السبت، 31 يناير 2009

نظيرة الالتزامات والمسؤولية المدنية

بسم الله الرحمن الرحيم

نظرية الالتزام والمسؤولية المدنية
الالتزام هو رابطة قانونية شخصية مالية
وهو نوعان
· التزام بتحقيق غاية
· التزام ببذل عناية
آثاره
· التنفيذ العيني
· الضمان ( التعويض أو الفسخ) وهو ما يسمي بالمسؤولية المدنية وهي انشغال الذمة بأمر معين لسبب
وهي نوعان مسؤولية عقدية ومسؤولية تقصيرية
تختلف المسؤولية العقدية عن التنفيذ العيني حيث إن الدائن يطلب في التنفيذ العيني تنفيذ العقد ويجبر عليه وإذا رفض فيجبر على التعويض.
المسؤولية العقدية*: "هي المسؤولية الناتجة عن عقد صحيح نافذ لازم حالّ التنفيذ ولم يقم المدين بتنفيذه".
أساس المسؤولية العقدية "أركانها": (الخطأ، الضرر، علاقة السببية).
أولاً: الخطأ: "وهو فعلٌ إراديٌ نتج عنه الضرر"[1].
والخطأ العقدي هو "عدم تنفيذ المدين لالتزامه الناشئ من العقد" سواء كان الالتزام بتحقيق غاية "معيّنة هي محل الالتزام"[2] كنقل ملكية المبيع إلى المشتري، أو ببذل عناية "وهو التزام ببذل جهد لا تُضمَنُ نتيجته"[3]، كالمستأجر يجب أن يبذل العناية في استعمال العين المؤجرة وفي المحافظة عليها ما يبذل الشخص المعتاد. وكذلك الطبيب يبذل العناية في علاج المريض.
والدائن هو المكلف بإثبات الخطأ. والخطأ هنا يتمثل في أن المدين لم ينفذ التزامه، وإثبات الخطأ العقدي في تحقيق الغاية يكون بإثبات عدم التنفيذ سواء كان الخطأ عمدياً أو غير عمدي، بل إنه لا يُعتد حتى بالقوة القاهرة ويعد خطأ عقدياً[4]. فيُثبِت المشتري عقد البيع ثم يُثبِت عدم انتقال ملكية المبيع إليه، أما في بذل العناية فالخطأ يكون بالانحراف عن السلوك المعتاد في ذات الظروف فيُثبِت المريض أن الطبيب التزم بعلاجه ثم يُثبِت أن الطبيب لم يبذل في علاجه العناية المطلوبة بإثبات إهمالٍ معين في سلوك الطبيب أو انحرافٍ عن أصول الصنعة. فإذا أثبت ذلك كان إثباتاً لخطأ الطبيب العقدي.
تعديل قواعد المسؤولية في المسؤولية العقدية بالاتفاق: للأطراف كامل الحرية في التخفيف من قواعد المسؤولية أو التشديد فيها بشرط أن لا يكون في التعديل مخالفة للنظام العام. وذلك بأن لا يترتب عليه الإعفاء من الفعل العمد أو ما يلحق به كالخطأ الجسيم. لأن ذلك يجعل العقد معلّقاً على شرط إرادي محض، وهذا مخالفٌ للنظام العام. فيجوز الإعفاء من الفعل غير العمد والخطأ التافه واليسير.
ففي الالتزام بتحقيق غاية: الأصل أن المدين مسؤول عن الفعل العمد والخطأ الجسيم والخطأ اليسير والخطأ التافه والفعل المجرّد.
فيجوز الاتفاق على الإعفاء من كل خطأ عدا الخطأ الجسيم والفعل العمد كالغش. فيتحول بذلك الالتزام من التزامٍ بتحقيق غاية إلى التزامٍ ببذل عناية. كما يجوز التشديد عن الأصل ومساءلته عن القوة القاهرة والسبب الأجنبي وذلك نوعٌ من التأمين.
مثال: التزام أمين النقل بنقل بضاعة سالمة. يجوز التخفيف من الالتزام لدرجة أن يعفى أمين النقل من المسؤولية عن الخطأ اليسير. ويجوز التشديد حتى يشمل التزامه القوة القاهرة والسبب الأجنبي وهذا ضرب من التأمين يلتزم به أمين النقل.
وفي الالتزام ببذل عناية: الأصل أن المدين مسؤول عن الفعل العمد والخطأ الجسيم والخطأ اليسير فقط.
فيجوز أن يشدد الاتفاق فيكون المدين مسؤولاً عن الخطأ التافه وعن الفعل المجرد، فينقلب من التزام ببذل عناية إلى التزام بتحقيق غاية والغاية هنا هي رد العين المؤجرة سالمة. فالأصل أن العناية هنا هي عناية الشخص المعتاد، فلا يكون المستأجر مسؤولاً عن السبب الأجنبي ولا عن الفعل المجرّد من الخطأ ولا عن الخطأ التافه، لكنه يكون مسؤولاً عن خطئه الجسيم أو العمد وكذلك اليسير. بل حتى يمكن أن يسأل عن السبب الأجنبي ويكون هذا نوعاً من التأمين.
ويجوز تخفيف المسؤولية ليكون غير مسؤول عن الخطأ اليسير إلا أنه لا يمكنه إعفاء نفسه من العمد أو الخطأ الجسيم.
فالالتزام قد يكون لتحقيق غاية وقد يكون لبذل عناية وذلك بناءً على مقدار العناية المطلوبة من المدين.

ثانياً: الضرر:
الضرر المادي: يجب التعويض عن كل ضرر مادي حالٍّ أو مستقبلي محقق الوقوع، ولا يعوض عن الضرر المستقبلي المحتمل إلا إذا تحقق ولكن ترفع دعوى حتى قبل وقوعه لئلا يسقط حقه بسبب التقادم.
الضرر المادي الحال:
مثال: مصنع تعاقد على استيراد خامات فيخل المورد بالتزامه فيضطر المصنع إلى شراء هذه الخامات من جهة أخرى بثمن أغلى، فالفرق في الثمن خسارة تحملها المصنع يرجع بها على المورد.
الضرر المادي المستقبلي المحقق: يتم التعويض عنه حالاً بشرط أن يكون تقدير التعويض مقابل الضرر ممكناً.
مثال: مصنع تعاقد على استيراد خامات لا لصنعها في الحال بل ليدخرها للمقبل من الأيام، فيخل المورد بالتزامه فالضرر هنا لا يلحق المصنع في الحال إذ عنده خامات كافية ولكن يلحق به الضرر مستقبلا حينما ينفد ما عنده من الخامات ويصبح في حاجة إلى الجديد الذي تعاقد على استيراده. ولما كان الضرر محقق الوقوع في المستقبل ويمكن تقدير التعويض عنه في الحال، فللمصنع أن يرجع فوراً بالتعويض على المورِّد.
الضرر المادي المستقبلي المحتمل:
مثال: أحدث مستأجرٌ خللا بالبيت المؤجر يُخشى معه أن يتهدم. فالخلل ضرر ولكن تهدم البيت ضرر محتمل. فيعوض المؤجِّر فوراً عن الخلل وهو ضرر حال، أما الضرر المحتمل وهو تهدم البيت فلا يعوض عنه إلا إذا تحقق.
