الأحد، 3 مايو 2009

نظرية الأعمال التجارية

نظرية الأعمال التجارية:
أهمية التفرقة بين الأعمال التجارية والمدنية:
من حيث الاختصاص القضائي: فهي من اختصاص المحكمة التجارية سابقاً (ألغيت عام 1374هـ)، ثم إلى وزارة التجارة ممثلة بهيئة فض المنازعات التجارية، ثم لجان حسم المنازعات التجارية وكان هناك تطوير طالها يتمثل في تشكيلها حيث كانت مشكلة من مدير بالوزارة ومستشار قانوني وتاجر، ثم صار تشكيلها مكوناً من عضوين شرعيين ومستشار قانوني، وتطوير طال حجية قرارتها حيث صدر قرار مجلس الوزارء بأن أحكامها نهائية وملزمة، وتطوير طال اختصاصها حيث تم إنشاء لجان الأوراق التجارية والتي تقضي في الأوراق التجارية والوكالات التجارية والمعايرة والمقاييس، وأنشئت لجنة للفصل في التظلمات في القرارات التي تصدرها اللجان السالفة، وفي عام 1407هـ نقلت اختصاصاتها جميعاً إلى ديوان المظالم، ثم أنشئت لجنة للفصل في مخالفات المعادن الثمينة، وكذا لجنة تسوية المنازعات المصرفية.
من حيث قواعد إثبات الالتزام التجاري: حيث إن حرية الإثبات مطلقة فلا تشترط الكتابة ويمكن الإثبات بكافة وسائل الإثبات كالدفاتر التجارية ونحوها. ويمكن الاتفاق على أن يشترط الإثبات بالكتابة ويعمل به. وهناك بعض التصرفات لا بد لها من كتابة مثل: عقد الشركة، بيع السفينة، والأوراق التجارية.
القواعد الخاصة بالالتزامات التجارية: مثل:
افتراض تضامن المدينين: في المسائل التجارية على عكس المدنية التي يشترط للتضامن فيها الكتابة أو الاتفاق، وذلك لدعم الائتمان التجاري حيث يستطيع التاجر مطالبة من شاء بالدين.
منع نظرة الميسرة: حيث إن الأصل هو التشدد معه ومنع الميسرة وخصوصاً في الأوراق التجارية، وأما في الالتزامات الأخرى فيجوز إنظار المعسر.
عدم لزوم الإعذار: حيث لا يشترط إبلاغ المدين أنه متعثر وأنه يجب الوفاء بالتزاماته بل يكفي حلول الأجل لاعتباره معذراً، ويمكن إبلاغ الإعذار بأي وسيلة ولا يشترط تبليغه عن طريق السلطة العامة.
الإفلاس: وذلك عند توقف التاجر عن سداد ديونه التجارية لا المدنية حيث يصدر به حكم قضائي ويجوز للدائن بدين مدني مطالبة القاضي بإشهار إفلاس التاجر إذا ثبت توقفه عن دفع دين تجاري.
مدة التقادم قصيرة.
ضوابط ومعايير التفرقة بين الأعمال التجارية والمدنية:
الراجح عند الشراح أن الأعمال التجارية السابقة إنما أوردها النظام على سبيل المثال لا الحصر، وذلك: (1) لأن المشرع لم يستطع الإحاطة بكل ما كان تجاريا في عصره، وإلا فلماذا لم يذكر مثلا (البيع) وقد ذكر الشراء لأجل البيع. (2) ولأن المشرع لم يستطع قراءة المستقبل وما يخفيه من تطورات تتعلق بأشكال التجارة، وإلا لذكر النقل الجوي كما ذكر البحري.
وبالتالي فهناك معايير قانونية وأخرى اقتصادية يمكن اللجوء لها للكشف عن الأعمال التجارية فيما لم ينص عليه القانون، ومنها:
المعايير الاقتصادية:
أولا: نظرية المضاربة: أي السعي لتحقيق الربح، فالعمل يكون تجاريا إذا المقصود منه المضاربة.
انتقدت:
أن المضاربة ملازمة لكل عمل إنساني فالمهن الحرة والمزارع ونحوهم يسعى للربح من وراءها ولم يعدها القانون تجارية.
الأوراق التجارية تعد عملاً تجارية رغم أنه لا ربح وراءها.
أن التاجر قد يبيع بسعر التكلفة أو بخسارة.
ثانيا: نظرية التداول: أي الوساطة في تداول الثروات من وقت خروجها من المنتج إلى وصولها للمستهلك.
انتقدت:
أن التداول إذا لم يكن بقصد الربح نحو الجمعيات التعاونية فلا يصح وصفها أنها تجارية.
الصناعات الاستخراجية والعقارية اعتبرت تجارية وليس فيها تداول.
المعايير القانونية:
أولاً: نظرية الحرفة: فالعمل يكون تجاريا إذا تعلق بمزاولة حرفة تجارية.
انتقدت:
الاعمال التجارية بالتبعية لا تعد تجارية وفقاً لذلك.
ستتطلب حصر الحرف التجارية.
ثانياً: نظرية المقاولة: هي مستندة على الحرفة ولكنها تفسره بأن العمل يكون تجاريا إذا تكرر القيام بنشاط ما أو مشروع على نحو متصل ودائم.
انتقدت:
نحو المشاريع الزراعية تعد مدنية رغم تمتعها بتنظيم دقيق.
أن الأوراق التجارية عدها النظام تجارية وليست على شكل مشروع أو مقاولة.
ليست واضحة إذ لم تحدد درجة التنظيم ومداه لاعتباره عملاً تجارياً.
