر المادة السابعة عشر
[25] اللائحة التنفيذية، الصادرة بتاريخ ١/ ٨/ ١٤٢٦ ه، انظر المادة التاسعة عشر
[26] اللائحة التنفيذية، الصادرة بتاريخ ١/ ٨/ ١٤٢٦ ه، انظر المادة العشرين
[27] اللائحة التنفيذية، الصادرة بتاريخ ١/ ٨/ ١٤٢٦ ه، انظر المادة الحادية والعشرين
[28] أثر السرية المصرفية على مكافحة جرائم غسل الأموال دراسة تأصيلية تطبيقية مقارنة إعداد الطالب سعود ذياب العتيبي ص 126

[29] المادة السادسة و العشرون من نظام مكافحة غسل الأموال
[30] المادة السابعة والعشرون من نظام مكافحة غسل الأموال
[31] المواجهة الأمنية لعمليات غسل الأموال في المملكة العربية السعودية دراسة مقارنة إعداد عبد العزيز محمد إبراهيم العيسى ص 55/56
[32] المواجهة الأمنية لعمليات غسل الأموال ص 123
[33] المواجهة الأمنية لجرائم غسل الأموال 133
[34] المواجهة الأمنية لجرائم غسل الأموال 135
[35] المواجهة الأمنية لجرائم غسل الأموال 140
1- السياسة الشرعية تأليف تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية ص40 طبع ونشر وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد .
1- هو أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي ثم الدمشقي الحنبلي من فقهاء الحنابلة وأصوليهم ومجتهديهم البارزين وكان إلى جانب ذلك مفسراً ومتكلماً ونحوياً ومحدثاً ومشاركاً في علوم كثيرة . لازم الإمام ابن تيمية وأخذ عنه وسجن معه في قلعة دمشق توفي سنة 751هـ ودفن في سفح جبل قاسيون بدمشق .
من مؤلفاته :
(أعلام الموقعين عن رب العالمين ) و ( زاد المعاد في هدي خير العباد ) و ( إغاثة اللهفان من مكايد الشيطان ) و ( الطرق الحكمية ) وكتبه كثيرة تعد بالمئات .
راجع ترجمته :
1- الذيل على طبقات الحنابلة ( 2/447 ) .
2- والدرر الكامنة ( 5/137 ) .
3- وشذرات الذهب ( 6/168 ) .
4- ومعجم المؤلفين ( 9/106 ) .
2- الطرق الحكيمة في السياسة الشرعية لابن قيم الجوزية ص4 ، ط1 ، 1415هـ نشر دار الكتب العلمية بيروت .

النظرية العامة للمسؤولية

المسئوليـة عـن الأعمـال الشخصيـة
(النظرية العامة للمسئــولية المدنية )
إعداد
سامي بن فهد بن عبد العزيز العقيلي
برنامج الدكتوراه قسم السياسة الشرعية










المسئوليـة عـن الأعمـال الشخصيـة
(النظرية العامة للمسئــولية المدنية)
اعداد
سامي بن فهد العقيلي
قسم الدكتوراة في السياسة الشرعية























عرض تفصيلي



مصــادر
الالتــزام


المصادر
غير الارادية للالتــزام


المصــادر
الاراديــة
للالتــزام



الارادة
المنفردة





العـقــد



القانــون

الفـعــل النافـــع
(الاثراء بلا سبب على حســاب الغيــــر)


الفعـل
الضار


الفضالــة


تسلــم
غيـــر المستحق

الضمان






المسئولية المدنيـــة


المسئولية عــن االأشياء


المسئولية
عن فعل الغيـــر

المسئولية
عــن الأعمال الشخصية
مسئولية متولي الرقابة
مسئولية المتبوع عن عمل التابـــع

مسئوليـــة شاغـــــل المكان


ضمان الدولة


ضمان المباشر
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا ..من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه
وعلى آله وصحبه أجمعين
المقدمة
فهذا عرض ملخص عن المسئوليـة عـن الأعمـال الشخصيـة
(النظرية العامة للمسئــولية المدنية) تتعلق بجزئية منه تتصل بالخطأ و
الضرر وعلاقة السببية هي في الأساس دراسة مقدمة من الدكتورة
د. مشاعــل عبد العزيــز الهاجــري
في كتابها
الالتزامــات المدنيــة و الإثبــات
LECTURE HANDOUT
المدخل :
من المعلوم أن الفقهاء المسلمين لم يدرسوا النظم القانونية وخصوصا المسؤولية، على شكل نظريات، كما هو موجود في القوانين الوضعية، وإنما هم وضعوا الحلول الجزئية للمشكلات المعروضة، وصاغوا الفقه على أساس تلك الفرعيات تخريجا على أصول مذاهب أئمتهم ولهذا فأحكام المسؤولية في الفقه الإسلامي متفرقة في عدة أبواب مثل باب الجنايات، الغصب، الإتلاف، الديات وغير ذلك
وإن للفقه الإسلامي نظرة متميزة في مجال المسؤولية عن الأفعال الضارة بصفة عامة، وهو يقيم هذه المسؤولية على أساس الإضرار وليس الخطأ فلنحرر عنصر الخطأ ومفهومه




عنصر الخطأ
مدخل
المتأمل في هذا الباب يلاحظ جملة من الملاحظات الأولية وهي :

· القواعد العامة التي تنظم المسئوليـة عـن الأعمـال الشخصيـة تمثل الاطار العام لنظرية المسئولية المدنية ككل. مما يعني ان هذه القواعد واجبة التطبيق في جميع حالات، الا اذا أفرد المشرع أحكاماً خاصة، انطلاقاً من قاعدة أن "الخاص يقيد العام
· أركان المسئوليـة عـن الأعمـال الشخصيـة:
1. الخطأ
2. الضرر
3. علاقة السببية
الخـطــــــــأ
مفهوم الخطأ

· لم يعرفه المشرع حتى يبقي على عنصر المرونة. الا أنه يعرف عادة بأنه انحراف عن السلوك المعتاد الذي يلتزم به الشخص العادي من الحيطة و التبصر و الحذر.
· الخطأ يشمل:
o كل فعل ضار
o مجرد الاضرار بالغير
o اخلال بواجب قانوني سابق (واجب الحيطة)
o عدم اتيان ما يجب اتيانه، أو اتيان ما يجب الامتناع عنه.
أركان الخطأ

1. الركن المادي: التعدي غير المشروع
2. الركن المعنوي: التمييز
الركن الأول: العنصر المادي: التعدي غير المشروع
1. الواجبات المنصوص عليها في القوانين ينبغي الامتثال لها، و الا كان التصرف يشكل خطاً يرتب المسئولية المدنية.
2. الواجبات القانونية التي لم يرد بها نصوص ينبغي الالتزام بالواجب العام بعدم الاضرار بالغير. النتائج:
o هذا الالتزام يتطلب أخذ دواعي الحيطة و الحذر لعدم الاضرار بالغير.
o المعيار: سلوك الشخص المعتاد.
معيار الشخص المعتاد
· الشخص المعتاد هو شخص افتراضي يمثل أواسط الناس و غالبيتهم، و الذي يقوم عادة بالأعمال المتوقعة منهم
· يمكن ان يكون الشخص المعتاد "نسبياً"، أي أن يمثل فئة أو طائفة معينة من المجتمع .
بأي من ظروف الشخص المعتاد نعتد عند تقييم مسلكه؟
· عند تقييم التصرف لتحديد ما اذا كان خطاً أم لا هنالك خيارين:
a. الظروف الداخلية / الشخصية (ملتصقة بالشخص نفسه) ï لا يعتد بها.
b. الظروف الخارجية / الموضوعية (خارجة عن الشخص نفسه) ï يعتد بها.
الركن الثاني: العنصر المعنوي: الاسناد (الادراك / التمييز)
· حتي ينسب الخطأ لشخص ما، لا بد أن أن تكون هناك ارادة، أي قدرة على التمييز بين الخير و الشر، و يسمى هذا الشرط المعنوي بركن الاسناد (أي اسناد التعدي لمن صدر منه).
· المشكلة في ركن الاسناد:
o يؤدي الى عدم حصول المضرور على التعويض اذا صدر الخطأ عن عديم الارادة.
o يربط المسئولية المدنية بفكرة الاثم و التقصير لا بالضرر
o يغفل أهمية المسئولية الموضوعية
· موقف القانون لا يتطلب الركن المعنوي لقيام المسئولية المدنية، اذاً الشخص غير المميز يساءل في حال ارتكابه للخطأ.

تطبيقات للخطأ

أولاً: تطبيقات تشريعية للخطأ
· التعسف في استعمال الحق
يتحقق التعسف في استعمال الحق اذا انحرف صاحب الحق به عن وظيفته الاجتماعية، فيتحقق الخطأ.
ثانياً: تطبيقات تشريعية لانعدام الخطأ
ثلاث حالات لا يتحقق معها الخطأ و لو أدى التصرف للاضرار بالغير فعلاًً، و هي:
1. حالة الدفاع الشرعي – الشروط:
a. ان يكون هناك خطر حال.
b. أن يكون مصدر الخطر غير مشروع .
c. عدم تجاوز القدر الضروري لدفع الأذى.
2. حالة الضرورة – الشروط:
a. وجود خطر جسيم محدق يتهدد الشخص أو غيره في النفس أو المال:
b. ألا يكون لمحدث الضرر يد في الخطر المراد تفاديه.
c. ان يكون الضرر الذي اضطر الشخص لايقاعه متعلقاً بالمال لا بالنفس.