الضرر الأدبي[5]: يوجب القانون التعويض عن الضرر الأدبي وفق ضوابط فلا ينتقل إلى الوارث أو المحال له إلا إذا تحدد الضرر بمقتضى اتفاق أو طالب الأصيل به أمام القضاء قبل وفاته، فينتقل الحقّ إلى ورثته.
الضرر: ينقسم إلى مباشر وغير مباشر. المباشر ينقسم إلى متوقع ومباشر غير متوقع.
نبدأ بالضرر غير المباشر: لأنه لا يعوض عنه لا في المسؤولية العقدية ولا في المسؤولية التقصيرية. فنستبعده تماماً.
أما الضرر المباشر المتوقع: فيعوض عنه في المسؤولية العقدية والتقصيرية.
مثال: اضطر المستأجر إلى إخلاء المنزل المستأجر قبل انقضاء مدة الإيجار لعدم قيام المؤجر بالتزامه من ترميم اشترطه عليه المستأجر. فينتقل إلى منـزل مساوٍ للمنـزل الأول ولكنه أعلى أجرة. ويتلف بعض المفروشات أثناء النقل، ثم يكون في المنـزل الجديد ميكروب لمرض معدٍ ينقل إليه هذا المرض.
فالفرق بين المنـزلين في الأجرة هو الضرر المباشر المتوقع والمدين مسؤولٌ عنه. وقيمة المفروشات التي تلفت هي الضرر المباشر غير المتوقع. ولا يكون المدين مسؤولاً عنه إلا في حالة كان الخطأ عمداً أو جسيماً. والمسؤولية هنا تقصيرية. وأما المرض بسبب الميكروب المعدي فهو ضرر غير مباشر ولا يكون المدين مسؤولا عنه لا في المسؤولية العقدية ولا التقصيرية.
الضرر المباشر غير المتوقع: يعوض عنه في المسؤولية التقصيرية دون العقدية إلا في حالتي الغش والخطأ الجسيم فيعوض عن كل ضرر مباشر ولو كان غير متوقع. مثال: باع شخصٌ بقرةً موبوءة، فأعدت مواشي المشتري وماتت ومات معها سائر المواشي. الضرر المباشر المتوقع هو موت البقرة. وغير المتوقع هو موت المواشي. فيعوض عن الضررين لأنه غشَّ المشتري وهذا خطأ عمد إن كان يعلم.
لماذا قصر التعويض على الضرر المباشر المتوقع فقط؟
إن الأصل في المسؤولية سواء كانت تقصيرية أو عقدية وجوب التعويض عن كامل الضرر المباشر سواء كان متوقعاً أم غير متوقع، غير أنها لما كانت قائمة على العقد فإن هناك افتراضاً قانونياً بأن إرادة المتعاقدين انصرفت إلى قصر المسؤولية على الضرر الذي يتوقعه المدين ويكون هذا الافتراض بمثابة شرط اتفاقي يُعدّل مقدار المسؤولية، لكن لما كان هذا الشرط باطلاً في حالتي الغش والخطأ الجسيم أصبح المدين ملتزماً بالتعويض الكامل عن الضرر المباشر متوقعاً أم غير متوقع لأننا رجعنا إلى الأصل وهو التعويض الكامل.
كيف نحدد الضرر المباشر؟
الخطأ المباشر هو ما كان نتيجة طبيعية للخطأ الذي أحدثه، ويكون نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جهد معقول. مثال: باع شخصٌ بقرةً موبوءة، فأعدت مواشي المشتري وماتت ومات معها سائر المواشي، فلم يتمكن المشتري من زراعة أرضه، فأعوزه المال ولم يستطع الوفاء بديونه، فحجز الدائنون على أرضه وباعوها بثمن بخس.
ضابط الضرر غير المباشر هو: (أي ضرر بإمكان المشتري التوقي منه ببذل جهدٍ معقول).
فموت البقرة الموبوءة، وعدوى المواشي وموتها. لا يمكن للمشتري التوقي منه ببذل جهد معقول فهي أضرار مباشرة الأول متوقع والثاني غير متوقع. وأما العجز عن الزراعة وعن وفاء الديون وحجز الأرض وبيعها بثمن بخس فإنه كان في وسع المشتري أن يتفاداها ببذل جهد معقول. إذ كان في استطاعته أن يستأجر مواشي أخرى لزراعة أرضه أو أن يؤجر الأرض ذاتها لغيره، فتقف بذلك سلسلة الأضرار المتلاحقة. ومن ثم تعد هذه الأضرار غير مباشرة.
كيف نحدد الضرر المتوقع؟
ضابطه: (الضرر الذي يتوقعه الشخص المعتاد في مثل الظروف الخارجية التي وجد فيها المدين) فيخرج الضرر الذي يتوقعه هذا المدين بالذات.
فيجب أن يكون المدين قد توقع الضرر لا في سببه فحسب بل في مقداره، ويقاس التوقع بمعيار موضوعي لا شخصي ذاتي.
مثال: تعهدت شركة نقل بنقل طرد ثم ضاع الطرد في الطريق. وتبين أنه يحتوي على أشياء ثمينة لم تكن الشركة تتوقعها عند إبرام العقد. فالشركة هنا غير مسؤولة إلا عن القيمة المعقولة للطرد.

ثالثاً: علاقة السببية:
عبء الإثبات: يفترض أن علاقة السببية قائمة ما بين الخطأ والضرر فلا يكلف الدائن بإثباتها، بل هي على المدين.
مثال: أن يقود عامل النقل المركبة التي ينقل فيها بضائع الدائن بسرعة أكبر مما يجب، ولكن البضائع كانت قابلة للكسر بسبب أن صاحبها لم يَصُفَّهَا صَفَّاً جيِّدَاً ومن شأن ذلك أن تتكسر البضائع حتى لو كان عامل النقل يسير بسرعة معتدلة. فلا يتخلص عامل النقل من المسؤولية إلا إذا أثبت أن صاحب البضاعة قد أهمل فلم يصف البضاعة بحيث يأمن عليها من الكسر لو كانت السرعة معتدلة.
فالمدين هو المكلَّف بنفي العلاقة إذا ادعى أنها غير موجودة. ويمكنه ذلك عن طريق أحد ثلاثة أمور:
أولاً: القوة القاهرة أو الحادث الفجائي[6]:
ويشترط فيه ثلاثة شروط:
1- أن يكون غير ممكن التوقع أثناء التعاقد.
2- أن يكون مستحيل الدفع.
3- أن يكون الالتزام مستحيل التنفيذ بسبب ذلك. والاستحالة هنا مطلقة لا نسبيّة، أي يستحيل على أي شخص في موقف المدين تنفيذ الالتزام، وهذا يُميِّزُ بين القوة القاهرة والحوادث الطارئة، إذ إن تنفيذ الالتزام في الحوادث الطارئة يكون مُرهِقاً لا مستحيلاً.
ويكون أثر القوة القاهرة إما وقف التنفيذ حتى زوالها وإما عدم قيام المسؤولية لانقطاع علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
مثال: هاجم العدو بلداً وطرد منها سكانها، فهذا الحادث قوة قاهرة تعفي المستأجر من التزاماته المترتبة على عقد الإيجار.
ثانياً: خطأ المضرور:
· إذا كان خطأ المضرور وحده فليست هناك مسؤولية و ضابط خطأ المضرور: أن ينحرف المضرور في سلوكه عن المألوف من سلوك الرجل المعتاد.
· إذا كان خطأ المدعى عليه وحده فالمسؤولية كاملة عليه.