ويرى بعض الشراح أن نظرية المشروع يمكن أن تكون صالحة إذا تم تبني مفهوم واسع للمشروع ليشمل المشروعات الزراعية والعقارية وغيرها.
الصحيح: أنه من الصعوبة العمل بمعيار واحد وذلك لأن الأعمال التجارية المذكورة لم تكن مؤسسة على فكرة واحدة حيث إن بعضها يشترط الاحتراف وبعضها يعد تجارياً بوقوعه مرة واحدة.
القسم الأول: الأعمال التجارية الأصلية:
هي التي نص النظام على تجاريتها صراحة أو اعتبرت كذلك بطريق القياس.
وهي بدورها نوعان:
(1) الأعمال التجارية المنفردة
أي التي تعتبر تجارية ولو وقعت مرة واحدة ومن شخص لا يحترف القيام بها، مثل:
أولاً: شراء المنقول لأجل بيعه (يمكن أن يسبق البيع الشراء كذلك) بحاله أو بعد صناعة وعمل فيها.
الشراء: فإن لم يكن ثمت شراء كهبة فإن العمل مدني و لا يعد التالي تجارياً:
العمل الزراعي (والمواشي تبعاً أما استقلالاً فهي تجارية، وتحويل المنتج الزراعي كالقمح لمنتج آخر كالدقيق عمل مدني ما لم يكن هذا هو النشاط الرئيسي فتكون تجارية).
الإنتاج الذهني (لصاحبه وأما الوسيط فهو عمل تجاري بالنسبة له، ولو باع صاحب المهنة الحرة أشياء لعملائه كالطبيب فهو ليس بعمل تجاري).
الصناعات الاستخراجية (لأنها لم يسبقها شراء ولأنها نوع من الاستغلال العقاري، والصحيح دخولها لأنها بيع للمنقول).
أن يكون محل الشراء منقولاً: فإن كان عقاراً فإن التوجه القديم بأنه ليس تجارياً، وبعد التوسع العقاري عدته الكثير من القوانين تجارياً.
قصد إعادة البيع: متزامن مع عملية الشراء، أما إن طرأ البيع لاحقاً فهو عمل مدني، وإن كان القصد هو التأجير فالعمل على أنه تجاري كذلك باعتبار بيع المنفعة، ولا بد من قصد الربح (بغض النظر عن النتيجة).
(2) الأعمال التجارية بطريق المقاولة
أي التي يلزم لاعتبارها كذلك تكرار العمل بها على نحو متصل ومعتاد، مثل:
أولاً: الصناعة: تحويل المواد الأولية إلى نصف مصنوعة أو جاهزة للاستهلاك.
ثانياً: الأوراق التجارية: وهي (محررات شكلية تتطلب لصحتها بيانات معينة حددها القانون قابلة للتداول بالطرق التجارية، تمثل حقاً شخصياً موضوعه مبلغ معين من النقود واجب الدفع في وقت معين أو قابل للتعيين ويسهل تحويلها فوراً إلى نقود عن طريق خصمها لدى البنوك).
الكمبيالة (تجارية مطلقاً) والسند لأمر (تجاري في إحدى حالتين: حرر لغرض تجاري، كان المحرر تاجراً ويرجح د. الجبر الحالة الأولى فقط) والشيك (مثل السند لأمر) وتعريفاتها موجودة في ملخص المعاملات المالية المعاصرة.
ثانياً: التوريد: عقد بمقتضاه يتعهد شخص بأن يسلم بضائع معينة لشخص آخر نظير مبلغ معين، كتوريد الأغذية للمدارس وتوريد الخدمات ونحوها. ويرى البعض أنه لا بد من شراء يسبق التوريد، والصحيح عدمه.
ثالثاً: أعمال الصرف والبنوك: وهي تجارية بالنسبة للبنك وليس للعميل إلا كان العمل تجارياً بالتبعية بالنسبة للعميل.
ثالثاً: الوكالة بعمولة: عقد يلتزم بمقتضاه شخص بأن يقوم بعمل قانوني باسمه الخاص لحساب موكله نظير أجر.
رابعاً: السمسرة والوساطة في إبرام العقود: فتشمل كل نوع سمسرة حتى سمسرة الزواج وذلك بالنسبة للسمسار، وأما العملاء فإنه حسب التفصيل في النقطة السابقة.
رابعاً: النقل: وتعد تجارية أياً كان القائم بها فرداً أو مؤسسة وأياً كانت وسيلة النقل.
خامساً: أعمال التجارة البحرية: كإنشاء السفن، وإصلاحها وتأجيرها، وغير ذلك. وذلك بالنسبة لصاحب السفينة، وأما العملاء فإنه حسب التفصيل في النقطة السابقة. ويستثنى من ذلك سفن النـزهة.
خامساً: المحلات والمكاتب التجارية: ورغم صعوبة تحديد ما يدخل تحتها، إلا أنها يمكن أن تشمل: التخليص الجمركي، وإدارة الأملاك، وغيرها. (ولا تشمل المهن الحرة).
سادساً: البيع بالمزاد: وهي إن وقعت منفردة فليست تجارية فيشترط فيها الاحتراف.
سابعاً: إنشاء المباني: وتشمل مقاولات المباني وغيرها مما فيه تعديل لحالة العقار عند تقديم المواد أو العمل، وأما إن اقتصر على الإشراف فقط فهي مدنية.
القسم الثاني: الأعمال التجارية بالتبعية:
وهي المدنية في أصلها لكنها اعتبرت تجارية لصدورها من تاجر ولحاجات تجارته.
بطلان الشركة وآثاره:
مقدمة: الشركة هي عقد يلتزم بمقتضاه اثنان فأكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع يستهدف الربح بتقديم حصة مالية أو عمل، ومن ثم اقتسام ما قد ينشأ عن المشروع من ربح أو خسارة.