3. تنفيذ الموظف العام أمر صادر اليه من رئيسه – الشروط:
a. الفعل الضار صادر عن موظف عام يعمل لدى الحكومة / أحد أشخاص القانون العام.
b. أن يقوم الموظف بالعمل تنفيذاً لأوامر القانون / رئيس هو ملتزم بطاعته / يعتقد (لمبررات معقولة) أنه ملتزم بطاعته.
c. أن يثبت الموظف أن عند قيامه بالعمل راعى جانب الحيطة والحذر + بذل جهده لمنع وقوع الضرر / التقليل من أثر الضرر.
الـضـــــرر
مفهوم الضرر

· الضرر هو كل أذى / خسارة تقع على الشخص في جسده، ماله، أو اعتباره ، سواء تحققت الخسارة كنتيجة للاعتداء على حقٍ للمضرور أو مصلحةٍ مشروعةٍ له.
أوجه الضرر

1. الضرر المادي:
a. الضرر الجسدي / البدني
b. ضرر مالي
2. الضرر الأدبي / المعنوي:
الضرر الموجب للتعويض

· الضرر الموجب للتعويض هو الذي يترتب عليه المساس ب:
o حق من حقوق المضرور)
o مصلحة مشروعة يحميها القانون
صور الضرر

1. الأذى / الخسارة الايجابية ß الخسارة التي لحقت بالمضرور
2. الأذى / الخسارة السلبية ß الكسب الذي فات المضرور + فوات الفرصة
شروط الضرر الموجب للتعويض
1. وجوب كون الضرر مباشراً (شرط المباشرة)
· يكون الضرر مباشراً اذا كان نتيجة حتمية / طبيعية للعمل غير المشروع (الخطأ).
· الضرر المباشر يعوض سواء كان متوقعاً أم غير متوقع.
2. وجوب كون الضرر محققاً (شرط التحقق)
a. الضرر الحال
o هو الضرر الواقع فعلاً
o يسهل تقديره وقت نظر الدعوى، و يستحق التعويض.
b. الضرر المستقبلي
o هو ضرر لم يقع بعد، الا ان وقوعه مستقبلاً هو أمر مؤكد.
o قد يصعب تقديره وقت نظر الدعوى، فيقرر القاضي استحقاقه من حيث المبدأ بالحكم بتعويض مؤقت، مع حفظ حق المضرور في اعادة تقدير قيمة التعويض الى حين تحقق عناصر هذا التقدير.
c. الضرر الاحتمالي
o هو ضرر يحتمل وقوعه / عدم وقوعه (غير مؤكد).
o كلما كان الكسب احتمالياً ً/ كانت الخسارة احتمالية، كان الضرر بدوره احتمالياً لا يقبل التعويض.
o لا تعويض عليه، بل يجب الانتظار لحين تحققه فعلاً حتى يمكن القول باستحقاق المضرور للتعويض.
d. تفويت الفرصة
o القاعدة ß الحرمان من الكسب الاحتمالي يعتبر ضرراً احتمالياً و ليس محققاً، فلا يستحق التعويض (كما تقدم).
و لكن ß الحرمان من فرصة تحقيق هذا الكسب هو بحد ذاته ضرر محقق واجب التعويض .
الضرر يتمثل في مجرد تفويت الفرصة، و ليس بنتيجتها (فنتيجتها غير مؤكدة).
o ينبغي أن يكون تحقيق الكسب المأمول أمراً وارداً فعلاً، أي محتملاً، و ليس مجرد فرض نظري.
3. الاعتداء على مصلحة مشروعة للمضرور (شرط المشروعية)
· لا بد أن يقع الضرر على مصلحة مشروعة للمضرور (المقصود هو مشروعية المصالح التي تم الاعتداء عليها).
· لا يتحقق الضرر الموجب للتعويض اذا كانت المصلحة المعتدى عليها غير مشروعة، بأن كانت غير أخلاقية / مخالفة للنظام العام والآداب.
عبء اثبات الضرر
· عبء اثبات الضرر يقع على المضرور.
· للمضرور اثبات الضرر بكافة طرق الاثبات.





عـلاقــــة السـببيــــة
مفهوم السببية
· هي وجود ارتباط نسبي بين ركني المسئولية، الخطأ و الضرر، بأن يكون الضرر قد تولد عن الخطأ.
· أهميتها:
o السببية ركن لقيام المسئولية
o السببية معيار لقدر التعويض المستحق للمضرور
المشكلة الأولى في السببية: تعدد الأسباب
· اشكال الارتباط النسبي بين الخطا و الضرر لا يمكن دائماً الوقوف عليه بسهولة، اذ أن الضرر قد لا يرجع الى سبب واحد بل الى عدة أسباب
· النظريات الفقهية:
1. نظرية تعادل الأسباب
· فحوى النظرية ß اذا تدخل اكثر من سبب في احداث الضرر، فانه يعتد بكل من هذه الاسباب (اذا جميعها متكافئة من حيث الأثر المنسوب اليها). أي أنه اذا تعددت العوامل المؤدية الى الضرر فانها جميعها تكون متعادلة في تحملها عبء مسئولية احداث الضرر، ما دامت ضرورية لوقوعه.

· تقييم النظرية:
o الميزة ß تسهيل عبء الاثبات على المضرور.
o النقد ß عدم الدقة، فدور العوامل المشتركة في احداث الضرر قد يتفاوت من عامل لآخر، اذاً ينبغي التفرقة بين أثر كل منها.
2. نظرية السببية الفعالة (السبب المنتج / الفعال)
· فحوى النظرية ß اذا تدخل اكثر من سبب في احداث الضرر، فانه ينبغي التمييز بينها و استخراج السبب / الأسباب التي يمكنها أحداث الضرر وفقاً للمجرى المعتاد للأمور، فتقوم مع هذا السبب علاقة السببية بين الخطأ و الضرر.
تعدد الأسباب X تعدد الأخطاء
· تعدد الأسباب ßالسبب المعتد به في توافر علاقة السببية هو السبب المنتج أو الفعال (كما تقدم).
· تعدد الأخطاء ß توزع المسئولية بحسب نسبة كل شخص في احداث الضرر. الا انه يمكن للمضرور الرجوع على أي منهم أو عليهم جميعاً، فالتضامن هنا مفروض بنص القانون.
المشكلة الثانية في السببية: تسلسل الأضرار
· في حالة ما ذا وقع ضرر واحد ثم تبعته أضرار متسلسلة أخرى فينبغي التمييز بين الآتي:
o الضرر المباشر( وفق المفهوم المذكور آنفاً) ï هو فقط ما يمكن التعويض عنه.
o الضرر غير المباشر ï لا يعوض.
نفي علاقة السببية
· لاقامة دعوى المسئولية التقصيرية:
o المدعي ß عليه اثبات توافر الخطأ + الضرر + علاقة السببية.
o المدعي عليه ß يستطيع نفى علاقة السببية، باثبات:
1. أن خطئه لم ينتج الضرر، أي بالتدليل على عدم وجود علاقة بين خطئه و الضرر الواقع على المدعي.
2. أن خطئه رغم أنه ساهم في ايقاع الضرر، الا أنه لم يكن السبب المنتج (الفعال).
3. اثبات السبب الأجنبي الحقيقي للضرر (يناقش قيما يلي في عنوان مستقل).
السبب الأجنبي النافي لعلاقة السببية بين الخطا والضرر
· السبب الأجنبي ß هو كل فعل / واقعة غير متوقعة + غير ممكنة الدفع تسببت في احداث الضرر، و لا يمكن اسنادها الى المدعي عليه.
· شروط المطلوبة في السبب الأجنبي :
1. السببية ß توافر علاقة السببية بين السبب الأجنبي و الضرر.
2. الخارجية ß أن يكون أجنبياً عن المدعى عليه.
3. عدم امكان الدفع والتوقع ß الا يكون هناك ما ينبئ باحتمال وقوعه، و الا يمون بالمكان تفاديه و تجنب آثاره.
4. السببية ß توافر علاقة السببية بين السبب الأجنبي و الضرر.
· صور السبب الأجنبي :
1. القوة القاهرة أو الحادث الفجائي ï اصطلاحان مترادفان، يقصد بهما الحادث الذي يستحيل دفعه (عواصف / زلازل / فيضانات / حروب).

2. فعل المضرور ï هو الفعل الصادر عن المضرور (سواء كان فعلاً خاطئاُ / غير خاطئ)، و الذي يرجع اليه ما أصابه من ضرر (مثال: قبوله للمخاطر / علمه بها، على أن يكون هذا القبول / العلم بمثابة خطأ منه).
o اذا اجتمع خطأ المضرور مع خطأ المسئول تعين معرفة ما اذا كان مستقلين عن بعضهما او ما اذا كان احدهما يستغرق الآخر.

3. فعل الغير ï الفعل الذي يسند اليه وقوع الضرر، و الصادرمن شخص آخر عدا الشخص المسئول والشخص المضرور.
o لا يشترط في فعل الغير أن يكون فعلاً خاطئاً.
o اذا اجتمع خطأ المضرور مع خطا المسئول تعين معرفة ما اذا كان مستقلين عن بعضهما او ما اذا كان احدهما يستغرق الآخر.
حالة تعدد المسئولين
تتعدد صور المسؤوليات وقد يتعدد المسؤولين في الصورة الواحدة
مفهوم التعويض
· المقصود بالتعويض ß هو جبر الضرر الذي لجق بالمضرور، بهدف اعادة التوازن الى العلاقة بين المضرور و من ينسب اليه الضرر.
· مناط التعويض ß تحقق الضرر.
صور التعويض
· الأصل - التعويض التقدي ß تقدير الضرر اللاحق بمبلغ من النقود.
· استثناءً - التعويض العيني ß الحكم باعادة الحال الى ماكانت عليه قبل وقوع الضرر، و يكون بناء على طلب المضرور فقط.
التعويض القضائي
· التعويض القضائي ß هو التعويض الذي يتم تقديره بمعرفة القاضي.
· قواعد تقدير القضائي للضرر تختلف باختلاف أنواع الضرر (ضرر جسدي / ضرر مالي / ضرر أدبي).
المبادئ العامة المنظمة لتقدير التعويض القضائي
· التقدير الموضوعي للتعويض ß تقدير التعويض و تحديد قيمته / مداه يتوقف على حجم الضرر فقط.

· التقدير الواقعي للضرر ß بخلاف التعويض، ينبغي تقدير الضرر تقديراً شخصياً واقعياً.

· مبدأ التعويض الكامل ß يجب أن يكون التعويض شاملاً: يغطي جميع عناصر الضرر الواقع على المضرور.
ß يجب أن يكون التعويض مانعاً: لا يشمل الأضرار الغير مستوجبة للتعويض، فلا يمنح المضرور تعويضاً أكبر من المستحق له.

· مبدأ التعويض العادل ß اذا كان الأصل هو وجوب كون التعويض كاملاً، فان هناك حالات يتعذر فيها ذلك، و يكتفى معها بمنح المضرور تعويضاً عادلاً وفقاً لظروف كل حالة.

· اعادة النظر في تقدير التعويض ß الأصل: تقدير التعويض على أساس قدر الضرر + قيمته يوم النطق بالحكم.
ß ولكن: للقاضي أن يحدد مدةً يكون للمضرور خلالها طلب اعادة النظر بقيمة التعويض.
· التعويض المؤقت ß يمكن للقاضي، أثناء نظر الدعوى و قبل صدور الحكم، أن يحكم بنفقة مؤقتة تدفع من قبل المسئول الى المضرور، و ذلك من خصماً من حساب التعويض النهائي.
· دعوى التعويض (دعوى المسئولية) ß :
1. تسقط دعوى المسئولية عن العمل غير المشروع بمضي مدة منصوص عليها نظاما من يوم علم المضرور بالضرر وبمن يسأل عنه
2. على أنه إذا كانت دعوى المسئولية عن العمل غير المشروع ناشئة عن جريمة فإنها لا تسقط ما بقيت الدعوى الجنائية قائمة ، ولو كانت المواعيد قد انقضت.
التعويض الاتفاقي
· التعويض الاتفاقي ß هو التعويض الذي يتم بالاتفاق بين المضرور و المسئول عن الضرر.
· نطاق الاتفاق ß الاتفاق على نوع التعويض / قدره / طريقة الوفاء به .
· الاعفاء من التعويض ßيرتبط جوازه بتوقيته:
o قبل قيام المسئولية ï يبطل الاتفاق على الاعفاء الجزئي و الكلي من التعويض. الأسباب:
o بعد قيام المسئولية ï يجوز الاتفاق على الاعفاء الجزئي / الكلي من التعويض (لثبوت حق المضرور بالتعويض).
التعويض القانوني
· الاصل ß يقدر التعويض من قبل القاضي.
· و لكن ß هناك حالات يتدخل فيها المشرع لتحديد مقدار التعويض.
· تطبيق للتعويض القانوني - التعويض عن أذى النفس:
· قواعد الدية الشرعية ß تطبق في الأحوال التي يؤدي فيها الضرر الى:
o الوفاة
o فقد أو تعطيل عضو أو أكثر من جسد الانسان

· وحدة الدية عن أذى النفس ß لا يختلف مقدار الدية من شخص لآخر، و انما يكون مقدارها موحداً للاصابة الواحدة لكونها ترد على جسم الانسان (و هو قيمة مطلقة يتساوى بها الجميع).
· مقدار الدية عن أذى النفس ß حدد المشرع الدية الكاملة بعشرة آلاف دينار.
ß تتجزأ الدية في حالة الاصابة فيما دون النفس.

· انتقال الدية الى الورثة ß إذا استحقت الدية عن فقد النفس ، يتقاسمها الورثة وفقاً للأنصبة الشرعية
· عدم دخول الدية في الضمان العام للدائنين ß تفرقة:
o قبل دفع الدية ï حظر المشرع على دائني المضرور استيفاء ديونهم منها.
o بعد دفع الدية ï يجوز لدائني المضرور استيفاء ديونهم منها


















الخاتمة

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد :
فهذه أهم النتائج التي توصلت اليها من خلال النظر في هذه الدراسة وهي :
· إن للفقه الإسلامي نظرة متميزة في مجال المسؤولية عن الأفعال الضارة بصفة عامة، وهو يقيم هذه المسؤولية على أساس الإضرار وليس الخطأ، ولذا فإننا نجد أن عديم التمييز يسال عن تعويض الأضرار التي يحدثها للآخرين سواء كان مباشرا أو متسببا.
· إن القاعدة العامة للمسؤولية عن الأفعال الشخصية تقوم على الخطأ بعنصرية المادي والمعنوي (فضلا عن الضرر وعلاقة السببية)
· إذا وقع الضرر من شخص غير مميز، ولم يكن هناك من هو مسؤول عنه أو تعذر الحصول على تعويض من المسؤول، جاز للقاضي أن يلزم من وقع منه الضرر بتعويض عادل مراعيا في ذلك مركز الخصوم. يتضح من هذا أنه يقرر مسؤولية عديم التمييز ولكن بمواصفات معينة أولها أنها مسؤولية استثنائية إذ وردت على خلاف القاعدة العامة التي تقتضي بعدم مسؤولية عديم التمييز. وهي أيضا مسؤولية احتياطية أي أن القاضي لا يلجأ إليها إلا في حالة عدم وجود شخص آخر يمكن الرجوع عليه، أو كان موجودا ولكنه معسر ومن ثم لا يمكن أخذ التعويض منه.
· الفارق الجوهري بين المباشرة والمتسبب، أن الفعل في حالة المباشرة يؤدي إلى النتيجة دونما واسطة أي بشكل مباشر، بينما في حالة التسبب تكون هناك واسطة بين الفعل والنتيجة أي تشترك معه عوامل أخرى في إحداث الضرر
· من المعلوم أن الفقهاء المسلمين لم يدرسوا النظم القانونية وخصوصا المسؤولية، على شكل نظريات، كما هو موجود في القوانين الوضعية، وإنما هم وضعوا الحلول الجزئية للمشكلات المعروضة، وصاغوا الفقه على أساس تلك الفرعيات تخريجا على اصول مذاهب أئمتهم ولهذا فأحكام المسؤولية في الفقه الإسلامي متفرقة في عدة أبواب مثل باب الجنايات، الغصب، الإتلاف، الديات وغير ذلك

بعض المراجع المفيدة ذات العلاقة
· باللغة العربية:
1. ابراهيم الدسوقي أبو الليل، المسئولية المدنية والاثراء بلا سبب، ط 2 (الكويت: مؤسسة دار الكتب، 1995)
2. عاطف النقيب، النظرية العامة للمسئولية الناشئة عن الفعل الشخصي: الخطأ و الضرر، ط 3 (بيروت: منشورات عويدات، 1984).
3. عبد الحي حجازي، النظرية العامة للالتزام وفقاً للقانون الكويتي، الجزء الأول: المصادر الإرادية (جامعة الكويت، الكويت، 1982 ).
4. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني،1: نظرية الالتزام، المجلد الأول: العقد، ط 3 (القاهرة: دار النهضة العربية، 1981 ).
5. محمد شتا أبو سعد، الخطأ المشترك (القاهرة: دار الفكر الجامعي، بدون تاريخ).
6. محمد شتا أبو سعد، الخطأ المشترك.

وسائل التحقيق الحديثة وحجيتها في الاثبات

وسائل التحقيق المستحدثة وأثرها في الإثبات
دراسة موضوعية لوسائل التحقيق الحديثة من حيث المفهوم وأثرها في الإثبات
إعداد
سامي بن فهد العقيلي
برنامج الدكتوراه في قسم السياسة الشرعية للعام 1429/1430






بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا ..
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ،
وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه
وعلى آله وصحبه أجمعين
المدخل :
لما كانت الأحكام القضائية وفروعها ومآخذها على وجه الخصوص محض إطلاقات وعموميات تتناول أنواعا" من الوقائع القضائية لا تنحصر كما " وكيفا"،وهي لا تقوم إلا معيّنة مشخّصة ولكل معيّن منها خصوصية ليست في غيره .
وهذا التعيين ليس معتبرا" في آحاد الأحكام بإطلاق ولا مطردا" بإطلاق
فحينا" هذا وحينا" ذاك وحينا" يأخذ من كل طرف بجهة .
ثم لا تبقى صورة أو قضية إلا وهي مشمولة بالإنتاج القضائي الذي يعرض للجرائم الثابتة والجرائم المفوضة ( التعزيرية) واكب ذلك وسائل مستحدثة للتحقيق الجنائي تختلف عن الوسائل التقليدية في التحقيق الجنائي
وقد أحدث استخدام التقنية الحديثة ثورة علمية في مجال الإثبات الجنائي
ولما كانت الآراء المتعلقة بهذه المسألة غير واضحة ولمعرفة ذلك
وجب الوقوف عليها واستقصاء آراء العلماء فيها ، فكان من المناسب إعداد مثل هذه البحوث المتعلقة بتلك الوسائل التي يبقى باب الاجتهاد فيها مفتوحا" يختلف باختلاف الوسائل وجدتها، والشكر بعد شكر الله لفضيلة شيخنا الدكتور ناصر الجوفان على إتاحة هذه الفرصة للدراسة والتحليل فجزاه الله عنا خيرا"

صعوبات البحث
وهنا لابد أن أسجل أن هناك صعوبات واجهتني في اعداد هذا البحث ومن أهمها
قلة المصادر التي تكلمت عن الموضوع في إطار التنظير القانوني المعمق
هناك بعض الأبحاث التي تناولت شي من وسائل التحقيق على جهة التفصيل والاستيعاب الفقهي مثل الدراسة المقدمة من الدكتور بندر بن فهد السويلم بعنوان (البصمة الوراثية وأثرها في النسب ) لكنها في الإطار القانوني لم تتعرض له بالدراسة والتحليل إلا النزر اليسير
وتشكل وسائل التحقيق الحديثة أهمية بالغة من جهة استخدامها للأساليب التي توظف التقنية وتستفيد منها ولا تعتد على ما يقوم به المحقق فحسب بل تتعداه لكل وسيلة تقنية تساعد على الوصول للأهداف المقصودة من التحقيق
المفهوم :
هناك مدلول باعتبار الإفراد وآخر باعتبار التركيب
الاعتبار الافرادي
الوسيلة :
جاء ذكر الوسيلة في كتب العربية كثيرا" كلها تنصب على مفهوم الذريعة
فقد جاء في لسان العرب ما نصه :
(الوسيلة :المَنْزِلة عند المَلِك.و الوسيلة الدَّرَجة.والوسيلة القُرْبة.)[1]
ومن هنا يمكن الوصول إلى بعض المرئيات المتعلقة بهذا الخصوص
أن كلمة الوسائل عرفت من القديم فقد عرفها الفقهاء في تقعيداتهم كما ورد في القاعدة المعروفة ( الوسائل لها حكم المقاصد) كما عرفها شراح الأنظمة والقانونين على حد سواء
أن هذه المفردة على قدمها لكن بتطور الوقت أخذت مفهوما" آخر يتعلق بالآليات والأساليب المعاصرة
ويمكن أن تلخص الوسيلة بأنها كل ما يتوسل به إلى أمر آخر
وقريب منه التعريف الاصطلاحي لمفردة ( الوسائل )
ويمكن تعريفها بأنها
( كل فعل لا يقصد لذاته ولكن يقصد للتوصل به إلى فعل آخر أو لتحصيل فعل آخر سواء كان هذا الفعل مصلحة أو مفسدة وسواء كان مشروعا" أو ممنوعا")[2]
وأما التحقيق
فهو في اللغة كما ذكره صاحب (الصّحّاح في اللغة)
( حقق الحَقُّ: خلاف الباطل.والحَقُّ: واحد الحُقوقِ.والحَقَّةُ أخصّ منه.)[3]
وأما التحقيق بالاعتبار الاصطلاحي فقد عرفها بعضهم بأنها
( السبل الموصلة لمعرفة الجاني في جناية ارتكبت أو شرع فيها وظروف ارتكابها بوسائل مشروعة من قبل جهة مختصة )[4]
وفي تقديري أن هذا التعريف مأخوذ بعدد من الملاحظات ومنها:
· أغفل التعريف ذكر الوسائل الموصلة لمعرفة الجناة في الجنح
· إدخال معرفة ظروف الجريمة أمر زائد لا علاقة له بصلب المفهوم
· ارتكاب الجريمة بوسائل مشروعة قيد ينطبق على جريمة غسل الأموال أكثر من انطباقه على وسائل التحقيق
التعريف المختار
أقرب ما يمكن تعريف وسائل التحقيق به هو أن يقال
وسائل التحقيق طرق وآليات معرفة من يقوم بالأفعال الجرمية
الضابط في استخدام الوسائل الحديثة في مجال التحقيق الجنائي
قبل الشروع في تعداد وسائل التحقيق الحديثة ومدى حجيتها في الإثبات لا بد من التنبيه إلى قاعدة عظيم وأصل عظيم ينبغي استحضاره ألا وهو احترام خصوصيات الناس
يركز هذا الضابط على عدم جواز مساس الوسيلة المستخدمة في هذا المجال بحياة الأفراد وخصوصياتهم أو انتهاك حقوقهم المادية والمعنوية إلا في حدود شرعية وضوابط مصلحيه [5] لأنها من الضروريات التي جاءت الشريعة بحفظها
يقول الإمام الشاطبي :
(والحفظ لها – يعني الضروريات – يكون بأمرين :
1- ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود
2- ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب العدم ……
والجنايات ترجع إلى حفظ الجميع من جانب العدم )[6]
الوسائل الحديثة المستخدمة في التحقيق الجنائي
مفهومها
يراد بها الأساليب والآليات التي تستخدم فيها التقنية المعاصرة ولا تقف على ما يفعله المحقق ويقوم به في حال الاستجواب التقليدي
شروط استخدامها
· أن يأذن ولي الأمر أو من يقوم مقامه باستخدامها
· أن يتدرج المحقق في استخدامها
وهذه الوسائل الحديثة كبيرة الفائدة والتأثير كما أن بعضها ليس محصورا" في نطاق محدد أو في مجال ضيق
تطور وسائل التحقيق والبحث الجنائي
شهدت وسائل التحقيق والبحث الجنائي تطورا كبيرا" وملحوظا" حيث كانت في السابق تفتقد الوسائل والتقنيات الحديثة في كشف الجرائم .
فقد كانت وسيلة التحقيق الوحيدة هي التعذيب بكافة صوره
ثم تطور الوضع إلى الأخذ بالأدلة الشرعية والاعتماد عليها فأصبح التحقيق يقوم على مبادئ وقواعد شرعية وقانونية
مدى حجية هذه الوسائل في التحقيق الجنائي على جهة العموم
الأصل العام هو جواز استعمال هذه الوسائل في التحقيق الجنائي من الناحية الشرعية إلا أن هذه الوسائل لا يعتمد عليها بمفردها في إثبات الجرائم وذلك للاحتمالات الواردة عليه كالتلفيق والتزوير فإنه وارد في الوسائل البصرية وهو ما يسمى (بالدبلجة) وأيضا" في وسائل المعلوماتية وكما أن التقليد وارد في الوسائل السمعية وكذا الحذف والنقل عليه وهو ما يسمى (المونتاج)
إلا أنها تعتبر هذه الوسائل قرينة قوية على ارتكاب الجريمة
ومن الصعوبة بمكان ذكر هذه الوسائل على جهة الحصر لأنها متجددة ولا يمكن استقصاؤها مثلها مثل كافة القرائن المعاصرة التي تقوم على أساس أسلوب الاستشارات الفنية والبحوث والخبرة في مجال الإثبات والبحث الجنائي ومنها ما يلي :
التحقيق باستخدام البصمات
تعتبر البصمات إحدى الوسائل الفنية التي يعتمدها المجال الجنائي بغية
التوصل إلى تحديد شخص المجرم من خلال البحث عن صاحب البصمات أو
المقارنة مع بصمات المشتبه به ، والبصمة هي دليل مادي يمكن للمحقق
الحصول عليه من المشتبه به إذ لا يمس في الواقع بأي حق خاص من حقوقه[7]
ونظرًا لاعتبار أن البصمات من الأدلة الحديثة لذا لم يتعرض لها علماء
وفقهاء المسلمين السابقين في كتبهم ومؤلفاتهم . أما العلماء المحدثون فلم
يتعرضوا للبصمات إلا بشكل عارض عند حديثهم عن القرائن والأمارات
مدى الاعتماد عليها في الإثبات
يتبين الموقف من مدى الاعتماد عليها في الاثبات من خلال ما يلي :
· البصمات حجة قوية
نظرًا لما اختصها الله به من خواص ومميزات أدت إلى استحالة تطابقها بين شخصين بل وفي أصابع الشخص الواحد أيضًا
لأن وسائل الإثبات في الشريعة الإسلامية لم تأت على سبيل الحصر بل تشمل كل ما أبان الحق وأظهره
والبصمة كفيلة بإظهار الحق وإبانته حيث إن الأخذ بالبصمات في الإثبات
الجنائي أمر يتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية في الحفاظ على الضروريات
الخمس وأن عدم الأخذ بها فيه تسهيل على المجرمين وفتح للطريق أمامهم
لارتكاب جرائمهم مما يؤدي إلى انتشار الجريمة واستفحالها . كما أن
استخدام البصمة كدليل أمر يمر بمراحل كيميائية ومعملية مختلفة من إظهار
البصمة ورفعها ومضاهاتها مما لا تؤثر فيه نزعات البشر ورغباتهم
وسلوكهم فلا يتطرق إليها الكذب أو الغلط فدلالتها لا تتغير
· إلا أنه على الرغم من اعتبار البصمات قرينة قوية وحجة في الإثبات الجنائي في الشريعة الإسلامية فإنه لا يؤخذ على إطلاقه حيث إنه في جرائم الحدود والقصاص يجب الاحتياط حيال إثباتها بالبصمات لأن البصمة تعني وجود صاحبها في مكان الجريمة ولكن لا تعني أنه مرتكبها إلا أنه لها فائدة في مواجهة المتهم بها للحصول منه على اعتراف حيث لا يخفى أن أخذ البصمات من شأنه توفير دليل مؤيد أو نافٍ للشبهة وقابل للمناقشة والتبرير بالنظر للظروف المحيطة بالقضية [8]

التحقيق باستخدام البصمة الوراثية DNA
المفهوم
يعد مصطلح البصمة الوراثية من المصطلحات الحديثة فلا يوجد في الفقه الإسلامي تعريف للبصمة الوراثية لحداثة هذا المصطلح وقد عرفه بعض المعاصرين : البصمة الوراثية بأنها : تعيين هوية الإنسان عن طريق تحليل جزء أو أجزاء من حمض DNA المتمركز في نواة أية خلية من خلايا جسمه[9]
إلا أنه قد ورد تعريف له من قبل المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي
(البنية الجينية التي تدل على هوية كل إنسان بعينه )[10]
وهي من الوسائل الحديثة التي تتسم بالدقة
وعرفتها ندوة( الوراثة والهندسة الوراثية والجينوم البشري والعلاج الجيني رؤية إسلامية )[11] بتعريف قريب من ذلك لا يختلف عنه كثيرا"