· إذا كان الخطأ واقعاً من الطرفين وكلا الخطأين أسهم في وقوع الخطأ فهذا محل المسألة وليس لذلك سوى حالتين:
الأولى: استغراق أحد الخطأين للآخر:
فلا أثر هنا للخطأ المستغرَق. فإذا استغرق خطأ المضرور خطأ المدعى عليه فلا مسؤولية. وإذا استغرق خطأ المدعى عليه خطأ المضرور فيتحمل المدعى عليه المسؤولية كاملة.
متى يستغرق أحد الخطأين الآخر؟
1- إذا كان أحد الخطأين يفوق في جسامته كثيراً الخطأ الآخر، ويمكن ذلك في صورتين:
أ‌- أن يكون خطأ أحدهما عمدياً والآخر غير عمدي مثل:
· خطأ المضرور: شخص يريد الانتحار، فألقى بنفسه أمام سيارة تسير بسرعة تجاوز قائدها الحد المفروض قانوناً. فالمنتحر وحده الجاني على نفسه وهو العمدي.
· خطأ المدعى عليه: تعمّد سائق سيارة أن يدهس راكباً فيها مكفوف البصر وهو ينـزل منها دون قائد. فلا يجوز للمدعى عليه أن يحتج بخطأ المضرور لتخفيف مسؤوليته، وخطأ المضرور هنا – وهو الراكب المكفوف البصر – هو نزوله من السيارة بدون قائد.
ب‌- إذا رضي المضرور بما وقع عليه من ضرر فإن ذلك قد يعفي الطرف الآخر من المسؤولية إذا كان خطأ جسيماً وقد يخفف منها إذا كان غير ذلك مثل:
· خطأ المضرور: دَفَعَ المضرور بسائق السيارة إلى أن يسير بسرعة فائقة.
· خطأ المدعى عليه: صاحب سفينة يرضى عن بيِّنة بنقل مُهَرَّبَاتٍ حربية فتُصَادَر سفينته، لا يرجع بشيء على صاحب المهربات.
2- إذا كان خطأ أحدهما نتيجة خطأ الآخر. مثل:
· خطأ المضرور: ركب شخص سيارة وإذا بسائقها يسير بسرعة فائقة، فاندفع بسبب الفزع لأن يقوم بحركة خاطئة التماساً للنجاة فأضرَّ بنفسه. فالمسؤولية هنا كاملةً على المدعى عليه السائق، وليس له أن يحتج بخطأ المضرور.
· خطأ المدعى عليه: دهس سائق سيارة راكباً فيها نزل فجأةً منها وهي تسير. فإن خطأ الراكب يستغرق خطأ السائق المفروض في جانبه.
الحالة الثانية: عدم استغراق أحد الخطأين للآخر (الخطأ المشترك):
ويكون الحكم أن المسؤولية تحدد حسب جسامة خطأ كل طرف، وفي حالة عدم القدرة على تحديد جسامة خطأ كل طرف فتكون على عدد الرؤوس. مثاله: شخص يصاب ويكون المسؤول عن الإصابة مسؤولاً مسؤولية عقدية له، فيهمل المصاب في علاج نفسه فيزيد من الضرر الذي يحدث له. فيقسم القاضي المسؤولية بحسب جسامة خطأ كل من المدعى عليه والمضرور.
ثالثاً: خطأ الغير:
· إذا لم يكن هناك خطأ من الطرفين (الدائن والمدين) وكان خطأ من الغير فإن الغير هو المسؤول وحده.
· إذا لم يكن هناك خطأ من الطرفين (الدائن والمدين) ولم يكن خطأ من الغير فإنها تعد قوة قاهرة ولا مسؤولية.
· إذا كان الخطأ واقعاً من الغير ومن المدعى عليه فهذا محل مسألة ولها صورتان:
الصورة الأولى: استغراق أحد الخطأين للآخر:
· إذا استغرق خطأ المدعى عليه خطأ الغير فإن المدعى عليه هو المسؤول.
· إذا استغرق خطأ الغير خطأ المدعى عليه فإن الغير هو المسؤول.
و لا يرد هنا مسألة رضا الغير بالضرر لأنه لا يتصور أن خطأ المدعى عليه يستغرقه رضا الغير.
الصورة الثانية: عدم استغراق أحد الخطأين للآخر (تعدد المسؤولية):
ويكون الحكم أن المسؤولية تحدد حسب جسامة خطأ كل طرف، وفي حالة عدم القدرة على تحديد جسامة خطأ كل طرف فتكون على عدد الرؤوس.
مثال: دهست سيارة راكباً فيها اضطر لأن يقذف نفسه منها لأن السيارة اعترض طريقها فجأة شخص من المارة فانحرفت عن الطريق وانقلبت. فإن سائق السيارة يكون مسؤولاً هو والغير بحسب جسامة خطأ كل منهما نحو الراكب.


المسؤولية العقدية في الفقه الإسلامي:
قواعد عامة يجب التنويه إليها واستحضارها قبل البدء:
1- قيام المسؤولية في الفقه الغربي يوجب التعويض. أما في الفقه الإسلامي فقيام المسؤولية يوجب فسخ الالتزام ورد المبلغ المقابل له إن كان تم دفعه. ولا يجب التعويض في الفقه الإسلامي إلا في حدود ضيِّقة جداً.
2- في المذهب الحنفي – الذي عليه جميع هذه الدراسة والأمثلة – المنافع ليست مال.
3- في الفقه الإسلامي المعيار دائماً موضوعي وهو بحسب العرف فـ(المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً).
الخطأ العقدي:
لا يختلف الخطأ في الفقه الإسلامي عن مفهومه في القانون الغربي فعدم التنفيذ هو الخطأ العقدي سواء كان ذلك نتيجة إهمال أو تعمد.
كما أن الالتزام بتحقيق غاية أو بذل عناية يمكن أن نجد له متسعاً في الفقه الإسلامي.
الالتزام بتحقيق غاية: يمكن أن يظهر في عدد من الصور في الفقه منها:
1- التزام البائع:
‌أ- نقل ملك المبيع وتسليمه: فإذا لم يقبض المشتري المبيع لا يعد البائع قد نفذ التزامه. مثال: هلكت العين بعد بيعها وقبل تسليمها للمشتري – ولو بسبب أجنبي – فهنا ينفسخ العقد ويتحمل البائع تبعة الهلاك ويرجع المشتري على البائع بالثمن إن كان دفعه.
‌ب- ضمان الاستحقاق وضمان العيب: فمتى استُحِقَّت العين بأن كانت لغير البائع فإنه يضمن، وذلك أن من التزامه ألاَّ تُستَحَقَّ العين. مثال: اشترى عبداً فقبضه ثم وهبه إلى شخص آخر ثم ظهر أن العبد مملوك لغير البائع الأول وأخذ المالك الحقيقي العبد من يد الموهوب له فإن للمشتري (الواهب) أن يرجع على البائع الأول بالثمن. وضمان العيب إن ظهر بها عيب يوجب الضمان التزم البائع بالضمان وذلك أن من التزامه ألاَّ يكون فيها عيب. مثال: اشترى رجل بعيراً فقبضه ثم وجد به عيباً فذهب به إلى البائع ليرده فهلك في الطريق فإنه يهلك على المشتري فإن أثبت العيب رجع بنقصان العيب. وفي الحالتين يكون الضمان بفسخ البيع ولا يعوض المشتري إلا برد الثمن فلا يعوض مثلاً عن خسائر تحملها أو ربح فاته.