أركان الشركة:
الأركان الموضوعية العامة:
1. الرضا.. ويتمثل في التعبير عن إرادة المتعاقدين بشكل خال عن عيوب الإرادة من خطأ أو إكراه أو تدليس.
2. المحل.. وهو المشروع أو النشاط الذي قامت الشركة من أجل تحقيق الربح منه.
3. السبب.. وهو رغبة كل شريك في الحصول على نصيب من الربح أو اقتسام مخاطر الخسارة.
4. الأهلية.
الأركان الموضوعية الخاصة: 1. تعدد الشركاء. 2. نية المشاركة. 3. تقديم الحصص. 4. اقتسام الأرباح والخسارة.
الأركان الشكلية: 1. كتابة العقد. 2. إشهار العقد.
بطلان الشركة:
أولا: البطلان المطلق:
* يكون عند انعدام الرضا أو الأهلية وقت التعاقد وكذا إن كان المحل أو السبب غير مشروع، وكذا عند تخلف أي من الأركان الموضوعية الخاصة. (شرط الأسد في النظام السعودي لا يبطل العقد بل الشرط فقط).
* يترتب عليه إنهيار العقد برمته واعتباره كأن لم يكن ومن ثم: لا مجال لطلب تقديم الحصص، ويتعين ردها إن كانت قدمت، ويكون ذلك بحسب نسبة الحصص لا وفقا لشروط العقد...
* وهذا البطلان يجوز التمسك به من كل ذي مصلحة، وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولا يتصحح بالإجازة.. وهل يجوز للشركاء التمسك به في مواجهة حسن النية من الغير؟ معظم الشراح: لا.. مثاله: لا يجوز الدفع بعدم مشروعية الشركة ذات النشاط المحظور للتخلص من التزامات قبل تاجر حسن النية.
ثانيا: البطلان النسبي:
* يكون عند نقص أهلية بعض الشركاء (لا انعدامها) وقت التعاقد، وتوافر عيب من عيوب الإرادة في الرضا.
* وإذا حكم بالبطلان بناء على طلب من له الحق (بعد إكمال الأهلية أو زوال عيب الإرادة) أو ممثله فإن صفة الشريك تزول عنه ويسترد حصته بالكامل وليس له شيء من الأرباح ولا عليه خسائر.. أي تعتبر الشركة باطلة بالنسبة له منذ نشأتها.. وهل تبطل بالنسبة للآخرين أو يبطل العقد؟ إن كانت من شركات الأشخاص (أي القائمة على الاعتبار الشخصي.. كشركة التضامن) فإنها تبطل. لكن ذلك بالنسبة للمستقبل.. أما الماضي فتعتبر الشركة قائمة بالنسبة لباقي الشركاء في الفترة ما بين إنشائها والحكم ببطلانها.. وإن كانت من شركات الأموال (كالمساهمة) فلا تبطل الشركة وإنما يتم طرح أسهم ذلك الشريك للاكتتاب بين باقي الشركاء.. (ملاحظة: شركة التوصية بالأسهم هي شركة مختلطة فإن كان ذلك الشريك متضامنا فتأخذ حكم شركات الأشخاص وإن كان مساهما فحكم شركات الأموال).
* وهذا البطلان لا يجوز التمسك به إلا من ذي مصلحة، ولا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ويتصحح بالإجازة.
ملاحظة: تخلف الأركان الشكلية لا يترتب على تخلفه في النظام السعودي بطلان الشركة بل مجرد عدم الاحتجاج بالشركة على الغير.
نظرية الشركة الفعلية:
مفهوم النظرية وأساسها: القواعد العامة تقضي عند بطلان العقد اعادة المتعاقدين إلى حالة ما قبل التعاقد.. لأن البطلان يقضي على كيان العقد وكل ما ترتب عليه من آثار ليس في المستقبل وحسب بل في الماضي أيضا.
وإعمال هذه القاعدة (الأثر الرجعي للبطلان) بالنسبة لعقد الشركة ينطوي في حالات كثيرة على مجافاة للمنطق والعدالة.. إذ أن الشركة قد يكون سبب بطلانها خفيا فيدخل الآخرون معها في معاملات وتصرفات ننرتب عليها حقوق والتزامات... ومن ثم فقد استقر الأمر على أنه متى حكم ببطلان الشركة فإن أثر البطلان يقتصر على المستقبل فقط ولا يمتد للماضي .. بل تعتبر الشركة واقعا قائما بالفعل ويعتد بنشاطها خلال الفترة ما بين تكوينها والحكم ببطلانها وهو ما يسمى بـ (الشركة الواقعية أو الفعلية).
وأساس هذه النظرية هو فكرة حماية الأوضاع الظاهرة تحقيقا لاستقرار المراكز القانونية.. والبعض يؤسس النظرية على فكرة أن هذا العقد يعتبر من العقود المستمرة التي تنفذ يوما فيوما .. فالحكم ببطلانه يتعلق بمستقبل العقد لا ماضيه.
وقد اعترف النظام السعودي بالنظرية عند كلامه عن شركة المحاصة.
نطاق النظرية: مجال إعمالها هو في حالة البطلان النسبي.. لا البطلان المطلق وذلك لتعلق سببه (الأخير) بالنظام العام ومن ثم يمتد للماضي كما للحاضر والمستقبل...ويشترط بداهة لتطبيق النظرية: أن تكون الشركة قد باشرت أعمالها بالفعل قبل الحكم ببطلانها، وإلا فلا فائدة من إعمال النظرية.