مدى الاعتماد عليها في الإثبات
في المجال الجنائي تمثل البصمة الوراثية نورًا للعدالة ووسيلة لمنع
الظلم ورد الحقوق إلى أهلها والشريعة الإسلامية من مقاصدها العدل والإنصاف
حيث إن كل ما يحقق العدل ويظهر الحق من الشريعة يقول العلامة ابن قيم
الجوزية رحمه الله :
" لم يزل الحكام والولاة يستخرجون الحقوق بالفراسة
والعلامات فإذا ظهرت لم يقدموا عليها شهادة تخالفها ولا إقرار "[12]
وقد أفتى الفقهاء المعاصرون بجواز استخدام البصمة الوراثية في المجالات
المفيدة ومنها استخدامها لإثبات الجرائم ومن هذه الفتاوى :
١-أفتى المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة بجواز
الاعتماد على البصمة الوراثية واعتبارها وسيلة إثبات في الجرائم التي ليس
فيها حد شرعي ولا قصاص حيث ورد في القرار السابع من
قرارات الدورة السادسة عشر البند أولا ما يلي : " لا مانع شرعًا من الاعتماد على البصمة الوراثية في التحقيق الجنائي واعتبارها وسيلة إثبات في الجرائم التي ليس فيها حد شرعي ولا قصاص لحديث" ادرؤوا الحدود بالشبهات" وذلك يحقق العدالة والأمن للمجتمع ويؤدي إلى نيل المجرم عقابه وتبرئة المتهم وهذا مقصد مهم من مقاصد الشريعة[13]
وسوف انقل النص بالكامل لأنه اشتمل على ضوابط مهمة وقيود خاصة في هذا الباب :
القرار السابعبشأن البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منهاالحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده ، أما بعدفإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السادسة عشر المنعقدة بمكة المكرمة ، في المدة من 21-26/10/1422 هـ الذي يوافقه 5-10/1/2002 م ، وبعد النظر في التعريف الذي سبق للمجمع اعتماده في دورته الخامسة عشر ، ونصه (البصمة الوراثية هي البُنية الجينية ،التي تدل علي هوية كل إنسان بعينه ، وأفادت البحوث والدراسات العلمية أنها من الناحية العلمية وسيلة تمتاز بالدقة لتسهيل مهمة الطب الشرعي ، ويمكن أخذها من أي خلية ( بشرية ) من الدم ، أو اللعاب ، أو المني ، أو البول ، أو غيره . وبعد الإطلاع علي ما أشتمل عليه تقرير اللجنة التي كلفها المجمع في الدورة الخامسة عشر بإعداده من خلال إجراء دراسة ميدانية مستفيضة للبصمة والإطلاع علي البحوث التي قدمت في الموضوع من الفقهاء والأطباء والخبراء ،والاستماع إلي المناقشات التي دارت حوله ، تبين من ذلك كله أن نتائج البصمة الوراثية تكاد تكون قطعية في إثبات نسبة الأولاد إلي الوالدين أو نفيهم عنهما وفي إسناد العينة التي توجد في مسرح الحادث إلي صاحبها فهي أقوي بكثير من القيافة العادية ،وأن الخطأ في البصمة الوراثية ليس وارداً من حيث هي ،وإنما الخطأ في الجهد البشري أو عوامل التلوث ونحو ذلك وبناء علي ما سبق قرر ما يأتي : أولاً : لا مانع شرعاً من الاعتماد علي البصمة الوراثية في التحقيق الجنائي واعتبارها وسيلة إثبات في الجرائم التي ليس فيها حد شرعي ولا قصاص لخبر ( ادرؤوا الحدود بالشبهات ) وذلك يحقق العدالة والأمن للمجتمع ، ويؤدي إلي نيل المجرم عقابه وتبرئة المتهم ، وهذا مقصد مهم من مقاصد الشريعة . ثانياً : أن استعمال البصمة الوراثية في مجال النسب لابد أن يحاط بمنتهي الحذر والحيطة السرية ، ولذلك لابد أن تقدم النصوص والقواعد الشرعية علي البصمة الوراثية . ثالثاً : لا يجوز شرعاً الاعتماد علي البصمة الوراثية في نفي النسب ، ولا يجوز تقديمها علي اللعان . رابعاً : لا يجوز استخدام البصمة الوراثية بقصد التأكد من صحة الأنساب الثابتة شرعاً ، ويجب علي الجهات المختصة منعه وفرض العقوبات الزاجرة ، لأن في ذلك المنع حماية لأعراض الناس وصوناً لأنسابهم .خامساً : يجوز الاعتماد علي البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في الحالات الآتية : - حالات التنازع علي مجهول النسب بمختلف صور التنازع التي ذكرها الفقهاء ، سواء أكان التنازع علي مجهول النسب بسبب انتفاء الأدلة أو تساويها ، أم كان بسبب الاشتراك في وطء الشبهة ونحوه . - حالات الاشتباه في المواليد في المستشفيات ومراكز رعاية الأطفال ونحوها ، وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب . - حالات ضياع الأطفال واختلاطهم ، بسبب الحوادث أو الوارث أو الحروب ، وتعذر معرفة أهلهم ، أو وجود جثث لم يمكن التعرف علي هويتها ، أو بقصد التحقق من هويات أسرى الحروب والمفقودين . سادساً : لا يجوز بيع الجينوم البشري لجنس ، أو لشعب ، أو لفرد ، لأي غرض ، كما لا تجوز هبتها لأي جهة ، لما يترتب علي بيعها أو هبتها من مفاسد . سابعاً : يوصي المجمع بما يأتي : - أن تمنع الدولة إجراء الفحص الخاص بالبصمة الوراثية إلا بطلب من القضاء ، وأن يكون في مختبرات للجهات المختصة ، وأن تمنع القطاع الخاص الهادف للربح من مزاولة هذا الفحص لما يترتب علي ذلك من المخاطر الكبرى . - تكوين لجنة خاصة بالبصمة الوراثية في كل دولة يشترك فيها المختصون الشرعيون ، والأطباء والإداريون ، وتكون مهمتها الإشراف علي نتائج البصمة الوراثية ،واعتماد نتائجها . - أن توضع آلية دقيقة لمنع الانتحال والغش ، ومنع التلوث وكل ما يتعلق بالجهد البشري في حقل مختبرات البصمة الوراثية حتى تكون النتائج مطابقة للواقع ،وأن يتم التأكد من دقة المختبرات ، وأن يكون عدد المورثات ( الجينات المستعملة للفحص ) بالقدر الذي يراه المختصون ضرورياً دفعاً للشك ٢-أفتى الدكتور / نصر فريد واصل مفتى الديار المصرية الأسبق
بجواز الأخذ بالبصمة الوراثية حيث قال : " لا مانع شرعًا من إجراء البحوث
والعمل على توسيع البصمة الوراثية في المجالات الطبيعية المختلفة لأن
التصرفات المستخدمة النافعة مباحة شرعًا . للقاعدة الشرعية الأصل في
الأشياء الإباحة واستصحابًا لبراءة الذمة ومبدأ سلطان الإرادة في الإسلام إذ
يحق لكل إنسان أن يبرم ما يراه من العقود وينشئ ما يراه من التصرفات في
حدود عدم الضرر بالنفس أو الغير ولا يحرم منها ولا يبطل إلا ما دل الشرع
على تحريمه وإبطاله [14]
و بما أن البصمة الوراثية تعد قرينة يؤخذ بها سواء في إدانة المجرمين أو بتبرئة المدانين خطأ إلا أنه لا يجوز الأخذ بها لوحدها ما لم تعززها أدلة أخرى
فالبصمة الوراثية تفيد وجود المتهم في مسرح الجريمة لكنها لا تفيد ارتكابه
لها بطريق القطع واليقين وإنما على سبيل الشك والاحتمال[15]
وبناء عليه
لا أرى مانعا" من الأخذ بالبصمة الوراثية لكونها تندرج ضمن القرائن القوية التي يندر الخطأ فيها
التحقيق باستخدام وسيلة التسجيل والتصوير
من الملاحظ أن التسجيل والتصوير أصبحا واقعة من وقائع التحقيق والمحاكمة
التحقيق بقرينة التسجيل والتصوير
مفهوم التسجيل الصوتي
يقصد بالتسجيل الصوتي تسجيل الأصوات باستعمال أجهزة التسجيل
المستخدمة في تسجيل الصوت على شرائط يمكن سماعها فيما بعد وفي أي
وقت .

مدى الاعتماد عليها في الإثبات
التسجيلات الصوتية ناتجة عن التطور العلمي الحديث إلا أنه يمكن
استنباط حكم في مثل هذه المسألة بناء على ما جاءت به روح الشريعة
الإسلامية ومقاصدها فبالنسبة لجرائم الحدود والقصاص يكون إثباتها بواسطة
التسجيلات الصوتية أمر مستبعد تمامًا ويبطل الاستناد إليها كدليل مستقل
لإدانة من قدمت ضده وذلك لأن التسجيلات تتطرق إليها احتمالات التزوير
بعد اختراع وسائل التعديل والحذف والإصلاح في شرائط التسجيل وهو ما
يسمى (بالمونتاج) كما أن جرائم الحدود لا يقام الحد فيها على المتهم في حالة
عدوله عن إقرار فما بالك به ولم يقر[16]
فهذه كلها شبهة تدرأ إقامة الحد حسب قاعدة درء الحدود بالشبهات
وبالنسبة لجرائم التعازير فهي كذلك لا يمكن إثباتها بهذه الوسيلة لما قد
تتطرق إليها من احتمالات كالتزوير أو التقليد . كما أن في الأخذ بالتسجيلات
ترويع للآمنين وإثارة للقلق في نفوسهم وانتهاك لحرمات المسلمين وتعد على
كرامتهم . ولأن التجسس منهي عنه مهما كانت الوسيلة لقول الله تعالى :
﴿ وَلا َتجسسوا ﴾[17]
التصوير
مدى الاعتماد عليها في الإثبات
لم أجد في كتب الفقهاء أحكامًا تجيزه أو تمنع الأخذ بالتصوير كدليل من أدلة الإثبات في الدعوى الجنائية لأن دلالة الصورة على صاحبها دلالة واهية وضعيفة لا يعول عليها في إصدار الأحكام خصوصًا بما يتعلق بموجبات الحدود والقصاص لأن الصور الفوتوغرافية قد تدخل فيها أمور عدة :
منها: - احتمال التركيب بين الصور لمكانين مختلفين بطريق الدبلجة. - القدرة على الرسم بما يشبه الصورة.
وبناء عليه فهذه احتمالات تعد شبهًا تدرأ إقامة الحد إلا أنه يمكن اعتبار هذه الصور قرينة
ضد المتهم تخول السلطات المختصة التحقيق معه ومواجهته بهذه القرينة
للحصول على الاعتراف إن أمكن ذلك أو يعزره القاضي إذا تكونت لديه
القناعة بهذه القرينة[18] فمتى ما رأى القاضي ترجيح جانب الصورة في الإثبات لعدة مرجحات فله العمل بها وإن أمكن تعزيزها بغيرها فهو أولى، فالأمر راجع إلى ما يتمتع به القاضي من فطنة وذكاء. وكذا في حال التصوير في قضايا الحوادث المرورية. أما التصوير بكاميرات الفيديو: (الصوت والصورة) في إثبات الخطأ في الحوادث المرورية فإنه أولى بالاعتبار من الأدلة المادية الأخرى.
التحقيق باستخدام الكلاب البوليسية
مدى الاعتماد عليها في الإثبات
حال المتهم مقابل تعرف الكلاب الشرطية لا يخلو من أحد أمرين
الأمر الأول : أن يعترف المتهم بالتهمة المنسوبة إليه وهذا الاعتراف لا يخلو
من أن يكون اعترافه بسبب اعتداء الكلب عليه فاعترف خوفًا منه فهنا لا
اعتبار لهذا الاعتراف فهو بمثابة اعتراف المكره خصوصًا في موجبات
الحدود والقصاص أو أن يكون اعترافه اختياريًا أي دون خوف من الكلب
أثناء عملية التعرف وهنا يؤخذ المتهم بالجريمة المنسوبة إليه
الأمر الثاني : أن ينكر المتهم التهمة المنسوبة إليه وفي هذه الحالة لا يصح أن
يؤاخذ المتهم بهذا كدليل على ثبوت التهمة عليه وذلك لاحتمال خطأ الكلب.
بسبب تعبه أو جوعه أو أن الجاني الحقيقي قد ترك في مسرح الجريمة
متاعًا يتعلق بشخص آخر بهدف تضليل الكلاب البوليسية أو نثر مواد بها
رائحة فواحة بقصد إضاعة الأثر كما أن مقدرة الكلب في كشف الأثر
والتعرف على الجاني تعتمد على قوة تدريب الكلب وتعليمه وهذه تختلف من
كلب لآخر ومن مدرب إلى آخر بالإضافة إلى أن وجود المتهم في مكان
الجريمة لا يقطع بكونه الجاني [19]

التحقيق باستخدام مصل الحقيقة
المفهوم
مصل الحقيقة من العقاقير المخدرة التي تستخدم لإحداث نوع من التعطيل في التحكم الإرادي لدى الفرد مما يؤدي إلى حالة الاسترخاء التي تسلب فيها إرادة الشخص دون تأثير على إدراكه أو ذاكرته فيدلي بما في داخل نفسه أي أنه يسلب من الشخص الإدراك والتمييز وحرية الاختيار[20]
مدى الاعتماد عليها في الإثبات
هذه الوسيلة تعتبر من الوسائل العلمية الحديثة لكن ليس معنى هذا أن الفقه الإسلامي لم يضع في آرائه وأحكامه ما يخص هذه الوسيلة بل أن هناك مقاصد كثيرة تكفَّلت
بمعالجة مثل هذه الظاهرة وإن كانت لم تشر إلى هذه الوسيلة بالذات ولكنها
تبين حكم ما من شأنه المساس بجسد المتهم أو عقله أو كرامته وهو ما يقدره
الله سبحانه وتعالى في تكريم الإنسان من أجل ذلك وضعت الشريعة الإسلامية ما يحمي هذا العقل فلم تترك للبشر المساس به بأي وسيلة كانت ما دامت ستغير من
طبيعة العقل الذي خلقه الله وكرم الإنسان من أجله حتى ولو كانت لفترة
فالشريعة الإسلامية أكدت على عدم جواز إكراه المتهم للاعتراف بالجريمة من أجل الوصول إلى إقرار المتهم فإن ذلك ينصب على أي إكراه حتى ولو تحقق ذلك عن طريق استعمال مصل الحقيقة
ويؤيد ذلك ما قرره بعض الفقهاء بأن المكره نوعان:
أحدهما له فعل اختياري لكنه محمول عليه
الثاني ملجأ لا فعل له فهو كالآلة محصنة والمغلوب على عقله كمن يكون في حالة سكر ، أو جنون ، أو زوال عقل بشرب دواء ، أو بنج ، أو غضب شديد ، ونحو ذلك ففي هذه الحالة يكون مكرهًا إذا أقر بشيء[21]
لأن الله سبحانه وتعالى إنما رتب الأحكام على الألفاظ لدلالتها على
قصد المتكلم بها وإرادته فإذا ثبت أنه قصد كلامها ولم يقصد معانيها لم يجز
أن نجعله دليلا . والمتهم في حالة حقنه بمصل الحقيقة يكون مسلوب الإرادة
ولم يعد يملك حرية الاختيار لضعف السيطرة عليها[22]
وإن موقف القوانين الوضعية من استخدام مصل الحقيقة محل خلاف
حيث اختلف فقهاء القانون وتفرع هذا الخلاف إلى عدة آراء على النحو التالي :
الرأي الأول :
يتفق هذا الرأي مع الفقه الإسلامي في رفض استخدام هذه الوسيلة مع
المتهم للوصول إلى الاعتراف وذلك لما فيها من مساس بحرمة الشخص
وسلامته الجسدية
ويعلل أصحاب هذا الرأي رفض اللجوء إلى مصل الحقيقة بأنه قد يترتب عليه أضرار خطيرة بسلامة جسم الإنسان الذي يخضع لها لما
قد تسببه من أمراض قد تؤدي إلى الموت وذلك لما ينتج عن تفاعل للمواد
الكيماوية وتأثيرها على القلب والجهاز التنفسي[23]
الرأي الثاني:
ويتلخص في أنه يمكن استخدام هذه الوسيلة لكن بشرط رضاء المتهم
وفي حضور محاميه الذي يوضح له بأن النتيجة قد تكون في غير صالحه[24]
ويعلل أصحاب هذا الرأي بأن المتهم قد يتعرض لوسائل أخرى مشروعة فيها مساس بسلامته الشخصية مثل فحص الدم وغسيل المعدة ولم يعارض ذلك أحد
الرأي الثالث
ويتلخص في أن استخدام هذه الوسيلة يعد مشروعًا حتى ولو بدون رضاء
المتهم إلا أنه يعتبر ذلك إجراء استثنائيًا يجب ألا يلجأ إليه إلا في حالات
معينة مثل بعض الجرائم الخطيرة كجرائم أمن الدولة أو بالنسبة لبعض
المتهمين الخطرين
التحقيق باستخدام التنويم المغناطيسي
مدى الاعتماد عليها في الإثبات
يعتبر التنويم المغناطيسي وسيلة لقهر الإرادة وتعطيلها والاعتداء على جسم المتهم أو إكراهه بأي وسيلة من الوسائل للحصول منه على معلومات تفيد القضية أو تنسب الجريمة إليه يعتبر أمرًا محرمًا وإذا أقر المتهم في هذه الحالة فإن إقراره لا يترتب عليه أي أثر لأن الإسلام كفل حرمة الإنسان وحفظ كرامته [25]
لقول الله تعالى : ﴿ إِلاَّ من أُكْرِه وقلبه مطمئن بالإيمان )
ومن الملاحظ أن التصرفات التي يقوم بها المتهم وهو في حالة التنويم
المغناطيسي تشبه إلى حد كبير حالة النائم والمجنون وبناء عليه لو اعتبرنا
النائم مغناطيسيًا كالنائم فإنه لا يعتد بأقواله ولا أفعاله لأن ما حدث منه لم يكن
ناتجًا عن اختياره أو رضاه وإن اعتبرناه مصابًا بحالة عقلية فإنه أيضًا لا
يكون مسئولا شرعًا عما أحدثه أو أقر به لأن المسئولية الجنائية مصدرها
الوعي والإرادة الحرة والمنوم مغناطيسيًا لا وعي له ولا اختيار إضافة على
ذلك فإن التنويم المغناطيسي يشكل اعتداء على حرمة وسلامة جسم الإنسان
لما يقوم به المنوم من إكراه للمنوم للإدلاء بأقوال أو أفعال لا إرادية لم يكن
يفعلها أو يقولها لو كان في حالة الإفاقة أو اليقظة ، فالتنويم المغناطيسي يعتبر
جزءًا من الإكراه لأن الفقهاء يلحقونه به أو بالمجنون[26]
وإن كانت التصرفات والأقوال التي تصدر من النائم تحت تأثير التنويم المغناطيسي أقرب إلى الإكراه منها إلى الجنون وسواء اعتبرناه في حالة نوم أو إكراه فإن أي تصرف أو إقرار يصدر منه يكون لا أثر له [27]
ولا يختلف الأمر في الأنظمة عما هو في الشريعة الإسلامية[28]
وعلى ذلك فقد حرمت بعض التشريعات استخدام وسيلة التنويم المغناطيسي في أعمال الاستدلال أو التحقيق الجنائي لما يرون من أن هذه الوسيلة تنطوي على اعتداء على حرية المتهم وقهر لإرادته
التحقيق باستخدام جهاز كشف الكذب
تمكن العلم الحديث من ابتكار أجهزة ميكانيكية لها قدرة عالية على رصد التغيرات الانفعالية التي تعتري الشخص الخاضع لعملها والتي تصاحب عادة قول الكذب عن طريق أعضاء جسمه الذاتية ومن تلك الأجهزة الميكانيكية الحديثة جهاز كشف الكذب[29]
مدى الاعتماد عليها في الإثبات
يعتبر الإقرار هنا معترى بشبهة تعيبه وتهدر آثاره لأكثر من اعتبار
الأول : أن من حق المقر أن يرجع عن إقراره سواء كان هذا الرجوع قبل القضاء أو بعده لأن المقر قد أقر على نفسه بإرادته المطلقة فإذا رجع عن إقراره فلا يخلو من حالين :
· إما أن يكون صادقًا في الإقرار كاذبًا في الإنكار
· أو يكون كاذبًا في الإقرار صادقًا في الإنكار
وفي الحالتين فإن احتمال الصدق والكذب وارد وهذا الاحتمال يورث شبهة فإذا استندنا على التغييرات التي تطرأ على الشخص فإننا نكون قد تجاوزنا ما أخذت به الشريعة من عدم الأخذ بالإقرار الواقع تحت تأثير أي ضغط[30]
الثاني : أن التغييرات والانفعالات التي تحدث للشخص قد لا يكون لها أي صلة بالحرية أو الأسئلة الموجهة إلى الشخص وإنما قد تكون ناتجة عما يسببه الموقف النفسي للشخص أو الأمراض التي يعاني منها[31]
الثالث : أن ما ينتج من استخدام جهاز كشف الكذب هو عبارة عن قرينة ضعيفة لا تصل إلى مرتبة الدليل القاطع أو القرينة القوية فالشريعة لا تبنى أحكامها على القرائن الضعيفة وإنما على الأدلة الثابتة القاطعة والقرائن القوية.
لهذا نجد جمهور الفقهاء يذهبون إلى عدم قبول القرائن في مجال إثبات الحدود [32]
وألحق البعض جهاز كشف الكذب بعلم الفراسة لأنه يقوم على ملاحظة الانفعالات والتعبيرات النفسية التي تعتري الإنسان عند سؤاله وهو ما يحدث مع الفراسة من خلال ما يظهر على الإنسان من أعراض عند التحري عن صدقه أو كذبه
ويجاب عن ذلك :
أن جهاز كشف الكذب يتم استخدامه بطريقة آلية وبمقاييس علمية بينما تقوم
الفراسة على عمليات إسقاط التجربة على الغير[33]
واختلفت الآراء القانونية حول إمكانية استخدام جهاز كشف الكذب في المجال
الجنائي في التحقيق والقضاء
سبب الاختلاف :
يرجع هذا الخلاف إلى أن أغلب التشريعات لم تنص على استخدام جهاز كشف الكذب أو عدم استخدامه حيث انقسم الاتجاه من وجهات النظر المختلفة إلى رأيين :
الرأي الأول : يتلخص في استخدام جهاز كشف الكذب في الفقه والقضاء ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن استخدام جهاز كشف الكذب في البحث الجنائي يكون مقبولا لأنه لا يتضمن أي اعتداء على المتهم وحريته فهو يقوم على قياس التغيرات والآثار التي تحدث للخاضع للاختبار ولا تؤثر على القاضي كما أن استخدام الجهاز لا يمس حقوق[34]
والحقيقة أنه لا يجب أن تقف التقاليد القضائية أمام التطور والاستفادة من كل جديد خاصة[35]
كما أن استخدام جهاز كشف الكذب في مرحلة الاستدلال أمر هام للغاية حيث يسفر عنه الكشف عن الحقيقة من خلال معرفة صدق المتهم من كذبه فإذا كان صادقًا اتجه البحث خلف المتهم الحقيقي وإن ثبت
كذبه اتجه إلى البحث والتحري عن أدلة أخرى كافية لإدانته وكشف كذبه
الرأي الثاني : أن استخدام جهاز كشف الكذب في الفقه والقضاء أمر مرفوض :
وهذا لاتجاه لا يعطي لنتائجه أية قيمة قانونية
التحقيق باستخدام قرينة المستندات الخطية
مدى الاعتماد عليها في الإثبات
التحقيق من قول الفقهاء أن الكتابة تعد من وسائل الإثبات في الحقوق للأدلة الدالة على ذلك من الأثر كآية الدين ومن النظر وهو حاجة الناس إليها ماسة لاستيفاء حقوقهم وإبراء الذمم، وقواعد الشريعة ومقاصدها تقتضيها لحفظ الحقوق ودفع الحرج. وفي حال الاعتراض على الكتابة بالتزوير فهي دعوى تحتاج إلى دليل وإلا فالأصل إلغاؤها التحقيق باستخدام قرينة محضر الشرطة المفهوم :
المحضر عبارة عن صورة صادقة لما يتم من إجراءات
وهو أعم من التقرير لاشتماله على الوقائع وكلام الخصوم وحججهم والجواب عنها. وقد يشتمل على رسم تخطيطي لمكان الحادث.

مدى الاعتماد عليها في الإثبات
للقاضي سلطة الاقتناع بما في المحضر أو عدم اقتناعه به، وله تركه والاعتماد على أدلة أخرى
والمحضر ليس بحد ذاته حجة لكنه أمر معين للقاضي في التعرف على ملابسات القضية كأن يكون فيه شهود عيان، أو قرائن مادية أو معنوية
وفي حال عدم اقتناع القاضي بما ورد في المحضر أو التقرير يطلب إثباته بوسائل أخرى. التحقيق باستخدام قرينة الفحص الطبي فحص الطب الشرعي في مجال الإثبات له دور بارز خاصة في مجال الجنايات وهو علم واسع يسمى (بالتشريح الجنائي)
مدى الاعتماد عليها في الإثبات
صدرت فتوى من هيئة كبار العلماء بجواز التشريح تحقيقاً لمصالح
واليك نصها :
قرار هيئة كبار العلماء رقم(47) وتاريخ 20/8/1396هـ حكم تشريح الميت المسلم
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعدففي الدورة التاسعة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة في مدينة الطائف في شهر شعبان عام 1396هـ جرى الاطلاع على خطاب معالي وزير العدل رقم(3231/2/خ) المبني على خطاب وكيل وزارة الخارجية رقم(34/1/2/13446/3) وتاريخ 6/8/1395هـ المشفوع به صورة مذكرة السفارة الماليزية بجدة- المتضمنة استفسارها عن رأي وموقف المملكة العربية السعودية من إجراء عملية جراحية طبية على ميت مسلم؛ وذلك لأغراض مصالح الخدمات الطبية. كما جرى استعراض البحث المقدم في ذلك من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وظهر أن الموضوع ينقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول: التشريح لغرض التحقق من دعوى جنائية. الثاني: التشريح لغرض التحقق من أمراض وبائية؛ لتتخذ على ضوئه الاحتياطات الكفيلة بالوقاية منها. الثالث: التشريح للغرض العلمي تعلماً وتعليماً. وبعد تداول الرأي والمناقشة ودراسة البحث المقدم من اللجنة المشار إليها أعلاه- قرر المجلس ما يلي: بالنسبة للقسمين الأول والثاني: فإن المجلس يرى: أن في إجازتهما تحقيقاً لمصالح كثيرة في مجالات الأمن والعدل ووقاية المجتمع من الأمراض الوبائية، ومفسدة انتهاك كرامة الجثة المشرحة مغمورة في جنب المصالح الكثيرة والعامة المتحققة بذلك، وإن المجلس لهذا يقرر بالإجماع:إجازة التشريح لهذين الغرضين، سواء كانت الجثة المشرحة جثة معصوم أم لا. وأما بالنسبة للقسم الثالث: وهو التشريح للغرض التعليمي فنظراً إلى أن الشريعة الإسلامية قد جاءت بتحصيل المصالح وتكثيرها، وبدرء المفاسد وتقليلها، وبارتكاب أدنى الضررين لتفويت أشدهما، وأنه إذا تعارضت المصالح أخذ بأرجحها. وحيث إن تشريح غير الإنسان من الحيوانات لا يغني عن تشريح الإنسان. وحيث إن في التشريح مصالح كثيرة ظهرت في التقدم العلمي في مجالات الطب المختلفة: فإن المجلس يرى: جواز تشريح جثة الآدمي في الجملة، إلا أنه نظراً إلى عناية الشريعة الإسلامية بكرامة المسلم ميتاً كعنايتها بكرامته حياً؛ وذلك لما روى الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" كسر عظم الميت ككسره حياً". ونظراً إلى أن التشريح فيه امتهان لكرامته، وحيث إن الضرورة إلى ذلك منتفية بتيسر الحصول على جثث أموات غير معصومة: فإن المجلس يرى الاكتفاء بتشريح مثل هذه الجثث، وعدم التعرض لجثث أموات معصومين والحال ما ذكر. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. [36]
التحقيق باستخدام قرينة مادية عموما اتجهت الدراسات الحديثة إلى الاستفادة من الوسائل الحديثة لإثبات الجريمة وكشف مرتكبيها من خلال الآثار المادية التي يتركها الجاني في مكان الجريمة.
والآثار المادية نوعان: أ/ آثار مادية ظاهرة.
ب/ آثار مادية خفية. أولاً: الآثار المادية الظاهرة مثل: آثار الشعر قرينة المقذوفات النارية قرينة آثار الآلات وكلها من القرائن الضعيفة لأنها مبنية على الظن والتخمين ثانياً القرائن المادية الخفية وتختلف باختلاف القرينة فمثلا القضاء بقرينة آثار بالبقعة الدموية من أهم الآثار المادية التي يجدها المحقق في موضع الحادث، والتي يتعين عليه فحصها لتقديم معلومات تفيده في الكشف عن الجاني وهل هي من دمه أو دم المجني عليه.
وتعتبر البقعة الدموية قرينة قوية ضد المتهم: إذا وجدت البقعة الدموية المطابقة لفضيلة المجني عليه على المتهم أو ما يتعلق به.
وأرى من المناسب التعرض لمفهوم القرائن وحجية العمل بها عند الفقهاءوعرفها مصطفى الزرقاء[37] بقوله (كل أمارة ظاهرة تقارن شيئاً خفياً تدل عليه)وتعريفات الفقهاء متقاربة ولعل هذا أقربها
حكم العمل بالقرائنللفقهاء في ذلك قولان: الأول جواز العمل بها في طرق الإثبات
وهو قول بعض الحنفية وابن فرحون من المالكية والعز بن عبد السلام من الشافعية وابن القيم من الحنابلة. الثاني منع العمل بالقرائن
وهو قول بعض متأخري الحنفية والقرافي من المالكية. الترجيح
القول الراجح هو جواز العمل بالقرائن للأثر والنظر
الأثر
ما ورد في قصة يوسف عليه السلام كوجود الدم على قميصه قرينة على كذبهم. وكذا قصته مع امرأة العزيز ومن المعقول:
إن عدم الأخذ بالقرائن يؤدي إلى ضياع الحق خاصة في العصور المتأخرة حيث كثرت وسائل التحايل والتستر وقلب الحقائق. والعمل بالقرائن ليس على إطلاقه وإنما هو مشروط في حال عدم وجود بينة أقوى منها وعندما تكون الأدلة عند القاضي غير كافية. والعمل بالقرائن لا يعني التوسع فيها وإنما في نطاق ضيق إذا دعت إليها الحاجة.







الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبعد
فهذه أهم النتائج التي تم التوصل إليها من خلال هذا البحث :
١- من خلال استخدام وسائل التقنية الحديثة والتي ليس فيها مساس بإرادة
المتهم وسلامته يتضح أن هناك اتفاق بين الشريعة الإسلامية
والقوانين الوضعية في استخدام بعض الوسائل مثل رفع البصمات
وآثار الدم حيث استقر التطبيق العلمي عليها وتجاوزت الخلاف بحجة
عدم مساسها بسلامة جسد المتهم
٢- إن الشريعة الإسلامية حرمت كل طريقة ووسيلة للتعذيب مهما كانت
صيانة لحرمة حياة الإنسان وكرامة له من سلب الإرادة
وهذا ما حرصت عليه التشريعات
الوضعية أخيرًا ونصت على عدم الاعتداء على المتهم للحصول منه
على اعتراف
٣- إن الشريعة الإسلامية موقفها واحد أمام كل وسيلة تثير القلق في
النفوس وتنتهك حرية الإنسان وكرامته بينما نجد في القانون الوضعي
أنه يثور خلاف حول شرعية استعمالها
٤- إن الشريعة الإسلامية وروح مقاصدها لا تعتبر النتائج المتحصل عليها
من وسائل التقنية دليلا مستقلا لإدانة المتهم بل تعتبره قرينة تعزز
وتدعم قرائن أخرى بينما نجد القوانين الوضعية وإن سارت في بعض
الاتجاه على ذلك إلا أنه يوجد خلاف بين رجال القانون حول الاستفادة
من النتائج المتحصل عليها بين مؤيد ومعارض
٥- إن الشريعة الإسلامية حرمت الاعتداء على المتهم بأي وسيلة وبغير
حكم قضائي واعتبرت أي اعتراف جاء نتيجة للإكراه لا يعتَّد به شرعًا
وهذا ما أقرته القوانين الوضعية بعد نضال طويل



















أهم المراجع - القضاء بالقرائن المعاصرة/ رسالة دكتوراه بالمعهد العالي للقضاء/ عبد الله سليمان العجلان. - البصمة الوراثية وحجيتها/ بحث في مجلة العدل العدد 23(1425هـ) عبد الرشيد قاسم. - البصمة الوراثية كدليل أمام المحاكم/ بحث في مجلة البحوث الأمنية العدد (19) د. إبراهيم الجندي. - كشف الجريمة بالوسائل الحديثة/ عبد العزيز حمدي/ عالم الكتب-القاهرة. - الإثبات والتوثيق أمام القضاء/بحث من إعداد/ عبد الرحمن بن عبد العزيز القاسم – مطبعة السعادة.
- أثر الإثبات بوسائل التقنية الحديثة على حقوق الإنسان
دراسة تأصيلية مقارنة تطبيقية
إعداد فيصل بن مساعد العنزي
- الأدلة المتحصلة من الوسائل الالكترونية في اطار نظرية الاثبات الجنائي
د علي بن محمود بن علي حمودة
- التحقيق وجمع الأدلة في مجال الجرائم الالكترونية
د محمد أبو العلا عقيدة
- التحقيق في جرائم الحاسوب
كمال بن أحمد الكركي






[1] لسان العرب (13/254)
[2] وسائل التحقيق المستحدثة وأثرها في التحقيق الجنائي في مرحلتي الاستدلال والتحقيق الابتدائي ص40
[3] الصحاح في اللغة (8/37)
[4] وسائل التحقيق المستحدثة وأثرها في التحقيق الجنائي في مرحلتي الاستدلال والتحقيق الابتدائي ص47
[5] وسائل التحقيق المستحدثة وأثرها في التحقيق الجنائي في مرحلتي الاستدلال والتحقيق الابتدائي ص 47
[6] تهذيب الموافقات للشاطبي تهذيب محمد الجيزاني دار ابن الجوزي ط 1 1421هـ ص 114
[7] أثر الإثبات بوسائل التقنية الحديثة على حقوق الإنسان دراسة تأصيلية مقارنة تطبيقية إعداد فيصل مساعد العنزي ص161
[8] حقوق الإنسان في الدعوى الجزائية مصطفى العوجي مؤسسة نوفل بيروت ط1989م ص951
[9] البصمة الوراثية وعلاقتها الشرعية سعد الدين هلالي ص35

[10] قرارات المجمع الفقهي الإسلامي : القرار السابع بشأن البصمة الوراثية. الدورة السادسة عشرة21-26/10م1422 مكة المكرمة
[11] الموقع الالكتروني للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبيةislamset.com
[12] الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ص32

[13] البند أولاً من القرار السابع من قرارات الدورة السادسة عشرة المنعقدة بمقر رابطة العالم الإسلامي ، بمكة المكرمة للفترة
من ٢١ - ٢٦ / ١٠ / ١٤٢٢ ه الموافق ٥ – ١٠ / ١/ ٢٠٠٢ م

[14] البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها نصر فريد واصل بحث مقدم لمؤتمر الدورة السادسة عشرة للمجمع الفقهي الإسلامي بمقر رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة للفترة من ٢١ - ٢٦ / ١٠ / ١٤٢٢ ه الموافق ٥ – ١٠ / ١/ ٢٠٠٢ م ، ص ٨ .
[15] مدى حجية البصمة الوراثية في الإثبات الجنائي في القانون والفقه الإسلامي إبراهيم أبو الوفا بحث مقدم لمؤتمر الهندسة الوراثية بين الشريعة والقانون المنعقد في جامعة الإمارات للفترة من ٢٢ - ٢٤ / صفر / ١٤٢٣ ه ، الموافق ٥ – ٧ مايو ٢٠٠٢ م مجلد ٢ ، ص ٢١
[16] حجية القرائن في الشريعة الإسلامية ، عدنان حسن عزايزة: ص 174
[17] الحجرات 12

[18] حجية القرائن في الشريعة الإسلامية ، عدنان حسن عزايزة ص207
[19] القرائن ودورها في الإثبات في الفقه الإسلامي ، أنور محمود دبور ص ٢١٨

[20] المسؤولية الجنائية في القانون الوضعي والشريعة الإسلامية محمد آمال الدين إمام: دار البحوث العلمية ، الكويت ، الكويت ،ط ١ ، ١٩٨٣ م ص ٤٠٣

[21] ابن القيم : أعلام الموقعين عند رب العالمين ، ج ٤ ، ص ٥٣ .

[22] المسؤولية الجنائية في القانون الوضعي والشريعة الإسلامية محمد آمال الدين إمام: دار البحوث العلمية ، الكويت ، الكويت ،ط ١ ، ١٩٨٣ م ص436
[23] الكشف عن الجريمة بالوسائل العلمية الحديثة جودة حسين جهاد: ( دار النهضة العربية، القاهرة ، مصر ، د ط ، ١٩٩٢ م )ص ٦٩ .

[24] الكشف عن الجريمة بالوسائل العلمية الحديثة جودة حسين جهاد ، ص ٧٢ .
[25] نظرية الإرادة المنفردة في الفقه الإسلامي ، بحث مقارن بين المذاهب عبد المجيد مطلوب: ( النفائس للتجارة والنشر ، القاهرة ،مصر ، د . ط ، ١٩٨٧ م ) ص ٧٧
[26] التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي ، عبد القادر عودة: ج ١ ، ص ٥٩ .
[27] المرجع السابق ، ج ١ ، ص ٥٩٢ .
[28] حسن صادق المرصفاوي : المحقق الجنائي ( منشأة المعارف ، الإسكندرية ، مصر ، ط ٢ ، ١٩٩٠ م ) ص ٩٥ .
[29] علم النفس الجنائي تأصيلاً وتحليلاً محمد فتحي ( مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة ، مصر ، ط ٢ ، ١٩٤٣ م )ص ١٨٩
[30] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع علاء الدين أبو بكر بن سعود الحنفي الكاساني : دار الكتاب العربي ، بيروت ، لبنان ، ط ٢ ، ١٩٨٢ م ج ٧ ، ص ٦١

[31] النظرية العامة للإثبات العلمي حسين محمود إبراهيم: ، ص ١٢٦ .

[32] الجامع لأحكام القران أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي ( دار الكتاب العربي للطباعة النشر ، د ط ، د ت ) ج ١ ، ص ٤٤ .

[33] مشروعية الأدلة المستمدة من الوسائل العلمية ، حسن علي حسن السمني ، : ٧٦٠

[34] اعتراف المتهم ، سامي صادق الملا : ص ١٣٠ .

[35] النظرية العامة للإثبات العلمي ، حسين محمود إبراهيم : ص ١٤٢ .

[36] أبحاث هيئة كبار العلماء: المجلد الثاني 83-85
[37] المدخل الفقهي العام (2/918)