2- التزام المؤَجِّر:
‌أ- نقل منفعة العين المؤجرة فإن لم يتمكن المستأجر من استيفاء منفعة المأجور أياً كانت الأسباب فإن المؤجِّرَ لا يعد قد نفذ التزامه. مثال: أجَّرهُ أرضاً وشِربَهَا فانقطع الماء عنها بحيث لا ينتفع بها فلا أجرة لعدم الانتفاع.
‌ب- ضمان التعرُّض والعيب: فيجب أن يضمن المؤجِّرُ دوام المنفعة للمستأجر، فيضمنها من تعرض الغير للعين المأجورة تعرضاً يحول بينه وبين التمكن من المنفعة ومن عيب يفوّت المنفعة. فإذا وجد تعرضاً أو عيباً أياً كان سببه فإن الغاية لم تتحقق. ومثال التعرض: غُصِبَت العين أثناء مدة الإجارة ولم يستطع تخليصها من يد الغاصب فإن الأجرة تسقط. أما العيب الموجب للخيار في الإجارة فهو ما تفوت معه المنفعة بالكلية أو تختل معه المنافع المقصودة مثل انهدام الدار أو اختلالها بهبوط سطحها.
3- الالتزام بالتسليم: والتسليم هو التخلية بين الشيء ومن يراد تسليمه إياه بحيث يتمكن من قبضه، فمتى أمكنه الاستلام ولم يفعل فالهلاك عليه. فالتزام البائع بتسليم المبيع، والتزام المؤجِّرُ بتسليم العين المؤَجَّرة إلى المستأجر، والتزام من تسلم عيناً على سوم الشراء بردها إلى المالك كلها التزامات بتحقيق غاية، فلو لم يتم تنفيذها فإن المدين مخل بالتزامه أياً كان السبب. أمثلة: هلك المبيع قبل تسليمه للمشتري كان الهلاك على البائع. هلكت العين المؤجَّرة قبل تسليمها للمستأجر فهلاكها على المؤجِّرُ، هلكت العين المأخوذة على سوم الشراء فهلاكها على القابض لها.
وأما هلاك العين في البيع الباطل فهي على المشتري على قول (أبي يوسف ومحمد) لأن يده يد ضمان فهي كالمقبوض على سوم الشراء؛ وعلى قول (أبي حنيفة) لا ضمان لأن يده يد أمانة والعقد غير معتبر فكأنه قبضها بإذن المالك.
4- الالتزام بالقيام بعمل معين: وهنا يجب التمييز بين ثلاثة فروض:
‌أ- أن يلتزم الأجير المشترك بأداء عمل معين فإن التزامه التزام بتحقيق غاية ولا يتحقق إلا بتنفيذ ذلك العمل ويكون عدم التنفيذ خطأ عقدياً. مثال: الخياط المشترك إن لم ينفذ ما اتفق عليه لم يستحق أجرته. وإذا استلم الأجير المشترك عيناً ليعمل فيها فالعين أمانة عنده، والتزامه في حفظها التزامٌ ببذل عناية تتحقق ببذل جهد الرجل المعتاد في الحفاظ عليها، فإن هلكت بالرغم من ذلك فلا ضمان عليه.
‌ب- أن يلتزم الأجير المشترك بعمل لا تضمن نتيجته وإنما يضمن قدراً من العناية فهذا التزام ببذل عناية لا بتحقيق غاية. مثال: التزام الطبيب بالعلاج، فلو شرط المريض الشفاء أو عدم الهلاك في الحالات الخطيرة فلا ضمان، والشرط باطل.
‌ج- إذا التزم الصانع بعمل في مادة يصنعها فإنه التزام بتحقيق غاية فيعد مسؤولاً لأي سبب كان في حالة عدم صنعها ولا يستحق الأجرة ويرجع المستصنع على الصانع بالثمن إن كان دفعه.
الالتزام ببذل عناية: فالأصل هو بذل العناية التي يبذلها الرجل المعتاد، فإذا لم يبذلها كان مقصراً والتقصير في الفقه الإسلامي يسمى (التعدي) وهو: انحرافٌ عن السلوك المألوف للرجل المعتاد[7]. مثال: استأجر حمالاً ليحمل له طعاماً في طريق معين، فاستعمل طريقاً آخر أشد منه وعورة وهلك المتاع فإنه يضمن إن كان بين الطريقين تفاوت وإلا لم يضمن. مثال آخر: الراعي الخاصّ ضرب شاةً بعصا فكسر رجلها فإنه يضمن لأن هذا سلوكٌ غير مألوفٍ في الرعي. إذ يتحقق المقصود بالصياح والتصفيق.
من صور بذل العناية في الفقه:
يمكن أن يظهر في عدد من الصور في الفقه منها:
أولاً/ التزام المستأجر بالمحافظة على العين المؤجرة: الأصل أن (يلتزم المستأجر ببذل عناية الرجل المعتاد في حفظ العين المستأجرة، فإن نزل عن هذا القدر من العناية كان متعدياً وضمن) وعلى هذا الأصل فروع هي:
1- أن يستعملها الاستعمال المألوف فإن تجاوزه ضمن. مثال: استأجر دابة فساقها السوق المعتاد وحملها الحمل المعتاد ثم هلكت فلا ضمان، وإن كان تجاوز ذلك ضمن.
2- إذا زاد المستأجر في استعماله للعين المستأجرة عن المشروط أو المألوف وعطبت العين ضمن، فإن سلمت فهو غاصب بقدر ما زاد وإذا ضاعت العين ضمن كغاصب هذه الزيادة. مثال: استأجر دابة لحمل الحنطة ثم حمل ما هو أثقل منها كالملح فإن هلكت ضمن.
3- إذا لم يستعمل المستأجر العين المستأجرة أصلاً وأمسكها. فإنه يضمن ولا أجر عليه عند الحنفية[8]. مثال: استأجر دابة ليذهب بها ثم أمسكها في بيته وهلكت فلا يجب الأجر ويجب عليه الضمان.
4- إذا لم يرد المستأجر العين بعد انتهاء مدة الإجارة مع قدرته على ذلك. أما إن طلب العين مالكها وطلب المستأجر وقتاً لتهيئتها وإحضارها فهلكت فإن المستأجر لا يضمن.
5- "الأجر و الضمان لا يجتمعان" عند الحنفية فإذا ضمن المستأجر شيئاً حال هلاكه فلا أجرة عليه. مثال: قروي استأجر حماراً ليحمل عليه بُرَّاً إلى المدينة وفي طريق عودته حمل عليه ملحاً بلا إذن فمرض فمات. ضمن لغصبه ولا أجرة عليه.
ثانياً/التزام المودع عنده بالمحافظة على الوديعة: فهذا التزام ببذل عناية حتى يردها له لا بتحقيق غاية (إذا كان ذلك تبرعاً أما إن كان بمقابل فتطبق أحكام الإجارة والوديعة معاً).
الأصل أن (يلتزم المودع عنده بذل عناية الرجل المعتاد في الحفاظ على الوديعة فإن هلكت فإنه لا يضمن لأن يده يد أمانة)
ويتضح مقدار العناية المطلوبة من خلال الصور التالية:
1- ليس للمودع أن يودع الوديعة بلا إذن وإلا ضمن ولا يصدق على دعوى الإذن إلا ببينة.