ومن ثم فتعتبر الشركة فعلية في الحالات التالية:
1. حالة بطلان الشركة بسبب نقص أهلية أحد الشركاء متى كانت من شركات الأشخاص وذلك بالنسبة لباقي الشركاء.. أما ذلك الشريك فتعتبر الشركة في حقه كأن لم تكن.
2. حالة بطلان الشركة بسبب عيب في إرادة أحد الشركاء متى كانت من شركات الأشخاص وذلك بالنسبة لباقي الشركاء.. أما ذلك الشريك فتعتبر الشركة في حقه كأن لم تكن.
3. حالة بطلان الشركة بسبب عدم توافر شرط خاص يتطلبه القانون في بعض الشركات كعدد معين من الشركاء أو مقدار محدد من راس المال.
ولا محل لاعتبار الشركة فعلية في الحالات التالية:
1. حالة بطلان الشركة لانعدام أهلية أو رضا أحد الشركاء.
2. حالة بطلان الشركة بسبب عدم مشروعية المحل أو السبب.
3. حالة بطلان الشركة بسبب عدم توافر الأركان الموضوعية الخاصة بعقد الشركة.
4. حال عدم مراعاة الأركان الشكلية.. إذ لا يترتب عليها أساسا البطلان وإنما عدم جواز الاحتجاج بالعقد على الآخرين.
آثار الاعتراف بوجود الشركة الفعلية:
أولا: بالنسبة للشركة ذاتها والشركاء:
1. يتعين حلها وتصفيتها، وتخضع في ذلك لنفس الإجراءات التي تخضع لها الشركات القانونية.. فتحتفظ بشخصيتها المعنوية بالقدر اللازم إلى انتهاء التصفية.. ويجوز إشهار إفلاسها.. ولا مانع - عند البعض - من اتباع الشروط الواردة في العقد بشأن التصفية.
2. تتمتع بالشخصية المعنوية وتعتبر تصرفاتها بما ترتبه من حقوق والتزامات صحيحة سواء فيما بين الشركاء أو في مواجهة الغير.
3. تخضع للضرائب والإعفاءات الضريبية المقررة .
4. يجوز إثبات عقدها بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن.
ثانيا: بالنسبة للغير:
للغير أن يختار الموقف الذي يتناسب ومصلحته، فله أن يتمسك بوجودها الفعلي في الماضي(كدائن للشركة يريد التنفيذ على أموالها)، وله أن يتمسك ببطلانها في الماضي (كدائن شخصي لشريك يريد التفيذ على حصته).. أما إن تعارضت مصالح الغير في ذلك فلا مناص من ترجيح من يتمسك ببطلانها في الماضي لأنه الأصل وفقا للقواعد العامة للبطلان.
العقود التجارية:
تعريفها:
لا تختلف في جوهرها عن العقود المدنية، ولكنها تبع لصفة أطراف العقد والغرض من التعاقد. وعند اعتبارها تجارية فإنه يجب أن تكون خاضعة للقواعد القانونية التي تحكم الأعمال التجارية.
ويعد العقد كذلك إذا كان موضوعه عملا من الأعمال التجارية الأصلية أو كان القائم به تاجرا لحاجات تجارته.. مع ملاحظة أن ثمة عقود لا تكاد إلا أن تكون تجارية كعقد السمسرة والنقل أو الشحن.
خصائصها:
1. هي عقود معاوضة يبتغي كل طرف فيها مقابلا وعوضا لما يعطي، ففكرة التبرع تتنافى مع العمل التجاري.
2. هي عقود رضائية تتم بمجرد ارتباط القبول بالإيجاب دون حاجة لإفراغها في شكل معين غالبا.
3. لا ترد إلا على منقولات لا العقارات ولا ترد مشكلة ضمان الاستحقاق لأن الحيازة سند الملكية في المنقول، وغالبا لا ترد على شيء معين بالذات وقت العقد وإنما على أشياء مثلية وكمية معينة.
القواعد الخاصة بها:
الأصل خضوعها للقواعد العامة السارية على العقود المدنية غير أن طبيعة التجارة وما تقتضيه من سرعة وإئتمان اقتضى بعض ما يميزها من حيث:
أولا: الانعقاد:
التعاقد بين الغائبين وبالمراسلة يكاد ينحصر في العقود التجارية (واختلف هل يتم بمكان إيجاب الموجب وعلمه أو القابل، وللعلم فإن الإيجاب غير ملزم ما لم يصحب بالقبول في الفقه الإسلامي بل إن خيار المجلس يجيز التراجع عن القبول على الصحيح، وأما المراسلة فإن الفقه يجيزها ويعد الإيجاب والقبول بعد قراءة المرسل إليه الخطاب فمجلس العقد يبدأ من وصول الخطاب).
الإيجاب في التجارية ملزم طيلة الفترة المعينة من الموجب أو المحددة قانونا أو عرفا.
الإيجاب كثيرا ما يكون موجه لغير معينيين كإيجاب صاحب المطعم.
السكوت يعتبر في كثير من الحالات قبولا خصوصاً إذا كان هناك علاقة سابقة بين المتعاقدين أو كان الإيجاب متعلقاً ببضاعة استلمها المشتري مع بيان الحساب الخاص بها (وفي الفقه الإسلامي يعد السكوت قبولاً إذا دلت القرائن على ذلك).
ثانيا: التنفيذ: غالبا ما تكون مؤجلة التنفيذ، وقد حرص القانون لضمان التنفيذ وسرعته على وضع قواعد منها: (سبق ذكرها في القواعد الخاصة بالالتزامات التجارية)
افتراض تضامن المدينين.
عدم منح المدين مهلة قضائية.
عدم لزوم إعذار المدين.
نظام الإفلاس.
وقت التقادم قصير.
ثالثا: الإثبات: يتأتى بكل الطرق بما فيه الشهود والقرائن وبالدفاتر التجارية (وتختلف قوة إثبات الدفاتر التجارية حسب ما إذا كان مقدمها كاتبها أو غيره فيجوز له الاحتجاج على غيره بدفاتره التي صنعها إذا كانت منتظمة وتعد دليلاً ضده كذلك، ولكنها لا تعد دليلاً مطلقاً ملزماً بل يجوز إثبات عكسها بكافة وسائل الإثبات، والعمل في المملكة على اعتبارها ضد التجار وإن كانت تطلب اليمين أحياناً) بخلاف العقود المدنية التي تشترط كثير من القوانين كتابتها وفق شكل معين، وهذا هو مضمون الفقه الإسلامي حيث ندب إلى كتابة الدين واستثنى الله عزوجل "إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها". ولكن هناك بعض العقود لا بد فيها من الكتابة كعقد الشركة وبيع السفينة ونحوها. وأما الفواتير فهي حجة على العميل إذا قبلها فقط صراحة أو ضمناً.
رابعا: الاختصاص القضائي: التوجه نحو قضاء خاص بالنزاعات التجارية، في المملكة: لجان الأوراق التجارية وهيئات حسم المنازعات التجارية، سابقاً ثم ديوان المظالم حالياً.
الاتجاهات الحديثة في العقود التجارية:
أ. اتساع تدخل الدولة وتراجع مبدأ سلطان الإرادة:
الغلو الذي ساد مبدأ سلطان الإرادة في القرن ال19 نتيجة شيوع المذهب الفردي ترتب عليه مظالم وأزمات اقتصادية، لذا نشطت الدول في التدخل وتوجيه النشاط الاقتصادي بما يلبي المصلحة العامة، ومن ذلك في مجال العقود التجارية: وضع قواعد قانونية آمرة يلتزم ذوي العلاقة باحترامها وإلا تعرضوا للجزاء.. كما في تسعير السلع والخدمات، وتحديد أرباح الوسطاء، وتقرير بطلان الشروط التعسفية، وإخضاع تنفيذ العقود لإجراءات إدارية و تراخيص.
ب. اتخاذ شكل العقود النموذجية الموحدة:
اتخذت كثير من العقود التجارية شكل عقود نموذجية موحدة ومعدة سلفا، تحوي على الشروط العامة للعقد وحقوق والتزامات الاطراف كعقود الكهرباء والتأمين، وتثير هذه فكرة الإذعان لذا يلجأ القضاء لحماية الضعفاء و إبطال الشروط التعسفية، والبعض يفسر ذلك بانتشار ظاهرتي التركز والاحتكار في النشاط التجاري وما أدتا إليه من خلق منشآت تجارية ضخمة لكن ميزتها الوضوح والتحديد وحسم المنازعات.
ج. الاتجاه نحو التوحيد على المستوى الدولي (التدويل):
عملت الدول على توحيد أحكام المعاملات التجارية ذات الطابع الدولي عن طريق مجموعة من المعاهدات الدولية إضافة إلى سن تشريعات وطنية ذات قواعد متشابهة فيما يتعلق بالتجارة وذلك لتوحيد الأحكام والقضاء على حالات تنازع القوانين في أمور يجب أن يعرف أطرافها مقدما على وجه الدقة ما لهم وما عليهم.. خصوصا ومع عبور أغلب أشكال التجار للحدود المحلية.
وأيضا فقد عمد التجار أنفسهم من خلال العرف التجاري ومن خلال منظماتهم المهنية إلى توحيد أحكام العقود التجارية من خلال اصدار عقود نموذجية يلتزمون بها في معاملاتهم الدولية كما في عقود الاستيراد والبيع الدولي والاعتماد المستندي.
القواعد الخاصة ببعض البيوع التجارية
أولا: أشكال خاصة من البيوع التجارية:
بيع البضاعة الحاضرة:
بيع بضاعة حاضرة جاهزة للتسليم، والأصل إلزام البائع بتسليم البضاعة للمشتري دون خيار للمشتري بالتراجع، وأحياناً يمنح 3 أيام وذلك لفحص البضاعة. ويعد العقد بيعاً على شرط واقف هو اعتماد أو قبول المشتري للبضاعة في المهلة المحددة اتفاقاً أو عرفاً، فإذا رفض أو سكت حتى مضت المدة دون قبول عد ذلك الشرط غير متحقق ولم يتم البيع. وقد يعد البيع على شرط فاسخ فإذا لم يعلن المشتري الرفض خلال مدة معينة فإن العقد قد تم منذ إبرامه. وعند إعمال الشرط في كلا الأمرين فإن العقد كأن لم يكن ولا حق لأحد على الآخر.
بيع السلم:
في الفقه: بيع مثمن آجل بعاجل وله ضوابطه الفقهية بأن يكون باتاً خالياً من خيار الشرط أو الرؤية وأن يكون المبيع معلوم الجنس والنوع والقدر، ويرى الحنفية أن يكون نوع المبيع موجوداً في وقت التعاقد وأن يستمر وجوده إلى وقت حلول الأجل كما يجب أن يكون الثمن مدفوعاً مقدماً. وأما القانون فإنه يخضعه لقواعد البيع العامة فلا يشترط دفعاً مقدماً ولا غير ذلك.
البيع بشرط المذاق:
سواء كان الشرط صريحاً أو ضمنياً، ويجوز الاتفاق على استبعاد الشرط صراحة أو ضمناً، ويتم المذاق حسب العرف أو الاتفاق فإن لم يكن ففي مكان التسليم، ويكون القبول أو الرفض بعد ذلك صريحاً أو ضمناً. ويعده القانونيون وعداً بالبيع وليس بيعاً معلقاً على شرط واقف أو فاسخ. وأما في الفقه فيعد نوعاً من خيار الرؤية ويعد العقد منعقداً.
البيع بشرط التجربة:
وذلك فيما يحتاج إلى تجربته كسيارة أو غيرها، وسواء كان الشرط صريحاً أو ضمناً أو عرفياً، فإذا انتهت المدة المحددة للرد دون رفض عد البيع تاماً، وهو قانوناً بيع معلق على شرط واقف إلا إن تبين من الاتفاق أو الظروف أنه معلق على شرط فاسخ. و في حالة الشرط الواقف فإن المشتري يعد مالكاً تحت شرط واقف والبائع مالكاً تحت شرط فاسخ، وإذا هلك المبيع هلك على البائع. وإذ تم القبول كان المشتري مالكاً للمبيع قبل التجربة بأثر رجعي. وإن كان الاتفاق على أن الشرط فاسخ فإن الهلاك على المشتري في القانون.
وأما في الفقه فإن هذا نوع من خيار الشرط، واختلف في خيار الشرط هل هو شرط فاسخ أو واقف.
البيع بالنموذج (العينة):
البيع الذي يعتمد فيه المتبايعان في تعيين البضاعة على نموذج يجب أن تكون البضاعة مطابقة له. ولا يحق له الرفض في حالة مطابقة النموذج، وله الرفض في حالة مخالفته، وله قبولها مع إنقاص الثمن، وله كذلك فسخ العقد بل طلب التعويض عما أصابه من تأخير وضرر وله حق طلب التنفيذ العيني.
البيع بالتقسيط:
وأهم شروطه لدى التجار اشتراط احتفاظ البائع بملكية المبيع بالتقسيط ضماناً للوفاء، ويعده القانون معلقاً على شرط واقف فإن تم الوفاء انتقلت الملكية بأثر رجعي، وهو الراجح في الفقه.
البيع بالمزاد العلني أو التصفية:
وهو جائز فقهاً (بيع من يزيد)، وأما بيع المستام فإن له صورتين: الأولى أن يزايد المشتري على المشتري بعد تمام البيع بثمن معلوم، والثانية أن ينافس البائع بعد تمام البيع بعرض البضاعة على المشتري بثمن أقل. وأما النجش فهو معروف ومحرم.
ثانيا: البيوع البحرية:
تعريفها: هي البيوع التي يقتضي تنفيذها نقل البضاعة المبيعة بطريق البحر، وتسمى أيضا بالبيع المستندي حيث تمثل البضاعة المنقولة وثيقة خاصة هي (سند الشحن) ترفق معها وثيقة التأمين وفاتورة البضاعة وتسلم للمشتري.
أقسامها بحسب وقت انتقال الملكية إلى المشتري:
أ. بيوع الوصول: ويلتزم فيها البائع بشحن البضاعة خلال مدة معينة وإيصالها للمشتري على سفينة معينة أو غير معينة، ويظل البائع مالكا للبضاعة أثناء فترة النقل ويكون عليه تبعة هلاكها.
ب. بيوع القيام: وفيها تنتقل ملكية البضاعة إلى المشتري منذ شحنها في ميناء القيام ، ومن ثم فتبعة هلاكها أثناء النقل تكون على المشتري. وهو أنواع أشهرها:
C.I.F : (تنتقل الملكية للمشتري بمجرد الشحن ويتحمل البائع التأمين عليها وأجرة الشحن).
وفائدته للمشتري: يستطيع التصرف في البضاعة بالبيع أو الرهن قبل وصولها، وللبائع: يحصل على ثمنها فور شحنها حيث يقوم بسحب كمبيالة على المشتري وخصمها لدى أحد البنوك بعد أن يرفق معها سند الشحن والتأمين والفاتورة وغيرها من مستندات متعلقة بالبضاعة بحسب نوع عقد البيع، وتبقى المستندات الممثلة للبضاعة مرهونة لدى البنك إلى أن يقبل المشتري الكمبيالة أو يدفع قيمتها حال الاستحقاق.
وعيبها ينتقل ملكية البضاعة إلى المشتري دون معاينة، ومن ثم قد يرفض تسلمها حال انخفاض سعرها بحجة عدم مطابقتها، لذا يحتاط الباعة بالحصول على شهادة مواصفات من خبراء عند شحنها لتكون سنداً عند النزاع.
F.O.B: (تنتقل ملكيته للمشتري من وضعها على ظهر السفينة) لا يلتزم فيه البائع بنقل البضاعة ولا التأمين عليها (ولكن عليه مصاريف الشحن للبضاعة على السفينة)، وتنتهي فيه مسؤولياته بمجرد وضع البضاعة على ظهر السفينة التي يختارها المشتري إلا إذا وكله المشتري.
F.A.S: لا يلتزم فيه البائع بنقل البضاعة ولا التأمين عليها ولا شحنها وإنما يضعها على رصيف الميناء.
والبائع هو من يختار السفينة في البيع C.I.F والمشتري هو من يختار السفينة في البيع F.O.B.
العقود الدولية: اتفاقية فيينا للبيع الدولي:
صاحب ازدياد حجم التبادلات التجارية بين الدول إلى الاهتمام بتوحيد القواعد القانونية التي تحكم التجارة الدولية فكانت في 1964 اتفاقية لاهاي بشأن البيع الدولي للمنقولات المادية ثم أقر مؤتمر الأمم المتحدة سنة 1980 و اتفاقية فينا بشأن البيع الدولي والتي:
تطبق على عقود بيع البضائع المبرمة بين أطراف منشآتهم في دول مختلفة.
تحكم بيوع البضائع بصرف النظر عن طبيعتها (مدنية أو تجارية) أو صفة أطرافها.
لا تنطبق على ما يشترى بقصد الاستعمال الشخصي أو المنزلي ولا بيوع المزاد ولا بيع الأوراق التجارية أو النقود أو البواخر والطائرات أو الكهرباء ولا البيوع القضائية.
يمكن للأطراف النص على عدم تطبيقها.
أهم أحكامها:
من حيث تكوين العقد:
يثبت بكل طرق الإثبات.
لا يخضع إبرامه لأي شرط شكلي.
الإيجاب يجب أن يكون محدداً بشكل كاف من حيث التعيين والسعر والقبول مطابق للإيجاب.
يمكن الرجوع عن الإيجاب إذا كان قبل القبول أو مالم يصل إلى علم من وجه إليه ويكون ملزماً إذا كان محدداً لمدة معينة.
2. من حيث نقل الملكية وتبعة الهلاك: لا تحكم الاتفاقية الآثار التي تكون للعقد على ملكية البضائع المباعة. وعلى كلٍ فإن البائع يلتزم بنقل الملكية (لم تفصل وقت الانتقال ولا كيفيته تاركة ذلك لأنظمة القانونية) وتبعة الهلاك مرتبطة بالتسليم لأول ناقل.
3. من حيث التزامات البائع: يلتزم بجانب نقل المكية بتسليم البضاعة المباعة والمستندات الخاصة بها عنج اللزوم في مكان منشأته إلا إذا تضمن العقد مكاناً آخر، ويتم نقل البضاعة بتسليمها لأول ناقل... ويتم التسليم في مدة معقولة ما لم يتضمن العقد تحديدا. و يجب تطابق مواصفات البضاعة ما نص عليه العقد.
4. من حيث الجزاءات: بحسب طبيعة المخالفة وما إذا كانت جوهرية أو غير جوهرية (الجوهرية التي يحرم ضررها العاقد من مقصود العقد أو مما كان يحق له قانونا أن ينتظره من العقد إلا إن كان الطرف المخطئ لم يتوقع مثل هذه النتيجة وكذلك أي شخص في مكانه وظروفه)..
5. التزامات المشتري: دفع الثمن وتسلم البضاعة ويشمل قيامه بكافة الاجراءات الممكنة للبائع من تنفيذ التزامه بالتسليم.
الاعتماد المستندي:
تعريفه: هو عقد يتعهد بموجبه البنك (فاتح الاعتماد) لأحد عملائه (الآمر) بدفع مبلغ لصالح شخص ثالث (المستفيد) مقابل مستندات شحن بضاعة مطابقة لشروط الاعتماد وفي حدود صلاحيته.
يختلف عن الاعتماد البسيط في أنه لصالح طرف ثالث (لا العميل نفسه) وأنه مقابل مستندات شحن.
أهميته: كبيرة في تجارة الاستيراد والتصدير.. يضمن للمشتري التأكد من شحن البضاعة ومطابقتها للمواصفات.. ويضمن للبائع ثمن بضاعته فور شحنها..
تكييفه وطبيعته: اختلفوا هل هو كفالة أم إنابة قاصرة أم اشتراط لمصلحة الغير أو مجرد إرادة منفردة.. وعلى كل فهو وسيلة ضمان ابتدعها العرف المصرفي تلبية لحاجات اقتصادية.
التصرفات القانونية التي يقترن بها:
1. عقد بيع بين المستورد والمصدر.
2. اتفاق بين المستورد وبنك لفتح اعتماد لصالح المصدر مقابل مستندات البضاعة.
3. إرسال البنك خطاب اعتماد إلى المصدر باستعداده للدفع مقابل تسلمه مستندات البضاعة.
4. يقوم المصدر بالشحن وفقا للشروط ويسلم المستندات للبنك ليتسلم الثمن منه بعد تأكده منها..
5. يسدد المستورد للبنك الثمن فيسلمه المستندات ليتسنى له تسلم بضاعته.
صور الاعتماد المستندي:
1. الاعتماد القابل للنقض: يحتفظ فيه البنك بالحق في الرجوع فيه وإلغائه أو تعديله في أي وقت دون حاجة لإخطار المستفيد بذلك.. وهو بذلك بمثابة عقد وكالة ينوب فيها البنك عن عميله المشتري قبل البائع، وهو عالٍ المخاطرة بالنسبة للبائع لإمكانية إلغائه في أي وقت وضياع حقوقه لذلك هو نادر من الناحية العملية.
2. الاعتماد غير القابل للنقض: لا يتأتى فيه للبنك الرجوع أو التعديل دون موافقة جميع الأطراف.. وهو أشهر الصور.
3. الاعتماد غير القابل للنقض والمعزز: أي المؤيد بتدخل بنك آخر موجود في بلد المصدر المستفيد بحيث يلتزم بمثل ما التزم به بنك المستورد.
4. الاعتماد القابل للتجديد (الدوار): يطلب فيه الآمر (المستورد) من بنكه فتح اعتماد في حدود مبلغ معين قابل للتجديد والتدوير خلال مدة معينة لصالح المستفيد بحيث يتحصل الأخير على مبلغ الاعتماد كلما قدم مستندات عملية جديدة.
5. الاعتماد القابل للتحويل: يستطيع فيه المستفيد تحويله مرة آخرى لصالح مستفيد آخر أو أكثر.. ويستعمل غالبا عندما يكون هو وسيطا، ويمكن تعديل التالي: مبلغه بحيث يخصم ربحه قبل التحويل، أو مدته، استبدال اسم فاتح الاعتماد باسمه لعدم معرفة فاتح الاعتماد الحقيقي.
الآثار الناشئة عن الاعتماد المستندي:
أ. العلاقة بين العميل الآمر والمستفيد (المستورد والمصدر/ المشتري والبائع):
يفتح المشتري الاعتماد وفقا لشروط عقد البيع من حيث ما إذا حدد البائع البنك والمدة، ويلتزم البائع والمشتري بالشروط، مثل تسليم البنك مستندات البضاعة وفقا لما اتفق عليه من مواصفات ومدة وغير ذلك.
ب. العلاقة بين العميل الآمر والبنك:
يحددها عقد فتح الاعتماد المبرم بينهما، ويلتزم فيه البنك بـ: 1/فتح الاعتماد وإخطار المستفيد به 2/فحص مستندات البضاعة (سند الشحن، بوليصة التأمين، فاتورة البضاعة، شهادة المنشأ) 3/ تسليم المستندات للعميل. وفي المقابل يلتزم العميل بدفع العمولة المتفق عليها ورد مبلغ الاعتماد وأية مصاريف أخرى.
ج. العلاقة بين البنك والمستفيد:
تستند إلى خطاب الاعتماد نفسه وما تضمنه. حيث يلتزم البنك بموجبه بدفع مبلغ الاعتماد للمستفيد، والتزامه تجاه المستفيد التزام مباشر ومجرد ومنفصل عن عميله فاتح الاعتماد، وفي المقابل يلتزم المستفيد بتسليم البنك كافة المستندات اللازمة ضمن الميعاد المحدد ووفق المواصفات المحددة.
خطاب الضمان:
تعريفه: هو تعهد صادر عن البنك بناء على طلب عميل له (الآمر) بدفع مبلغ معين أو قابل للتعيين لشخص ثالث (المستفيد) بدون قيد أو شرط وذلك إذا طلب منه خلال المدة المعينة في الخطاب.
أهميته: مجال العطاءات الحكومية، ونظام الإيداع في الجمارك والسماح المؤقت أو البضائع العابرة كي يستطيع استلام البضاعة، وفي حالة المنازعات الضريبية أو نزاع مع السلطة العامة يترتب عليه التزام لها.
مميزاته: للبنك: عمولة ومصاريف + احتفاظه بغطاء مالي يزيد ودائعه، للعميل: لا يجمد أمواله لدى الجهة المستفيدة، للمستفيد: ضمان كاف لتنفيذ الالتزام.
تكييفه وطبيعته: اختلفوا هل هو كفالة أم إنابة قاصرة أم اشتراط لمصلحة الغير.. وعلى كل فهو وسيلة ضمان ابتدعها العرف المصرفي تلبية لحاجات اقتصادية.
غطاؤه: قد يكون مبلغ نقدي يودعه العميل في البنك، وقد يكون عينيا كرهن اوراق مالية أو عقار، وقد يتمثل في تنازل العميل للبنك عن بعض حقوقه قبل المستفيد، وقد يصدره البنك بغطاء جزئي أو على المكشوف بلا غطاء.
الآثار الناشئة عن خطاب الضمان:
أ. علاقة البنك والعميل: تتحد هذه العلاقة بناء على عقد سابق لإصدار الخطاب، وعادة يلتزم فيه العميل بالغطاء ودفع عمولة أو مصاريف ورد مبلغ الخطاب حال دفعه البنك، وفي المقابل يلتزم البنك بإصدار الخطاب للمستفيد وبالمبلغ والشروط والمدة حسبما يحدده العميل، وكذا برد الغطاء متى انتهت مدة الخطاب.. وهل يلزم البنك إخطار عميله قبل صرف قيمة الخطاب للمستفيد؟ اختلفوا.
ب. علاقة البنك والمستفيد: تحددها خطاب الضمان وما يتضمنه من شروط والتزامات من حيث المدة والمبلغ.. ويعتبر التزام البنك في مواجهة المستفيد: (1) التزاما نهائيا، لا يستطيع البنك الرجوع فيه أو تعديله بعد وصول الخطاب للمستفيد وعدم اعتراضه عليه. (2) التزاما مباشرا، أي بصفته أصيلا لا نائبا عن العميل فهو ليس تابعا في التزامه لالتزام العميل كما هو حال الكفالة المدنية بل التزامه مباشرا (3) التزاما مجردا، أي مستقل عن العلاقة بين البنك وعميله وعن العلاقة بين العميل والمستفيد، ومن ثم لا يجوز للبنك أن يرفض تقديم المبلغ للمستفيد بحجة عدم وجود الغطاء من العميل.
انقضاؤه: (1) بالوفاء للمستفيد. (2) بانتهاء مدته دون طلب صرفه. (3) بإعادته للبنك قبل انتهاء المدة.
ملاحظة:
خطابات الضمان ذات طابع شخصي، تصدر باسم المستفيد بشخصه.
لا يقبل التداول بالطرق التجارية.
كما لا يجوز للمستفيد التنازل عنه للغير.
ومبلغ الخطاب لا يجوز توقيع الحجز عليه بواسطة دائني المستفيد ولا حتى للعميل أن يطلب ذلك بعد صدوره، كما ليس للبنك مقاصاة مبلغه بدين له على المستفيد ما لم يطلب المستفيد قيد المبلغ في حسابه في البنك المصدر فيجوز له المقاصة.
يرى البعض جواز تمديد مدة خطاب الضمان بناء على طلب المستفيد دون الرجوع للعميل، والصحيح وجوب النص في خطاب الضمان على ذلك، وإلا فلا وذلك لئلا يكون للبنك حق تعديل العقد بإرادته المنفردة دون الرجوع للعميل.
1