2- إذا شرط المودِع شرطاً مفيداً فعلى المودع عنده أن يتقيد به وإن خالفه ضمن مثال: قال له احفظها في هذه الدار لاختلافها في الحرز فحفظها في غيرها فهلكت يضمن قيمتها أو مثلها.
3- إذا لم يشترط المودِع شيئاً وأطلق فقال احفظها وسافر المودَع عنده بالوديعة وكان الطريق محفوفاً بالمخاطر ضمن.
4- إذا تعدى المودَع عنده على الوديعة بأن ركب الدابة المودعة أو استعملها ضمن.
5- إذا حبس الوديعة بعد طلب صاحبها لها وهو يقدر على تسليمها ثم هلكت ضمن.
ثالثاً/ التزام المستعير بالمحافظة على العين المعارة: الأصل أن (يلتزم المستعير ببذل عناية الرجل المعتاد في المحافظة على المعار فإن قصَّر في ذلك ضمن). ويُلاحظُ في العناية الواجبة على المستعير ما يأتي:
1- ليس له أن يؤجر المعار وإلا ضمن وليس له أن يرجع على المستأجر.
2- إذا استعملها فوق المألوف أو المشروط ضمن.
3- إذا هلكت العارية في يد المستعير ثم استُحِقَّت فللمالك الحقيقي تضمين المعير أو المستعير أيهما شاء وليس لمن ضُمِّنَ منهما الرجوع على الآخر.
رابعاً/ التزام المرتهن بالمحافظة على العين المرهونة: الرهن لا يدخل ضمان المرتهن إلا بعد أن يقبضه. ويلاحظ على التزام المرتهن ما يلي:
1- إذا ساوى الرهنُ الدينَ فيضمنه كله (تحقيق غاية لأنه ملزم برد الرهن).
2- إذا زاد الرهنُ على الدينِ فإن ما قابل الدين مضمون وما زاد فهو أمانة ويبذل العناية المعتادة في حفظه (تحقيق غاية فيما يقابل قيمة الرهن لأنه ملزم برد الرهن وبذل عناية فيما زاد).
3- إذا قل الرهنُ عن الدينِ فيضمنه كله كذلك.
4- إذا تعدى المرتهن فإنه يضمن كامله حتى ما كانت يده عليه يد أمانة.
5- إذا حفظ الرهن بغير نفسه أو بغير عياله أو أودعه ضمن.
6- ليس له أن ينتفع به بدون إذن الراهن ويضمن إن فعل.
7- إن أعاره للراهن فقد خرج من الضمان ولم يبطل الرهن.
8- جناية الراهن على الرهن مضمونة، وجناية المرتهن تسقط من دينه بقدرها.
خامساً/ التزام الوكيل بحسن إدارة أعمال الموكل: الأصل أن (يلتزم الوكيل نحو موكِّله بأن يقوم بالعمل المنوط به وأن يبذل فيه عناية الرجل المعتاد. فإذا انحرف عن السلوك المألوف في تنفيذ الوكالة كان متعدياً وضمن حتى لو كان متبرعاً بعمله).
1- إذا وكله في البيع ولم يذكر تأجيل الثمن فالمألوف هو التعجيل فلو باع الوكيل وأجّل الثمن فللموكِّل مطالبته بالثمن حالاً.
2- ما يقبضه الوكيل لحساب الموكل أمانة في يده، إن هلك من غير تعدٍ منه هلك على ملك موكِّله ولا يضمن.
3- لا يجوز أن يعقد الوكيل بالبيع والشراء مع أبيه وجده ومن لا تقبل شهادته له إلا بأكثر من القيمة.
تعديل قواعد المسؤولية:
يرى أبو حنيفة أن الأجير المشترك لا يضمن هلاك المتاع إذا بذل العناية المعتادة ولم يهلك بعمله، فيما يرى الصاحبان بذل عناية أعلى وبالتالي فإنه يضمن إلا إذا كان الهلاك بسبب لا يمكن الاحتراز عنه.
وبذا يختلف الفقه الإسلامي عن القانون الغربي أن الفقه الإسلامي لا يجيز اشتراط الضمان في حالة السبب الأجنبي.
ويبنى عليه أن أبا حنيفة يرى جواز اشتراط عدم المسؤولية من قبل الأجير المشترك فيما يمكن الاحتراز عنه[9]، فيما لا يجيزه الصاحبان[10]. مثال: شرط على الراعي ذبح ما خيف هلاكه فلم يذبحه فهلك. قول أبي حنيفة: لا يضمن لأنه أمين، وشرط الضمان على الأمين باطل، فهو اشتراط ضمان ما لا يمكن الاحتراز عنه. وقول صاحبيه: يضمن، لأنه شرط عليه أن يبذل غاية ما في وسعه من الحفظ وهو لم يذبح، وبهذا قصّرَ في حفظٍ شُرِطَ عليه فيضمن؛ إضافةً إلى أن ذلك من أعمال الحفظ الواجبة في الرعي وهو حفظ اللحم من الفساد فهو إذاً لم يبذل العناية المعتادة.
إثبات الخطأ العقدي:
يميز الفقهاء بين من يده يد ضمان[11] وبين من يده يد أمانة[12].
فإن عبء الإثبات في يد الضمان (كالبيع) على المدين (البائع) فعليه أن يثبت أنه قام بالتزامه (تسليم المبيع للمشتري) وهو التزامٌ بتحقيق الغاية.
وأما في يد الأمانة (كالإجارة) فإن عبء الإثبات يقع على الدائن (المؤجِّر) فيثبت أن المدين (المستأجر) الملتزم ببذل العناية لم يبذل العناية الواجبة.
مثال: قال الأجير المشترك "إن المتاع قد سرق أو هلك" فيُصدَّق مع الحلف ولا ضمان لأن يده يد أمانة عند أبي حنيفة، وعند الصاحبين يضمن لأن يده يد ضمان فلا يصدق إلا ببيّنة تدل على أن الهلاك كان بسبب لا يمكن الاحتراز عنه، أما ما يمكن الاحتراز عنه فيمكن تضمينه بالشرط. مثال آخر: ادعى الراعي موت الغنم وجحد رب الغنم. عند أبي حنيفة القول قول الراعي لأنه أمين وعند صاحبيه القول قول رب الغنم.
الضرر في الفقه الإسلامي:
يختلف الفقه عن القانون الغربي، فالفقه الإسلامي يشترط في الضمان:
1- أن يكون المضمون مالاً متقوماً في ذاته(أي محسوساً يمكن أن تقدر قيمنه).
2- أن توجد المماثلة بينه وبين المال الذي يعطى بدلاً عنه فلا تعويض عن المنافع والعمل عند الحنفية إلا في استثناءات ولا عن خسارة تحملها الدائن أو ربح فاته.
· قاعدة: الخراج بالضمان تعني أنه من يضمن شيئاً لو تلف فإنه ينتفع به مقابل الضمان، مثل لو رد المشتري حيواناً بخيار العيب وكان قد استعمله مدة فإنه لا تلزمه أجرته لأنه لو هلكَ هلكَ عليه.
· قاعدة: الأجر والضمان لا يجتمعان عند الحنفية فإنه إذا لزم المستأجر ضمان العين المستأجرة فليس عليه أجرتها. وعند الجمهور يدفع الأجرة وقيمة المتلف. عدم الاجتماع إنما هو في حالة وجوب الضمان فعلاً أما في حالة عدم وجوب الضمان فيجب الأجر.
· قاعدة: يملك الضامن المال المضمون بالضمان من وقت قبضه.
· يتم التعويض بقيمة المتلف يوم القبض، وقيل يوم التلف، وقيل بقيمة المتلف يوم الحكم، وقيل بقيمة المتلف الأعلى سواء كانت يوم القبض أو التلف أو الحكم.
متى يعوض عن الضرر في الفقه الإسلامي؟
كما قدمنا سابقاً أنه في حالة توفر الشرطين السابقين فإنه يعوض عن الضرر، وهما أن يكون المضمون مالاً متقوماً في ذاته وأن توجد المماثلة بينه وبين المال الذي يعطى بدلاً عنه فلا تعويض عن المنافع والعمل عند الحنفية إلا في استثناءات. كما أن التعويض إما أن يكون مثلياً أو قيمياً أو نقصان قيمتها فقط.
متى لا يعوض عن الضرر في الفقه الإسلامي(الحنفي)؟
إذا لم يكن المضمون مالاً متقوماً في ذاته فإن الفقه الإسلامي لا يعوض عن الضرر، وأهم مبدأ هو عدم ضمان المنافع عند الأحناف خلافاً للجمهور لأن المنافع عَرَضٌ ليس مالاً متقوماً في ذاته، واستثنوا التالي:
1- إذا استخدم شخصٌ صغيراً بغير إذن وليه كان للصغير متى بلغ أن يأخذ أجر مثل خدمته عن تلك المدة وليس الأجر المسمى. وإذا كان بإذن وليه فيجب الأجر المسمى لا بأجر المثل.
2- إذا كان المال مال وقف أو مال صغير فحينئذٍ يلزم من يستولي عليه ضمان المنفعة أي أجرة المثل.
3- إذا كان المال معداً للاستغلال فإنه يلزم من يستولي عليه ضمان المنفعة بثلاثة شروط:
· أن يكون المال معداً للاستغلال كأن تكون الدار المغتصبة دار كراء فتلفت بيد الغاصب.
· أن يكون المستولي عالماً بأنه معد للاستغلال.
· ألا يكون الاستيلاء بتأويل ملك أو عقد.
علاقة السببية في الفقه الإسلامي
يقابل القوة القاهرة في الفقه الإسلامي الآفة السماوية، كما أن خطأ المضرور أو خطأ الغير كثيراً ما يسمى بفعل الأجنبي.
عبء الإثبات:
ويمكن القول بوجه عام أن عبء إثبات السبب الأجنبي يكون على الدائن إذا كانت يد المدين يد أمانة.
القوة القاهرة (الآفة السماوية)
هي مماثلة للفقه الغربي،1/ أمر ليس في الإمكان الاحتراز عنه.2/لا يمكن توقعه.3/ يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً.
خطأ المضرور:
إذا كانت يد المدين يد أمانة ثم هلك الشيء بخطأ الدائن فلا ضمان.
وإذا كانت يده يد ضمان كيد البائع قبل التسليم فالأصل أن البائع يضمن هلاك المبيع قبل القبض حتى لو حدث الهلاك بسبب أجنبي إلا إن كان الهلاك بسبب خطأ المضرور، كما لو اشترى سمناً ودفع ظرفاً إلى البائع ليفرغه فيه وهو يعلم أنه مخروق والبائع لا يعلم فإن الضمان على المشتري.
خطأ الغير
إذا كانت يده يد أمانة وكان هلاك الشيء بفعل أجنبي انتفت علاقة السببية بين الخطأ والضرر فلا يضمن المدين، كما لو سرقت العارية من المستعير.
وإذا كانت يده يد ضمان وهلك المبيع بفعل أجنبي فالهلاك على البائع لأنه ملتزم بتحقيق غاية.
أثر السبب الأجنبي في الضمان
التمييز بين يد الأمانة ويد الضمان
لتبين أثر السبب الأجنبي في الضمان يجب التمييز بين يد الأمانة ويد الضمان، ويمكن تأصيل ذلك وفقاً للتالي:
1- إذا جمع المالك إلى الملك الحيازة تحمل تبعة الهلاك.
2- إذا انفصلت الحيازة عن الملك وكانت في غير يد المالك فإن الحائز يحمل تبعة الهلاك إذا كانت يده يد ضمان ويكون التزامه التزاماً بتحقيق غاية، ويحمل المالك تبعة الهلاك إذا كانت يد الحائز يد أمانة ويكون التزام الحائز برد الشيء إلى مالكه التزاماً ببذل عناية.
3- تعد يد الحائز يد ضمان إذا كان يحوز الشيء لمصلحة نفسه كالغاصب يده يد ضمان لأنه يحوز المغصوب كمالك له.
4- إذا كان الحائز يحوز الشيء لمصلحة المالك فإن يده تكون يد أمانة كالمستأجر يحوز العين المؤجرة لحفظها لمصلحة المؤجر.
5- إذا كان الشخص قد كسب الملكية بعقد كما في البيع فإنه إذا هلك المبيع قبل التسليم انفسخ البيع وعد البائع مالكاً وحائزاً وبالتالي يتحمل تبعة الهلاك.
6- السبب الأجنبي لا ينفي الضمان إلا إذا كانت يد المدين يد أمانة كالمستعير والمستأجر يكفي في نفي الضمان عنهم أن يهلك الشيء بسبب أجنبي بل حتى يكفي أن يكون بغير فعل المدين وهي مرتبة أدنى من السبب الأجنبي وعبء الإثبات على الدائن.
7- إذا كانت يد المدين يد ضمان كيد البائع قبل تسليم المبيع فإن الالتزام يصبح التزاماً بتحقيق غاية فلا ينتفي الضمان حتى بالسبب الأجنبي وذلك لأن الفقه الإسلامي يكتفي بفسخ العقد ولا يوجب تعويضاً آخر.
المسؤولية التقصيرية للمحمصاني

قاعدة لا ضرر ولا رار
عبارة " لا ضرر " تعني منع كل اعتداء ضار أو كل إضرار بالغير بدون حق، كما أن عبارة " لا ضرار " تقوي ذلك وتؤيده وتزيد عليه معاني أخرى نبينها فيما سيأتي.
شروط المسؤولية:
يشترط لوجوب الضمان أو لتحقق المسؤولية الجرمية توافر بعض الشروط،هي:
أولاً – يجب أن يكون العمل مضراً.
ثانياً – يجب أن يحصل الضرر اعتداء أو تعدياً، أي بدون حق.
ثالثاً – يشترط أن يكون الضرر نتيجة الاعتداء مباشرة أو تسبباً.
رابعا – يشترط في الشرع الإسلامي، وإن لم يظهر ذلك من التعريف، أن يكون الجرم قد حصل تعمداً في بعض الأحيان، وخاصة في حال التسبب أو في أحوال الضرر الناتج عن الحيوانات، أو الأشياء الجامدة. ولا بد من الملاحظة منذ الآن أن التعمد في هذا المعرض لا يعني القصد فحسب بل يشمل التقصير وعدم التحرز.
العمل الضار:
إن الضرر الذي يوجب الضمان يفترض وجود عمل يسببه وهذا العمل يجب أن يفسر بأوسع معانيه فهو لا يكون فعلا ماديا فحسب، بل يندرج تحته القول الضار والسلوك الأثيم، والخداع وما أشبه.
فأولا وغالبا يكون العمل الضار بواسطة الفعل، وأمثله ذلك عديدة لا تحصى كالضرب والقتل.
ويكون العمل الضار بالقول أحيانا كما في الشهادة الكاذبة التي ترتب عليها الحكم بمال أو قصاص.
وكذلك أحيانا يعتبر الامتناع عن إجراء ما يجب إجراؤه موجبا للضمان، إذا نتج منه ضرر للغير مثاله لو سقط حائط بسبب امتناع صاحبه عن ترميمه، وتضرر من سقوطه أحد الناس كان صاحبه مسؤولاً عن الضرر.
ويكون السلوك أيضا من أسباب الضمان مثاله من أقام الدعوى على غيره افتراء بغير حق، ثم أقر بأنه مبطل في دعواه فالحاكم يعزره.
الضرر المادي
يكون الضمان واجباً على من أتلف مالاً متقوماً محترماً، مثاله يحكم بالتعويض على من كسر حلية فضة في سيف.
الضرر المعنوي
في الشرع الإسلامي لا ضمان في الأصل بسبب الضرر الأدبي لأن الضمان مال، والضرر الأدبي لا يمكن تقويمه بالمال، بل هو يوجب التعزيز على الجاني كما يقدره القاضي.
التعدي:
الاستعمال السائد لهذه الكلمة في الفقه هو الظلم والعدوان ومجاوزة الحقوق.
التعدي في العمل الضار:
ليس كل عمل ضار محرماً وممنوعاً بل لا بد للمنع والتحريم من أن يحصل هذا العمل تعدياً أي بدون حق أو جواز شرعي فالقاعدة العامة في هذه المسألة كما رأينا هي أن الجواز الشرعي ينافي الضمان.
والعمل الضار يكون مباشرة أو تسبباً:
أولا ً: في الاعتداء مباشرة. مثاله: الضمان في مسألة قطع الأشجار في ملك الغير واشترطت أن يكون ذلك بغير حق.
ثانياً: في أحوال جرائم التسبب. مثاله: لو حفر أحد في الطريق العام بئراً بلا إذن أولى الأمر ووقعت فيها دابة لآخر وتلفت يضمن.
إذن صاحب الحق أو أولى الأمر:
لا ريب في أنه لا ضمان على من يستعمل حق غيره بإذنه. مثاله لو حفر أحد بئراً في ملك غيره بإذنه فلا ضمان عليه لأنه غير متعدٍ بحفرها.
هذا في الأموال والجراح. أما في النفس فلا عبرة بقبول المجني عليه لأن عصمة نفس الإنسان مما لا تحتمل الإباحة بحال.
ولا يشترط لنفي التعدي أن يكون الإذن سابقا بل يصح أن يكون لاحقا عند بعض الفقهاء.
الضرورة:
وهذه القاعدة مبنية على أدلة شرعية ونصوص أصلية ولكنها مقيدة بقيود،ومن أهم هذه القيود القاعدة الكلية الواردة في المجامع وفي المجلة وهي أن الاضطرار لا يبطل حق الغير. يتفرع على هذه القاعدة أنه لو أضطر إنسان من الجوع فأكل طعام الآخر يضمن قيمته عند الجمهور.
ومن أمثله انتفاء التعدي والضمان أحوال القتل بحق كما في قتل الجلاد للمحكوم عليه.

علاقة الضرر بالجرم
المباشرة والتسبب
لا بد في المسؤولية الجرمية من أن يكون الضرر ناتجاً من الجرم، ومن هذه الناحية تنقسم الأضرار التي تتولد من الجرائم ثلاثة أقسام:
أولها: الأضرار المباشرة، ( يسأل المجرم عنها ).
والثاني: الأضرار غير المباشرة المتصلة بالجرم اتصالاً ظاهرا، (يسأل المجرم عنها ).
والثالث:الأضرار غير المباشرة البعيدة، ( لا يسأل المجرم عنها ).
في المجلة " الإتلاف مباشرة هو إتلاف الشيء بالذات ويقال لمن فعله فاعل مباشر فالفاعل المباشر هو من حصل " التلف بفعله من غير أن يتخلل بين فعله والتلف فعل مختار". مثاله في المباشرة القطع والقتل وغيرها.
تعريف التسبب هو " إحداث أمر في الشيء يفضي إلى تلف شيء آخر على جري العادة".
مثاله: من قطع حبل قنديل معلق يكون سببًا مفضيا لسقوطه على الأرض وانكساره، ويكون حينئذ قد أتلف الحبل مباشرة وكسر القنديل تسبباً.
التسبب في ضياع الحيوان أو الطير وما إليهما:
في مجلة الأحكام العدلية: لو فتح أحد باب اصطبل لآخر وفرت حيواناته وضاعت، أو فتح باب قفصه وفر الطير الذي كان فيه، يكون ضامناً على قول جمهور الفقهاء وحجتهم أن فتح القفص أو الاصطبل تسبب لضياع ما فيه، لأن الفرار من طبع الطير والحيوان.
الفزع ونظائره:
إذا بعث السلطان إلى امرأة ليحضرها فأسقطت جنينها ميتاً، فهل يضمنه روي عن عمر بن الخطاب t أنه أرسل إلى امرأة يدعوها إليه، فبينما هي في الطريق فزعت وأجهضت فاستشار عمر الصحابة فأشار عليه بعضهم " ليس عليك شيء، أنما أنت والٍ ومؤدب " ولكن علي بن أبي طالب t خالفهم، وقال لعمر: " إن ديته عليك، لأنك أنت أفزعتها وألقت جنينها في سبيلك " وهذا الخلاف بين الصحابة انتقل إلى الفقهاء.
وعلى الجملة فالخلاصة التي لا شك فيها، والتي تستنتج من كل ما تقدم هي أن جمهور الفقهاء توافقوا على وجوب الضمان عند التسبب وعلى انتفائه في النتائج البعيدة لعدم التسبب ولكنهم اختلفوا في تقدير وجوب التسبب أو عدم وجوده في بعض المسائل والقضايا.
تعدد الفاعلين:
إذا تعدد المجرمون في جرم واحد، وكانوا جميعاً من فئة واحدة بأن كانوا جميعاً مباشرين أو جميعاً متسببين فالمسؤولية والضمان عليهم بالاشتراك.
مثاله: إذا قتل جماعة رجلاً واحداً، كان القصاص عليهم جميعاً عند جمهور فقهاء الأمصار. هذا إذا كان عمل الفاعلين من نوع واحد، وأما إذا اختلف عملهم، ففي حكمه تفصيل واجتهاد.
قاعدة تقديم المباشر على المتسبب:
وقد نقلت المجلة هذه القاعدة وقالت: " إذا اجتمع المباشر والمتسبب، يضاف الحكم إلى المباشر. مثاله: لو حفر رجل بئراً في الطريق العام فألقى أحد حيوان أو شخص في تلك البئر ضمن الذي ألقى الحيوان ولا شيء على حافر البئر ".
المستثنيات:
إن لقاعدة تقديم المباشرة على التسبب مستثنيات وهي:
أولاً: تضمين المتسبب مع المباشر.
قال الفقهاء:إن المتسبب إنما لا يضمن مع المباشر إذا كان السبب شيئا لا يعمل بانفراده في الاتلاف، كما في الحفر مع الالقاء، فإن الحفر لا يعمل شيئا بدون الإلقاء وأما إذا كان السبب يعمل بانفراده فيشتركان أي يشترك المتسبب والمباشر.
مثاله: لو أمسك أحد شخصا لآخر فقتله، فالممسك بعد متسببا والقاتل مباشراً فعند البعض كالشافعي يكون القاتل وحده مسؤولاً وعند غيرهم كمالك وأحمد بن حنبل، يعتبر حكم الممسك كحكم القاتل المباشر.
ثانياً: تضمين المتسبب وحده.
وذلك عند تعذر تضمين المباشر، إما لأنه غير مسؤول، وإما لأنه غير موجود، وإما لأنه غير معروف.
مثاله: لو قدم أحد سمًا لآخر في طعامه فأكله جاهلاً به، فواضع السم متسبب وهو ضامن وحده، مع أن المباشر لقتل نفسه هو آكل السم.
الخطأ الجرمي- النظريات المختلفة
لقد قدمنا إلى الآن شروطاً متعددة لازمة لتكوين الجرم وهي العمل والضرر والتعدي، وعلاقة الضرر بالعمل، ولكن أتكفي هذه الشروط وحدها لإيجاب المسؤولية الجرمية، أم يجب علاوة عليها أن يكون الفاعل خاطئاً، أي أن ينتج الفعل عن قصد منه أو عن تقصير أو عدم تحرز.
في المسألة نظريتان: إحداهما توجب وجود الخطأ، والثانية لا توجبه، وقد سُميت الأولى بنظرية الخطأ، والثانية بنظرية المخاطرة.
ففي النظرية الأولى الخطأ تعني الخطيئة والذنب، فيندرج تحتها القصد والتعمد والتقصير وقلة الاحتزاز، وبهذا المعنى يكون الفاعل ضامناً،وبانتفائه لا مسؤولية عليه ولا ضمان.
أما في نظرية المخاطرة، فالمسؤولية تتوجب على كل امرئ، أضر بغيره بدون حق، سواء أكان خاطئاً أم لم يكن.
موقف الشريعة الإسلامية:
لم يكن موقف الشرع الإسلامي موقفاً مشايعاً لواحدة فحسب من النظريتين المتناقضتين اللتين أتينا على ذكرهما، بل هو أخذ برأي وسط بينهما فأوجب الخطأ في أحوال التسبب، ولم يوجبه في أحوال المباشرة.
ونحن نقول ذلك لا نستقرئ ولا نستنتج، بل نستند إلى نص صريح عام ففي القواعد الكلية من مجلة الاحكام العدلية: " المباشر ضامن وإن لم يتعمد والمتسبب لا يضمن إلا بالتعمد "
القاعدة في المباشرة:
المباشر ضامن وإن لم يتعمد هذا هو الاصل في أحوال المباشرة ومن أمثلة هذه القاعدة ما جاء في المجلة أيضا أنه " إذا زلق أحد وسقط على مال آخر وأتلفه يضمن ".
التسبب قصداً:
إن أحوال التسبب في الضرر قصداً هي أقوى أحوال التسبب بلا مراء.
مثاله: لو تجاذب اثنان حبلا، وقطعه إنسان بقصد إيقاعهما، فوقعا وماتا، فالقاطع مسؤول لأن عمله من نوع التسبب قصداً، ولكنه لا يكون مسؤولا إن عمل ذلك بدافع المصالحة.
التسبب تقصيراً:
كثيراً ما يكون على المرء أن يراعي بعض الواجبات وأن يهتم بها، ومتى توانى عنها أو أهملها عدّ مقصراً و مسؤولاً عن نتيجة تقصيره.
مثاله: لو خرجت الأم وتركت ولدها المحضون البالغ الثالثة من عمره، فوقع هذا في النار فهي ضامنة لأنها قصرت في حفظه ولكنها لا تضمن إذا كان الولد في السنة السادسة، إذ هو يقدر عادة على حفظ نفسه من النار.
عدم الخطأ والمسؤولية
أولاً: خطأ المجني عليه:
مثاله: لو قدم أحد إلى آخر سلاحاً فقتل نفسه، فلا ضمان على صاحب السلاح.
ثانياً: خطأ شخص ثالث:
مثاله: لو فتح أحد رأس زق فيه شيء جامد، وقرب إنسان النار من هذا الشيء فذاب بتأثير الحرارة واندفق، لم يكن الضمان على فاتح الزق، بل على مقرب النار لأنه باشر شيئاً أقوى من تسبب الفاتح.
ثالثاً: القوة القاهرة:
إن الآفة السماوية في حد تعبير الفقهاء، أو القوة القاهرة في الاصطلاح الحديث، هي كل أمر عارض خارج عن تدخل الإنسان.
مثالها: أنه لو فتح أحد رأس زق ثم سقط الزق بأمر عارض كزلزال أو هبوب الريح فاندفق ما فيه، فلا ضمان على فاتحه.
المسؤولية المخفقة وحوادث الاصطدام:
وهي أحوال يكون فيها الخطأ مشتركاً بين الفاعل والمتضرر، ويكون من ثم واجب الضمان مخففاً على الفاعل.
مثالها: لو جرّ أحد ثياب غيره وشقها، يضمن تمام قيمتها ,وأما لو تشبّث بها وانشقت بجر صاحبها يضمن نصف القيمة.
وأظهر ما يكون هذا النوع من الاشتراك هو بلا ريب في مسائل الاصطدام وهذه طبعاً لم تكن كما هي اليوم في حوادث السيارات والدراجات وما إليها.
[1] الفعل الإرادي قد يكون مقصوداً وقد يكون غير مقصود.
[2] ضابطه: أن التنفيذ لا يكون إلا بتحقيق هذه الغاية.
[3] لا يكون المدين مسؤولاً في حالة الالتزام ببذل عناية إلا في حالة الخطأ الجسيم أو الغش.
[4] إلا أن المسؤولية تنتفي وذلك لانتفاء علاقة السببية بين الضرر وبين الخطأ.
[5] وهو نادر الوقوع في المسؤولية العقدية على خلاف المسؤولية التقصيرية.
[6] بعض الشراح يفرق بينهما، غير أن السنهوري يرى عدم التفرقة. وإن كان هناك ثم فرق بينهما فإن كلاً منهما يكمل الآخر فيكون الحادث الفجائي مبرزاً لخصيصة عدم إمكان التوقع، وتكون القوة القاهرة مبرزة لخصيصة استحالة الدفع.
[7] على هذا التعريف يكون السلوك المألوف ليس تعدي، والسلوك الغير مألوف تعدي. والسلوك يكون مألوفاً أو غير مألوف حسب تعارف الناس عليه (العرف).
[8] خلافاً للمذاهب الأخرى التي توجب الأجرة بمجرد رفع يد المالك عن ملكه.
[9] معنى ذلك: أن أبو حنيفة يرى جواز أن يقوم الأجير المشترك بتخفيف مسؤوليته العقدية في الالتزام ببذل عناية فلا يكون مسؤولاً عما يمكن الاحتراز عنه.
[10] هما أبويوسف ومحمد من الحنفية. فهما منعا تخفيف قواعد المسؤولية العقدية في الالتزام ببذل عناية، وعلى قولهما إن اشترط الأجير المشترك عدم مسؤوليته عما يمكنه الاحتراز عنه فإنه يضمن والشرط باطل.
[11] مثل المالك والبائع الذي لم يُسلم المبيع للمشتري ومن تسلم عيناً على سوم الشراء والأجير المشترك على قول أبي يوسف ومحمد.
[12] مثل المستأجر والمودع عنده والمستعير والأجير المشترك على قول أبي حنيفة.

ليست هناك تعليقات: