السبت، 31 يناير 2009

جرائم الإفساد

بسم الله الرحمن الرحيم

تعريف الإفساد لغة:
والفساد : خروج الشيء عن الاعتدال ؛ قليلًا كان الخروج عنه أو كثيرًا . ويضادّه الصلاح ، ويستعمل ذلك في النفس والبدن والأشياء الخارجة عن الاستقامة وحاصل معانيه الهلاك والدمار وإلحاق الضرر والتخريب.
تعريف الإفساد شرعاً:
لا يختلف المعنى الشرعي له عن معناه اللغوي وقد جاءت آيات وأحاديث كثيرة تدل على هذه المعاني منها:
قول الله تعالى: " ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها" وإفسادها يكون بالمعاصي وأعظمها الكفر بالله ولذا قال تعالى في آية أخرى: "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا ..". وقال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن ..".
وقال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن ". فهذه من آثار المعاصي.
ويأتي الإفساد بمعنى التخريب وقتل الإنسان والحيوان وإهلاك الحرث والنسل كما قال تعالى: " وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد".
وقوله تعالى: "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها"، وقوله "لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا"، وقوله: "إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض".

تعريف الجريمة لغة: الجريمة عند أهل اللغة تأتي بمعنى الجناية وبمعنى الذنب. قال في اللسان: "وجرم إليهم وعليهم جريمة وأجرم: جنى جناية".
ومنها قوله تعالى: ( ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي) وقوله تعالى: (ولا يجرمنكم شنآن قوم إن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا) وقوله تعالى: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا).
تعريف الجريمة اصطلاحاً: "محظورات شرعية زجر الله عنها بحد أو تعزير". بإتيان فعل منهي عنه، أو ترك فعل مأمور به.
قانوناً: "إما عمل يحرمه القانون، وإما امتناع عن عمل يقضي به القانون"، ولا يعتبر الفعل أو ترك جريمة في نظر القوانين الوضعية إلا إذا كان معاقباً عليه طبقاً للتشريع الجنائي.
أركان الجريمة:
إن للجريمة بصفة عامة أركاناً لا بد من توافرها، وهذه الأركان ثلاثة:
الركن الشرعي: أن يكون هناك نص يحظر الجريمة ويعاقب عليها، وهو ما نسميه اليوم في اصطلاحنا القانوني بالركن الشرعي للجريمة.
الركن المادي: إتيان العمل المكون للجريمة سواء كان فعلاً أو امتناعاً، وهذا ما نسميه في اصطلاحنا القانوني بالركن المادي للجريمة.
الركن الأدبي: أن يكون الجاني مكلفاً أي مسئولاً عن الجريمة، وهذا ما نسميه اليوم بالركن الأدبي.

لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص:
تأصيلها: قوله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) وقوله: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا) ، وقوله: (لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)، وقوله: (لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ) ، وقوله: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا)، وقوله: (قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ).
القواعد الشرعية: (لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورود النص)، (الأصل في الأشياء والأفعال الإباحة)، (لا يكلف شرعاً إلا من كان قادراً على فهم دليل التكليف أهلاً لما كلف به، ولا يكلف شرعاً إلا بفعل ممكن مقدور للمكلف معلوم له علماً يحمله على امتثاله).
و القاعدتان الأوليان تؤديان معنى واحداً هو أنه لا يمكن اعتبار فعل أو ترك جريمة إلا بنص صريح يحرم الفعل أو الترك، فإذا لم يرد نص يحرم الفعل أو الترك فلا مسؤلية ولا عقاب على فاعل أو تارك.

متى وجدت قاعدة (لا جريمة ولا عقوبة بلا نص) ؟:
وجدت هذه القاعدة في الشريعة الإسلامية من مدة تزيد على ثلاثة عشر قرناً، غير أن القوانين الوضعية م تعرف هذه القاعدة إلا في أعقاب القرن الثامن عشر الميلادي، حيث أدخلت في التشريع الفرنسي كنتيجة من نتائج الثورة الفرنسية، وقررت لأول مرة في إعلان حقوق الإنسان الصادر في سنة 1789، أما قبل ذلك فكان القضاة يتحكمون في تحديد الجرائم وتعيين عقوبتها.
كيف طبقت الشريعة القاعدة؟:
أثر القاعدة في جرائم الحدود:
طبقت الشريعة قاعدة أن لا جريمة ولا عقوبة بلا نص تطبيقاً دقيقاً في جرائم الحدود كالتالي:
وجرائم الحدود سبع:
1. الزنا: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى)، (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ).
2. القذف: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) .
3. الشرب: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ). والعقوبة: "اضربوه".
4. السرقة: ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا).
5. الحرابة: (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ ..)
6. الردة: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ)، (من بدل دينه فاقتلوه)
7. البغي: (فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ)، (من أتاكم وأمركم على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه).
أثر القاعدة في جرائم القصاص والدية:
القتل العمد: (ومن يقتل مؤمناً ..) والعقوبة: القصاص أو الدية، القتل شبه العمد: تحرمه النصوص وعقوبته الدية المغلظة. القتل الخطأ: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأً ..) والعقوبة: الدية والكفارة.
والإتلاف العمد للأطراف تحرمه النصوص و فيه القصاص أو الدية وفي قطع الأطراف والجراح خطأ حددت العقوبة على أساس عدد الأعضاء في الجسم فما كان في الجسم منه عضو واحد كالأنف ففيه الدية كاملة وهكذا، وتجب الدية في إذهاب المعاني، كالسمع.
أما الجراح فقد حددت عقوبة بعضها دون بعض، فجعل أرش الموضحة خمساً من الإبل، وهكذا وما لم يحدد ففيه الحكومة.
أثر القاعدة في جرائم التعازير:
للقاضي أن يختار لكل جريمة ولكل مجرم العقوبة الملائمة من مجموعة من العقوبات شرعت لعقاب الجرائم التعزيرية كلها، وللقاضي أن يخفف العقوبة وأن يغلظها.
لم تنص الشريعة على كل جرائم التعازير، ولكن الشريعة لم تترك لأولي الأمر حرية مطلقة فيما يحلون أو يحرمون بل أوجبت أن يكون ذلك متفقاً مع نصوص الشريعة ومبادئها العامة وروحها التشريعية.
فيجب على القاضي قبل كل شئ أن يبحث عما إذا كان الفعل المنسوب للجاني معصية بحسب نصوص الشريعة أم لا، فإن وجده معصية بحيث إن كانت التهمة ثابتة قبل الجاني أم لا، فإن كانت ثابتة عاقبه بإحدى العقوبات التي وضعتها الشريعة للتعزير، بشرط أن تكون عقوبة ملائمة في نوعها وكمها للجريمة وللمجرم، أما إذا وجد القاضي أن الفعل ليس معصية فلا جريمة ولا عقوبة.
تعريف العقوبة لغة:
مأخوذة من العقب، وهو مؤخرة الشيء لأنها تأتي بعد الجريمة غالباً. وقلنا "غالباً" احترازاً من عقوبة توقع دون جريمة كنفي عمر رضي الله عنه لنصر بن حجاج وتأديب الصغير ونحو ذلك.
تعريف العقوبة اصطلاحاً:
"هي جزاء على محظورات بحد أو تعزير".
الحكمة من مشروعيتها:
التطهير، الردع، الزجر.
أقسام العقوبات بحسب الرابطة القائمة بينها أربع أقسام:
(1) العقوبات الأصلية: وهي العقوبات المقررة أصلاً للجريمة، كالقصاص للقتل، والرجم للزنا، والقطع للسرقة.
(2) العقوبات البدلية: وهي العقوبات التي تحل محل عقوبة أصلية إذا امتنع تطبيق العقوبة الأصلية لسبب شرعي، ومثالها: الدية إذا درئ القصاص، والتعزير إذا درئ الحد والقصاص.

واختلف في عقوبة القتل العمد على أقوال (وكذلك في هل الدية بدل عن القصاص):
- الواجب القصاص، والدية بدل باختيار الجاني: (الحنفيّة والمالكيّة) أنّ الدّية ليست عقوبةً أصليّةً للقتل العمد، وإنّما تجب بالصّلح برضا الجاني، وبالتالي هي بدلية.
- الواجب القصاص، والدية بدل باختيار أولياء الدم: (الشّافعيّة) أنّها بدل عن القصاص ولو بغير رضا الجاني، فإذا سقط القصاص وجبت الدّية.
- أن الواجب أحد شيئين: القصاص أوالدية باختيار أولياء الدم: (الحنابلة، قول عند الشّافعيّة) إلى أنّ الدّية عقوبة أصليّة بجانب القصاص في القتل العمد ، فالواجب عندهم أحد شيئين : القود أو الدّية ، فيخيّر الوليّ بينهما ولو لم يرض الجاني لقوله صلى الله عليه وسلم: "من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفتدي وإما أن يقتل".
كما أن العقوبة البدلية يتم تنفيذها في حالة تعذر تنفيذ العقوبة الأصلية لسبب شرعي، كالمرض في جلد الزاني فإنه يجلد أخف تعزيراً، و كسجن قاطع الإشارة إن كان لا يملك نقود الغرامة.

الصلح على أكثر من الدية:
أولاً: في القتل العمد:
الصلح على مال من جنس الدية:
حيث إن الواجب القصاص والقصاص ليس بمال فله أخذ ما يريد سواء بقدر الدية أو أقل أو أكثر وليس في هذا خلاف بين العلماء إلا ما ذكره بعضهم فيما إذا كان الصلح على مال من جنس الدية والخلاف فيه ضعيف عند بعض الشافعية، وذلك كأن يأخذ 200 من الإبل.
واستدل الجمهور بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أباجهم بن حذيفة مُصَدِّقاً فلاجّه رجل في صدقته فضربه أبو جهم فشجه فأتوا رسول صلى الله عليه وسلم فقالوا: القود يارسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لكم كذا وكذا". فلم يرضوا فقال: "لكم كذا وكذا فلم يرضوا". فقال: "لكم كذا وكذا" فرضوا".
الصلح على مال من غير جنس الدية:
يجوز لولي الدم أن يتصالح مع القاتل عن القصاص على مال من غير جنس الدية من سائر الأموال والعروض دون خلاف.
ثانياً: في القتل شبه العمد و الخطأ:
اختلف العلماء في حكم الصلح على مال أكثر من الدية على قولين:
القول الأول: الجواز:
وهو قياس قول الإمام أحمد- رحمه الله- واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- لأنه عوض عن متلف فجاز أخذ أكثر من قيمته.
القول الثاني: المنع:
وهو قول الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وهو أنه لا يجوز لأن الزيادة عن المقدر ربا وأكل مال بالباطل.
أما لو صالح على مال من غير جنس الدية فلا مانع ولا محذور شرعاً لعدم دخول الربا. كأن صالح الجاني أولياء الدم عن دية النفس بأي قدر من العروض والمكيلات والموزونات أياً كانت غير الذهب والفضة فلا حرج.
وهناك من العلماء من منع مطلقاً من الصلح على أكثر من الدية لقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم "من أصيب بدم أو خبل والخبل الجرح فهو بالخيار بين إحدى ثلاث فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه أن يقتل أو يعفو أو يأخذ الدية فمن فعل شيئا من ذلك فعاد فإن له نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبداً". ويرد عليهم بأن المقصود من يأخذ الدية أو يصالح ثم يقتل.

(3) العقوبات التبعية: وهي العقوبات التي تصيب الجاني بناء على الحكم بالعقوبة الأصلية ودون حاجة للحكم بالعقوبة التبعية، ومثلها: حرمان القاتل من الميراث "لا يرث القاتل شيئاً" والحرمان من الوصية "لا وصية لقاتل"، فالحرمان يترتب على الحكم على القاتل بعقوبة القتل ولا يشترط فيه صدور حكم بالحرمان. ومثلها أيضاً عدم أهلية القاذف للشهادة غير أن الجمهور يرون سقوط العقوبة التبعية وهي التفسيق ورد الشهادة في حالة التوبة، ويرى الحنفية أن التفسيق يسقط أما رد الشهادة فلا يسقط لأن الاستثناء يرجع إلى أقرب مذكور وهو التفسيق فقط دون رد الشهادة.
هل كل قتل يوجب العقوبة التبعية؟
اختلف الفقهاء اختلافاً كبيراً في الحرمان من الميراث:
المالكــية: يرى مالك أن القتل المانع من الميراث هو القتل العمد العدوان, سواء كان القتل مباشرة أو تسبباً, وسواء اقتص من القاتل أو درئ عن القصاص لسبب ما. أما القتل الخطأ فلا يحرم القاتل من الميراث وإنما يحرمه فقط من الدية التي وجبت بالقتل.
الحنفية: يرى أبو حنيفة حرمان القاتل من الميراث أياً كان نوع القتل, بشرط أن يكون القتل مباشرة لا تسبباً, وأن يكون عدواناً, وأن لا يكون من صغير أو مجنون.
الشافعية: اختلف أصحاب الشافعي، فمنهم من فرق بين القتل المضمون وبين القتل غير المضمون، ورأى الحرمان من الميراث إذا كان القتل مضموناً؛ لأنه قتل بغير حق, أما القتل غير المضمون فلا يمنع من الميراث؛ لأنه قتل بحق. والرأي الراجح في المذهب هو أن القاتل يحرم الإرث في كل حال سواء كان القتل عمداً أو شبه عمد أو خطأ، وسواء كان مباشرة أو تسبباً، وسواء كان القتل بحق أو بغير حق، وسواء كان القاتل بالغاً عاقلاً أو صغيراً أو مجنوناً. وأصحاب هذا الرأي يرون أن الحرمان من الميراث قصد به سد الذرائع ومنع الوارث من استعجال الميراث.
الحنابلة: ويرى أحمد أن القتل المضمون هو القتل المانع من الإرث، أما غير المضمون فلا يمنع الميراث؛ كالقتل دفاعاً عن النفس والقتل قصاصاً.
هيئة كبار العلماء بالمملكة: في قرارها رقم 211 بتاريخ 12/6/1423هـ رأت الهيئة بالأغلبية التالي:
· أن القتل الخطأ الذي لا تهمة فيه غير موجب للحرمان من الميراث.
· أن القتل بالتسبب غير موجب للحرمان من الميراث إلا في حالة وجود تهمة (وزاد د.أبو سليمان: أو تفريط).

(4) العقوبات التكميلية: وهي العقوبات التي تصيب الجاني بناء على الحكم بالعقوبة الأصلية بشرط أن ينص بالحكم بالعقوبة التكميلية. مثل تعليق يد السارق في رقبته بعد قطعها حتى يطلق سراحه، ومثل ذلك عقوبة تغريب الزاني البكر حيث يراها الحنفية تكميلية فيما يراها الجمهور أصلية.

أقسام العقوبات من حيث وجوب الحكم بها:
(1) عقوبات مقدرة: وهي العقوبات التي عين الشارع نوعها وحدد مقدارها وأوجب على القاضي أن يوقعها دون أن ينقص منها أو يزيد فيها أو يستبدل بها غيرها.
(2) عقوبات غير مقدرة: وهي العقوبات التي يترك للقاضي اختيار نوعها من بين مجموعة من العقوبات وتقدير حاكمها بحسب ما يراه من ظروف الجريمة وحال المجرم.

أقسام العقوبات من حيث محلها:
(1) عقوبات بدنية: وهي العقوبات التي تقع على جسم الإنسان، كالقتل والجلد والحبس.
القتل: مصدر هذه العقوبة السنة القولية، فيروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أتاكم وأمركم على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه)، وفي رواية: (ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق هذه الأمة وهي جمع فاضربوه بالسيف كائناً من كان). والمفروض أن عقوبة القتل مقررة للجرائم الخطيرة كقتل الجاسوس ومهرب المخدرات والمبتدع في بعض الحالات.
الضرب: وقد اختلف في أكثر الجلد على أقوال كالتالي:
القول الأول/ لا يُزاد فوق عشر جلدت.
وهو روايةٌ معتمدة عند الحنابلة وهو قول الظاهرية وبه قال إسحاق والليث وبعض الشافعية.
وقد استدل أصحاب هذا القول بحديث أبي بُرْدةَ t قال: كان النبي e يقول "لا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إلا في حَدٍّ من حُدُودِ اللَّهِ" متفقٌ عليه.
وأجيب عن هذا الدليل بثلاثة أجوبة، هي كالتالي:
1- أن المراد بحدود الله في الحديث "ما حُرِّمَ لحق الله تعالى" ومن ذلك الطلاق البدعي فقد جعل في الآية تعدياً لحدود الله فقال تعالى: (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ). أما تسمية العقوبات المقدَّرة حدوداً فهي اصطلاح حادث.
2- أن الحديث خاصٌ فيما يتعلق بالجلد لحق النفس مثل تأديب السيد لخادمه أو ولده، وليس المراد ما يَجلدُ له الإمام لمصلحة عامة.
3- أن الحديث منسوخ بإجماع الصحابة رضوان الله عليهم على العمل بخلافه من غير نكير. إلا أن هذا غير وارد، فالإجماع لا ينسخ النص، قال ابن القيم رحمه الله: "وَمُحَالٌ أَنْ يَنْسَخَ الإِجْمَاعُ السُّنَّةَ وَلَكِنْ لو ثَبَتَ الإِجْمَاعُ لَكَانَ دَلِيلاً على نَصٍّ نَاسِخٍ".
4- أن الحديث مقصور على زمن الرسول e لأنه كان يكفي الجاني منهم هذا القدر. قال ابن دقيق: وهذا الجواب في غاية الضعف، ففيه ترك للعموم بغير دليل شرعي على الخصوص.
القول الثاني/ أن التعزير بالجلد ليس له حدٌ معين.
فهو موكول إلى اجتهاد القاضي حسب المصلحة.
وهو قول المالكية بإجماع أهل المذهب وقول لأبي يوسف وهو قول ابن تيمية من الحنابلة وعليه العمل في المحاكم بالمملكة العربية السعودية.
وقد استدل فقهاء المالكية لقولهم هذا بما يلي:
1- أن معن بن زائدة زَوَّرَ كِتَابًا عَلَى عُمَرَ t وَنَقَشَ خَاتَمَهُ فَجَلَدَهُ مِئَةً, فَشَفَعَ فِيهِ قَوْمٌ فَقَالَ t: "أَذَكَّرْتُمُونِي الطَّعْنَ وَكُنْت نَاسِيًا" فَجَلَدَهُ مِئَةً أُخْرَى, ثُمَّ جَلَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِئَةً أُخْرَى وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ فَكَانَ إجْمَاعًا.
2- أن النجاشي شرب خمراً في رمضان فأفطر فأُتيَ به إلى علي t فضربه ثمانين ثم أخرجه من الغد فضربه عشرين وقال: "إنما ضربتك هذه العشرين لجرأتك على الله وإفطارك في شهر رمضان".
3- قصة صبيغ بن عسل وتتبعه لمتشابه القرآن حيث ضربه عمر مائتي جلدة.
4- أن رجلاً وَجَدَ مع امرأتِه رجلاً قد أغلق عليهما وقد أرخى عليهما الأستار فجلدهما عمر بن الخطاب t مئة. ولم يخالف عمراً t في فعله ذلك أحدٌ من الصحابة، فيكون ذلك إجماعاً منهم رضوان الله عليهم أجمعين.
القول الثالث/ لا يبلغ الجلد تعزيراً أدنى الحدود.
وهو مذهب الحنفية والشافعية ورواية عند الحنابلة.
وأدنى الحدود عند الشافعية 40 جلدة للسكر، فلا يبلغه فيكون 39 جلدة.
وعند الحنابلة أدنى الحدود 80 جلدة للسكر والقذف فلا يبلغه فيكون 79 جلدة.
وقد استدل أصحاب هذا القول بدليلين هما:
1- حديث النعمان بن بشير قال: قال رسول الله e " مَنْ جَلَدَ حَدّاً فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنَ الْمُعْتَدِينَ". وأجيب عن هذا الحديث بأنه ضعيف وقال البيهقي: المحفوظ أنه مرسل.
2- أن العقوبة على قدر المعصية، والمعاصي المنصوص على حد عقوبتها أعظم من غيرها. فلا يجوز أن يبلغ في أهون الأمرين عقوبة أعظمها. وأجيب عن هذا بأن خطورة المعصية وضررها يختلف باختلاف الأحوال والأزمنة، فقد يكون ضرر المعصية كبيراً في زمن أو حال رغم كونها أصغر من معصية الحد.
القول الرابع/ لا يبلغ التعزير على معصية حداً مشروعاً في جنسها ويجوز أن يزيد على حد غير جنسها.
فلا يبلغ الجلد في تهمة الزنا 100 جلدة بل يجلد 99 فقط، وبهذا يكون تجاوز حد السكر.
وهو قول لبعض الشافعية. ورواية للحنابلة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
وقد استدل أصحاب هذا القول بما يلي:
1- حديث النعمان بن بشير قال: قال رسول الله e " مَنْ جَلَدَ حَدّاً فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنَ الْمُعْتَدِينَ". وسبق مناقشته.
2- أنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ t ضَرَبَ رَجُلاً دُونَ الْمِئَةِ وُجِدَ مع امْرَأَةٍ في الْعَتَمَةِ.
3- أن عمر بن عبد العزيز أُتِيَ بجارية كانت بين رجلين فوطئها أحدهما واستشار فيها سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير فقالا نرى أن يُجلد دون الحد.

الحبس المحدد المدة: وقد حبس النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً في تهمة ثم خلى سبيله، وثبت أنه حبس ثمامة بن أثال في المسجد.
الحبس غير محدد المدة: فمن لا تردعهم العقوبات العادية، ويظل المجرم محبوساً حتى تظهر توبته وينصلح حاله فيطلق سراحه وإلا بقى محبوساً مكفوفاً شره عن الجماعة حتى يموت.
التغريب والإبعاد: في جريمة الزنا فإن أبا حنيفة يراه تعزيراً وبقية الأئمة يرونه حداً, و فيما عدا جريمة الزنا فالتغريب يعتبر تعزيراً باتفاق. ويلجأ لعقوبة التعريب إذا تعددت أفعال المجرم إلى اجتذاب غيره إليها أو استضراره بها. ويرى بعض الفقهاء في مذهبي الشافعي وأحمد أن لا تصل مدة الإبعاد إلى سنة كاملة.
الصلب: والصلب للتعزير لا يصحبه القتل طبعاً ولا يسبقه, وإنما صلب الإنسان حياً ولا يمنع عنه طعامه ولا شرابه, ولا يمنع من الوضوء للصلاة ولكنه يصلي إيماء, ويشترط الفقهاء في الصلب أن لا تزيد مدته على ثلاثة أيام. ومما يحتج به لمشروعية الصلب التعزيرية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزر رجلاً يقال له أبو ناب بالصلب على جبل.
تسويد الوجه: مثل ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شاهد الزور أنه أمر بإركابه دابة مقلوباً وتسويد وجهه، فإنه لما قلب الحديث قلب وجهه، ولما سود وجهه بالكذب سود وجهه.
قطــــع اليــــــد: وقد ثبت أن ابن الزبير رضي الله عنه قطع يد رجل كان يقرض النقود.

(2) عقوبات نفسية: وهي العقوبات التي تقع على نفس الإنسان دون جسمه كالنصح والتوبيخ والتهديد:
عقوبة الوعظ وما دونها: (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ).
عقوبة الهجر: (فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ) وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك. عقوبة التوبيخ: ولقد عزر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوبيخ, ومن ذلك ما رواه أبو ذر- رضي الله عنه- قال: ساببت رجلاً فعيرته بأمه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا ذر، أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية).
عقوبة التهديد: والتهديد عقوبة تعزيرية في الشريعة بشرط أن لا يكون تهديداً كاذباً، وبشرط أن يرى القاضي أنه منتج وأنه يكفي لإصلاح الجاني وتأديبه، ومن التهديد أن ينذره القاضي بأنه إذا عاد فسيعاقبه بالجلد أو بالحبس أو سيعاقبه بأقصى العقوبة، ومن التهديد أن يحكم القاضي بالعقوبة ويوقف تنفيذها إلى مدة معينة.
التشهير: ومن عقوبات الشريعة التعزيرية التشهير، ويقصد بالتشهير: الإعلان عن جريمة المحكوم عليه. ويكون التشهير في الجرائم التي يعتمد فيها المجرم على ثقة الناس كشهادة الزور والغش.
(3) عقوبات مالية: وهي العقوبات التي تصيب مال الشخص كالدية والغرامة والمصادرة.
ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع:
أولاً: الأخذ: عن طريق:
1- الدية: هل هي دائماً عقوبة أم تبرع ومواساة؟ إن كانت على الجاني فهي عقوبة كما في العمد والصلح، وإن كانت على العاقلة كما في الخطأ وشبه العمد فيمكن أن يقال إنها عقوبة لإهمالهم وعدم أخذهم على يد الجاني، ويمكن أن يقال إنها نصرة و تبرع ومواساة منهم.
2- الغرامة: ويمكن أن تكون مقدرة كأخذ شطر مال مانع الزكاة وأخذ مثلي قيمة الثمر والكثر في حالة سرقته، ويمكن أن تكون مفوضة ومتروكة لولي الأمر لتحديدها.
3- المصادرة: كما صادر النبي صلى الله عليه وسلم مال ابن اللتبية الذي جاءه هدية وكمصادرة المال في الرشوة ونحو ذلك.
ثانياً: الإتلاف: عن طريق:
1- الحرق: كما حرق موسى عليه السلام عجل بني إسرائيل، وكتحريق مسجد الضرار، وكتحريق متاع الغال، وكتحريق أبي بكر لبيت اللوطية، وكتحريق علي رضي الله عنه لمن قالوا بألوهيته.
2- التقطيع: كما تقطع المفارش المنسوجة نسجاً رديئاً، وكما أراق عمر اللبن المغشوش وإتلاف الأطعمة الفاسدة.
3- طمس المعالم .
4- التكسير.
ثالثاً: الحرمان:
كالحرمان من الميراق وحرمان الغال من نصيبه من الغنيمة ونحو ذلك.
عقوبة الغرامة: من المسلم به أن الشريعة عاقبت على بعض الجرائم التعزيرية بعقوبة الغرامة, من ذلك أنها تعاقب على سرقة الثمر المعلق بغرامة تساوي ثمن ما سرق مرتين فوق العقوبة التي تلائم السرقة, وذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ومن خرج بشئ فعليه غرامة مثليه والعقوبة), ومن ذلك عقوبة كاتم الضالة فإن عليه غرامتها ومثلها معها, ومن ذلك تعزير مانع الزكاة بأخذ شطر ماله.
تحرير محل النـزاع:
اخْتَلَف العلماء في العقوبات المالية ، من حيث كونها باقية أو منسوخة ، بعد أن اتّفقوا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عَمِل بها، واتفقوا على جواز العقوبة في المال واختلفوا في العقوبة بالمال:
القول الأول: المنع من العقوبة بالمال:
أدلة المانعين:
1- قوله تعالى ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل).
2- قوله صلى الله عليه وسلم ( إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم).
3- قوله صلى الله عليه وسلم ( لايحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه) .
4- سد ذريعة تسليط الظلمة على أموال الناس بدعوى التعزير.
5- التعزير بالمال فيه ظلم حيث تكون العقوبة محددة مثلا بمائة ريال أو دولار ، وهذا المبلغ يكون تافها بالنسبة للغني فلا يحدث له ردعا ، ويكون في غاية المشقة والحرج بالنسبة للفقير.
القول الثاني: جواز التعزير بالمال:
أدلة المجيزين:
الدليل الأول : "..ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار" وهذا صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم هَمَّ بتحريق بيوت الذين يتخلّفون عن صلاة الجماعة، كما تقدّم بيانه .وهذه عقوبة مالية .
الدليل الثاني : " ومن منعها فإنا آخذوها وشَطْرَ مَالِه ، عَزمة من عزمات ربنا عز وجل لا يحل لآل محمد منها شيء". وهو أصرح شيء في الباب ، ولذلك كثُر الكلام حوله ، وادّعاء نسخه .
الدليل الثالث : حديث سويد بن مقرن: "لقد رأيتني وإني لسابع إخوة لي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما لنا خادم غير واحد فَعَمِدَ أحدُنا فَلَطَمَهُ ، فأمَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعتقه". فمُلك اليمين يُعتبر من مالِ الإنسان ، فإذن اُعتِق عليه فقد عُوقِب في مالِه .
الدليل الرابع : حديث البراء بن عازب قال : "لقيت خالي ومعه الراية ، فقلت : أين تريد ؟ قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه وآخذ مالَـه". فإذا أُريق دمـه لم يكن ماله بأعزّ من دمِـه ، وهو قياس الأولى .
الدليل الخامس : سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثمر المعلَّق . فقال : "من أصاب منه بِفِيهِ من ذي حاجة غير مُتّخِذ خُبْنَة فلا شيء عليه ، ومن خَرَج بشيء فعليه غرامة مِثليه والعقوبة ، ومن سَرَق منه شيئا بعد أن يؤويه الْجَرين فبلغ ثمن الْمِجَنّ فعليه القطع".
الدليل السادس : حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : رأى النبي صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ ثوبين مُعصفرين ، فقال : أأمك أمرتك بهذا ؟! قلت : أغْسِلْهُما . قال : بل أحرقهما.
وهو صريح في إحراق الثياب المعصْفَرَة ، وهو عقوبة مالية واضحة.
الدليل السابع : عَمَل الصحابة رضي الله عنهم بالعقوبات المالية مِثْل أمْر عمر بن الخطاب وعلى بن أبى طالب بتحريق المكان الذي يباع فيه الخمر، وأمْره بتحريق قصر سعد بن أبى وقاص الذي بناه لما أراد أن يحتجب عن الناس، وقد أراقَ عمر رضي الله عنه لَبَنَاً شِيب بماء.
الدليل الثامن : دليل عقلي: وهو إذا كان يجوز أن يُعزّر بالقتل ، فالمال لا شك أنه دون الـنّفس فيُمكن أن يُعزّر به . وممن يُجوِّز التعزير بالقتل في الذنوب الكبار - أصحاب أبى حنيفة في مواضع يُسَمُّون القتل فيها سياسة ، كقتل من تكرر لواطه ، أو قَتْله بالمثقل ، فإنهم يُجوِّزون قتله سياسة وتعزيرا.

أقسام الجريمة باعتبار المحل:
1- جرائم الاعتداء على الدين: ويمكن أن تكون في التالي:
الردة، السحر إذا كان فيه تقرب للشياطين، الاستهزاء بشيء من شعائر الإسلام، سب الإسلام بقول أو فعل أو سب الأنبياء.
2- جرائم الاعتداء على النفس:
وهي الاعتداء على النفس إما بالقتل أو قطع الأطراف أو الجراح أو إتلاف المنافع.

أقسام القتل والاعتداء على ما دون النفس: ويقسم الفقهاء القتل تقسيمات تختلف بحسب وجهة نظر كل منهم، ويمكننا أن نستعرض هذه التقسيمات المختلفة فيما يأتى:
أولاً: التقسيم الثنائي (المالكية): يقسم بعض الفقهاء القتل إلى قتل عمد، وقتل خطأ، ولا وسط بينهما، والقتل العمد عند هؤلاء هو كل فعل ارتكب بقصد العدوان إذا أدى إلى موت المجنى عليه سواء قصد الجانى القتل أو لم يقصده، وبشرط ألا يكون الفعل قد وقع على وجه اللعب أو مقصودًا به التأديب ممن له حق التأديب. والقتل الخطأ هو ما لم يكن عمدًا. وهذا هو مشهور مذهب مالك.
ويرد عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إلا إن قتيل الخطأ شبه العمد قتيل السوط والعصا فيه مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها".
شبه العمد فيما دون النفس: ويتفق أبو حنيفة والشافعي وأحمد في الاعتراف بشبه العمد في القتل ولكنهم يختلفون في وجوده فيما دون النفس، فيرى الشافعي وأحمد في الراجح أن العمد فيما دون النفس إما أن يكون عمداً محضاً وإما أن يكون شبه عمد. ويرى أبو حنيفة وأحمد في المرجوح أن شبه العمد لا يوجد فيما دون النفس.
ثانيًا: التقسيم الثلاثي (الشافعية والحنابلة): يقسم بعض الفقهاء القتل إلى ثلاثة أقسام:
· عمد: وهو ما تعمد فيه الجانى الفعل المزهق قاصدًا إزهاق روح المجنى عليه.
· شبه عمد: وهو ما تعمد فيه الجانى الاعتداء على المجنى عليه دون أن بقصد قتله إذا مات المجنى عليه نتيجة للاعتداء ويسمى شراح القوانين الوضعية هذا النوع من القتل بالضرب المفضى إلى الموت.
· قتل خطأ: ويكون فى حالات:
أولها: إذا تعمد الجانب الفعل دون أن يقصد المجنى عليه، كمن يرمى غَرضًا فيصيب شخصًا. وتسمى هذه الحالة الخطأ فى الفعل.
وثانيها: إذا تعمد الجانى الفعل وقصد المجنى عليه على ظن أن الفعل مباح بالنسبة للمجنى عليه ولكن تبين أن المجنى عليه معصوم، كمن يرمى من يظنه جنديًا من جنود الأعداء فإذا هو مسلم أو معاهد أو ذمى. وتسمى هذه الحالة الخطأ فى القصد.
وثالثها: أن لا يقصد الجانى الفعل ولكنه يقع نتيجة لتقصيرة، كمن يتقلب وهو نائم على آخر فيقتله.ورابعها: أن يتسبب الجانى فى الفعل، كمن يحفر حفرة فى الطريق فيسقط فيها أحد المارة ليلاً وتؤدى السقطة لوفاته.
ثالثًا: التقسيم الرباعي (الحنفية): يقسم بعض الفقهاء القتل أربعة أقسام:
(1) عمد. (2) شبع عمد. (3) خطأ. (4) ما جرى مجرى الخطأ.
والعمد وشبه العمد عند أصحاب هذا التقسيم لا يختلفان عما هما عليه فى التقسيم السابق، فالخلاف منحصر عندهم فى الخطأ لا غير.
والخطأ عند هؤلاء ما يكون فى نفس الفعل أو فى ظن الفاعل. فالأول: أن يقصد الفعل ولا يقصد الشخص كمن يرمى صيدًا فيصيب شخصًا. والثانى: أن يقصد من يظنه مباح القتل كحربى أو مرتد فإذا هو معصوم.
أما ما جرى مجرى الخطأ فنوعان: نوع هو فى معنى الخطأ من كل وجه، وهو أن يكون القتل على طريق المباشرة كأن ينقلب النائم على إنسان فيقتله، فهذا القتل فى معنى القتل الخطأ من كل وجه لوجوده عن غير قصد، ونوع هو فى معنى الخطأ من وجه واحد، وهو أن يكون القتل عن طريق التسبب كمن يحفر حفرة فى طريق ولا يتخذ الاحتياطات اللازمة لمنع المارة ليلاً من السقوط فيها فيسقط فيها شخص ويموت من سقطة.
رابعًا: التقسيم الخماسي (بعض الحنفية): ويقسيم بعض الفقهاء القتل خمسة أقسام:
(1) عمد. (2) شبه عمد. (3) خطأ. (4) ما جرى مجرى الخطأ. (5) القتل بالتسبب.
والفرق بين هذا التقسيم والتقسيم السابق أن أصحاب هذا التقسيم يفرقون بين الفعل المباشر والقتل بالتسبب ويجعلون الأخير قسمًا مستقلاً.

3- جرائم الاعتداء على الأعراض:
- سد ذرائع الزنا من الخلوة المحرمة والتبرج والاختلاط ونحوها.
- الزنا من المحصن: الرجم إن ثبت أو التعزير إن لم يثبت.
- الزنا من البكر: جلد مائة وتغريب عام عند الجمهور حداً، وعند الحنفية أن التغريب تعزير.
- القذف وعقوبته.
الفرق بين العقوبة الحدية والتعزيرية:
1 - أن العقوبة الحدية والقصاص عقوبة مقدَّرة من قبل الشارع لا مجال للاجتهاد فيها، وأما العقوبة التعزيرية فهي راجعة إلى اجتهاد الحاكم.
2- العقوبة التعزيرية يجوز إيقاعها على الصبي وعلى المجنون الذي لديه بعض الإدراك لأنه عقوبة تأديبية، أما العقوبة الحدية والقصاص فإنها لا توقع عليهم لأن التكليف شرط فيمن يقام عليه الحد.
3- أن التعزير يختلف باختلاف الناس، فتعزير ذوي الهيئات أخفُّ من غيرهم، وهذا بخلاف الحدود والقصاص فالناس فيها سواء.
4- أن التعزير إذا كان في حق من حقوق الله تعالى تجب إقامته كقاعدة، لكن يجوز فيه العفو عن العقوبة والشفاعة إن رُئي في ذلك مصلحة، أما جرائم الحدود فليس لأحد مطلقاً إسقاط عقوبتها أو الشفاعة فيها بعد بلوغها، إلا إذا كان الحد قذفاً فيمكن العفو.
5- الحدود تدرأ بالشبهات بخلاف التعزير فإنه يحكم بثبوت موجبه مع قيام الشبهات.
6- أن التعزير يسقط بالتوبة بلا خلاف، والحدود لا تسقط بالتوبة على الصحيح إلا الحرابة فإنه يسقط بالتوبة قبل القدرة عليهم لقوله تعالى: (إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ).





جريمة الرشوة:
تعريف الرشوة لغة:
قال ابن الأثير: أصله من الرشاء الذي يتوصل به إلى الماء.
تعريف الرشوة اصطلاحاً:
عرف ابن عابدين الرشوة بأنها: "ما يعطيه الشخص لحاكم أو غيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد".
حكم الرشوة:
الرشوة حرام ومن كبائر الذنوب ومن استحلها فقد كفر، ومن أخذها غير مستحل لها فهو فاسق.
"ولا تأكلوا أموالكم بينكم ‏بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون"، "سماعون للكذب أكالون للسحت"، (لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي في الحكم). ورواية عائشة رضي الله عنها (والراشي الذي يمشي بينهما).‏
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به)، قيل :وما ‏السحت؟ قال: (الرشوة في الحكم).
أنواع الرشوة:
الرشوة لإبطال حق أو إحقاق باطل: وهذا أقبح أنواعها لأنه يحمل الحاكم على الحكم بغير ما أنزل الله.
الرشوة لتحصيل منصب قيادي أو أي عمل: وهذا النوع محرم إذا كان من حصل على المنصب أو العمل غير كفؤ له لقوله تعالى: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" و التوظيف أمانة، وقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "من ولي من أمر المسلمين فولى عليهم رجلاً وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين". وللإجماع على تحريم ذلك وأن التولية إنما هي لذوي الكفاءات.
الرشوة للحصول على حق ودفع ظلم اضطراراً: وهذا جائز عند الجمهور، وروي عن وهب بن منبه أنه قيل له: "الرشوة حرام في كل شيء؟ فقال: إنما يكره من الرشوة أن ترشي لتعطي ما ليس لك أو تدفع حقا قد لزمك، فأما أن ترشي لتدفع عن دينك ودمك ومالك فليس بحرام".
ولا بد بالطبع من التدرج فإن كان يمكن الحصول على حق بالشكوى أو التبليغ أو المقاتلة دون بذل الرشوة فهذا هو الواجب. ولا شك أنها حرام على الآخذ، قال ابن تيمية رحمه الله: "فأما إذا أهدى له هدية ليكف ظلمه عنه أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراما على الآخذ، وجاز للدافع أن يدفعها إليه".

متى يكون العطاء هدية ومتى يكون رشوة؟ ­
و الهدايا إلى الموظف, ليست كلها محرمة بل :
منها ما يحرم بذله وقبوله، وهي ما قصد بها الوصول لغرض باطل, أو مجازاة على عمل واجب بجهة الوظيفة.
ومنها ما يحرم على الموظف قبوله, وإن كان قد يباح للمهدي بذله, كالمبذولة؛ خوفا من تقاعس الموظف عن القيام بحاجة المهدي, أو المبذولة حياءً؛ مجازاة على جهده.
ومنها ما يباح للمهدي بذله, وللموظف قبوله, كالهـدايا من الأقارب والأصدقاء والجيران الذين يهدون للموظف قبل توليه الوظيفة, بشرط ألا تتغير هداياهم بعد الوظيفة بزيادة غير مألوفة، وليست لهم عنده حاجة تتعلق بوظيفته. وكالهدية ممن لا أثر لها في ميل قلب الموظف, وهي ما كانت من ولي الأمر ورؤساء الموظف في العمل, وذوي رحم الموظف من أقاربه, الذين يراعي الموظف حرمة رحمهم أشد من مراعاته هداياهم, ومنها الهدية للمفتي والواعظ ونحوهما؛ إكراما لهم على علمهم.
أما الهدايا إلى جهة عمل الموظف: فإن كانت على سبيل الرشوة, أو بذلت حياء, لم تؤخذ من باذلها. وإن كانت لإكرام الجهة, جاز قبولها.
كيف نفرق بين هدايا العمال المباحة والمحرمة؟
والجواب أولا وقبل كل شيء أن الأمور بالمقاصد، بناء على حديث: "إنما الأعمال بالنيات"، "استفت قلبك! البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك".
الفارق بين الرشوة والهدية "إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ..".
الهدية على الشفاعة:
"من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية فقبلها فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا" وأما بذل الهدية لمن صنع معروفاً أو نحوه فإن مستحب ما لم يكن ذلك من صميم عمله فلا يجوز لأنه إنما أدى واجباً عليه. "من صنع إليكم معروفاً فكافئوه".
علاقة جريمة الرشوة بأحكام السياسة الشرعية والإفساد في الأرض:
عقوبة الرشوة من أحكام السياسة الشرعية والتي تختلف باختلاف الزمان والمكان والظروف، ولذا فإن عقوبتها راجعة إلى الإمام بحيث ينظم عقوبتها وفقاً للمصلحة عدا عقوبة المصادرة المال محل الرشوة فإنه من الفقه الثابت الذي لا يجوز العفو عنه لقصة ابن اللتبية ولا يعاد المال للراشي إلا إن كان أخذ منه ظلماً أو كرهاً. كما أن جريمة الرشوة من جرائم الإفساد في الأرض فهي من أكل الخبائث والتعدي على حقوق الناس وأكل أموال الناس بالباطل.
عقوبة جريمة الرشوة في الفقه:
"ما بال العامل نبعثه فيأتي فيقول: هذا لك وهذا لي؛ فهلا جلس في بيت أبيه وأمه ينتظر أيهدى له أم لا! ..". ثم صادر ما أعطي له وشهر بفعله بين الناس.
التكييف الفقهي لعقوبة جريمة الرشوة:
الرشوة حرام بالكتاب والسنة والإجماع، وبالتالي فإن أكل مالها لا يجوز ولا تقر بيد من أخذها ويجب أن تصادر باعتبارها غلولاً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "هدايا العمال غلول".
وإذا رأى الإمام أن يعاقبه بعقوبة بدنية كالسجن والجلد أو الغرامة والتشهير به وعزله من الوظيفة فله ذلك من باب السياسة الشرعية.

عقوبة جريمة الرشوة في النظام:
العقوبة الأصلية : مصادرة المال أو الميزة أو الفائدة موضوع الجريمة بالإضافة إلى التالي:

أولاً: كل موظف عام طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو اخذ وعداً أو أعطية:
1) لأداء عمل من أعمال وظيفته أو يزعم انه من أعمال وظيفته ولو كان هذا العمل مشروعاً ، ولا يؤثر في قيام الجريمة قصد الموظف إلى عدم القيام بالعمل الذي وعد به.
2) للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو يزعم انه من أعمال وظيفته ولو كان هذا العمل مشروعاً ، ولا يؤثر في قيام الجريمة قصد الموظف إلى عدم القيام بالعمل الذي وعد به.
3) للإخلال بواجبات وظيفته أو لمكافأته على ما وقع منه ولو كان بدون اتفاق سابق.
4) لاستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول أو لمحاولة الحصول من أي سلطة عامة على عمل أو أمر أو قرار أو التزام أو ترخيص أو اتفاق توريد أو على وظيفة أو خدمة أو مزية من أي نوع.
5) من استعمل القوة أو العنف أو التهديد في حق موظف عام ليحصل منه على قضاء أمر غير مشروع أو ليحمله على اجتناب أداء عمل من الأعمال المكلف بها نظاما.
6) من عرض الرشوة ولم تقبل منه.
7) كل من أسهم في قيام هذه الجريمة.
فإنه يعد مرتشيا ويعاقب :
أ‌- بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات .
ب‌- غرامة لا تزيد عن مليون ريال . ( أو بإحدى هاتين العقوبتين )

ثانياً :كل موظف عام اخل بواجبات وظيفته بان قام بعمل أو امتنع عن عمل من أعمال وظيفته نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة:
1) كل من أسهم بقيام هذه الجريمة.
فإنه يعد مرتشيا ويعاقب :
أ‌- بالسجن مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات .
ب‌- غرامة لا تزيد عن مائة ألف ريال .( أو بإحدى هاتين العقوبتين )
ثالثاً :كل موظف عام طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو اخذ وعدا أو أعطيه بسبب وظيفته :
1) لمتابعة معاملة في جهة حكومية ولم تنطبق عليه النصوص الأخرى في هذا النظام.
2) كل من أسهم في قيام هذه الجريمة.
3) كل شخص عينه الراشي أو المرتشي لأخذ الرشوة وقبل بذلك مع علمه بالسبب.
4) من أعطى أو عرض العطية أو وعد بها للغرض المشار إليه وكذلك الوسيط.
فإنه يعد مرتشيا ويعاقب :
أ‌- بالسجن مدة لا تتجاوز سنتين .
ب‌- غرامة لا تزيد عن خمسين ألف ريال . (أو بإحدى هاتين العقوبتين )
العقوبة التبعية :
يترتب على الحكم بإدانة موظف عام أو من في حكمة بارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام الحكم بالعقوبة التبعية حتى ولو لم ينص عليها في الحكم ولو مع وقف تنفيذ العقوبة الأصلية ، والعقوبات التبعية هي :
1) العزل من الوظيفة العامة.
2) الحرمان من تولي الوظائف العامة أو القيام بالأعمال التي يعد القائمون بها في حكم الموظفين العاميين.
3) نشر الحكم وإعلانه. ولمجلس الوزراء إعادة النظر في العقوبة التبعية بعد مضي خمس سنوات من تاريخ انتهاء تنفيذ العقوبة الأصلية ) " م 14 "

العقوبة التكميلية :
لم ينص النظام على العقوبة التكميلية، و العقوبة التكميلية ترجع إلى تقدير الإمام فإذا رأى مصلحة في التشديد أو التخفيف كأن يزيد في الغرامة مثلا فله ذلك.
ملاحظات مهمة:
1) يعتبر من قبيل الوعد أو العطية – في تطبيق هذا النظام – كل فائدة أو مزية يمكن أن يحصل عليها المرتشي أيا كان نوع هذه الفائدة أو المزية سواء كانت مادية أو غير مادية.
2) يعد في حكم الموظف العام في تطبيق هذا النظام:
§ كل من يعمل لدى الدولة أو لدى احد الأجهزة ذات الشخصية المعنوية العامة سواء كان يعمل بصفة دائمة أو مؤقتة .
§ المحكم أو الخبير المعين من قبل الحكومة أو أية هيئة لها اختصاص قضائي .
§ كل مكلف من جهة حكومية أو أية سلطة إدارية أخرى بأداء مهمة معينة .
§ كل من يعمل لدى الشركات أو المؤسسات الفردية التي تقوم بإدارة وتشغيل المرافق العامة أو صيانتها أو تقوم بمباشرة خدمة عامة ، وكذلك كل من يعمل لدى الشركات المساهمة والشركات التي تساهم الحكومة في رأس مالها والشركات أو المؤسسات الفردية التي تزاول الأعمال المصرفية .
§ رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الشركات المنصوص عليها في الفقرة الرابعة من المادة .

3) يعفى الراشي أو الوسيط من العقوبة الأصلية والتبعية إذا أخبر السلطات بالجريمة قبل اكتشافها.
4) كل من أرشد إلى إحدى هذه الجرائم ولم يكن راشيا أو شريكا أو وسيطا يمنح مكافأة لا تقل عن خمسة آلاف ريال ولا تزيد عن نصف قيمة المال المصادر، وتقدر المكافأة الجهة التي تحكم في الجريمة، ويجوز لوزير الداخلية صرف مكافأة أعلى بعد موافقة مجلس الوزراء .
5) عند العود للجريمة قبل مضي خمس سنوات من تاريخ انقضاء العقوبة – يجوز الحكم عليه بأكثر من الحد الأعلى للعقوبة المقررة للجريمة بشرط عدم تجاوز ضعف هذا الحد .
6) أي شركة أو مؤسسة خاصة وطنية أو أجنبية أدين مديرها أو أحد منسوبيها في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام إذا ثبت أن الجريمة قد ارتكبت لمصلحتها، فإن الجهة أو الجهات الحكومية المتعاقدة معها ترفع إلى مجلس الوزراء بما ترى ملاءمة اتخاذه فيما يتعلق بالأعمال التي تقوم الشركة أو المؤسسة بتنفيذها ولولم يكن للجهة أو الجهات الحكومية علاقة بالجريمة سبب الحكم.

جريمة التزوير:
تعريف التزوير لغة:
الزور هو الكذب، و التزوير تزيين الكذب، ويتلخص له عدة معاني:
1- التزوير فعل الكذب والباطل.
2- التزوير التشبيه والتقليد وتقريب الحق إلى الباطل والعكس.
3- التزوير التحسين والتقويم كأن يهيء كلامه ويحسنه قبل قوله.

اصطلاحاً: هو تغيير الحقيقة وطمس معالمها بقصد الغش والإضرار سواء كان في عملات أو مستندات أو أوراق مالية أو صكوك أو شهادات أو أختام أو غيرها.
الفرق بين التزوير والتزييف:
التزوير هو تغيير الحقيقة مع بقاء الشيء الصحيح كتغيير نوع العملة أو قيمتها أو نحو ذلك، وأما التزييف فإنه يكون بصنع الشيء المراد كاملاً وإدخال الزيف في مادته.
التقليد: هو المحاكاة و المشابهة كأن يحاكي عملة صحيحة بعملة أخرى مشابهة لها.
صور التزوير و التزييف والتقليد الواردة في النظام:
التزوير:
من صور التزوير:
1- تزوير الوثائق الرسمية والمحررات العرفية أو شهادات خدمة أو أي أوراق لها قوة ثبوتية أو إصدار صك لا أصل له أو محرف عن الأصل أو شطب بعض المعلومات المدونة في الشهادات أو زور بطاقة الأحوال أو تأشيرة الدخول أو الخروج.
2- تزوير الأختام وعلامات الدوائر الحكومية والعلامات التجارية.
التزييف:
تزييف العملة المتداولة ذهبية كانت أو فضية أو ورقية ويكون ذلك بوسائل منها:
1- انتقاص شيء من العملة ببرد أو قرض.
2- إدخال الزيوف على أصلها.
3- طلاؤها بما يجعلها شبيهة بعملة أخرى أكبر منها قيمة.
4- تقليد ورقة النقد بصنع ورقة تشبهها أو بإدخال تغيير عليها في الرقم أو الشكل.
حكم التزوير والتزييف والتقليد:
لما كان من شأن هذه الأمور التزوير وطمس الحقائق وإظهار الباطل وترويجه كان ذلك عملاً محرماً للأدلة التالية:
1- "ولا تعثوا في الأرض مفسدين"، "ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها"
2- "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام".

عقوبة التزوير في الفقه:
وردت عقوبات التزوير والتزييف عن بعض الصحابة والتابعين، ومنها:
1- أن عمر رضي الله عنه أركب شاهد الزور على حمار مقلوباً وسود وجهه وشهر به.
2- أن ابن الزبير حين قدم مكة وجد رجلا يقرض الدراهم فقطع يده، ومرة أخرى ضرب رجلاً فيها، ولعل الجمع بينهما أن القطع محمول على الكثرة ويحمل الضرب في المرة الثانية على أن ما أفسده لم يبلغ نصاباً.
3- أن عمر بن عبد العزيز وهو إذ ذاك أمير على المدينة - أتي برجل يقطع الدراهم - وقد شهد عليه - فضربه ، وحلقه ، وأمر به فطيف به وأمره أن يقول : هذا جزاء من يقطع الدراهم ، ثم أمر به أن يرد إليه ، فقال: أما إني لم يمنعني من أن أقطع يدك إلا أني لم أكن تقدمت في ذلك قبل اليوم، وقد تقدمت في ذلك، فمن شاء فليقطع.
4- قال ابن المسيب: قطع الذهب والورق من الفساد في الأرض.
5- وسئل عطاء عن قوله تعالى: "وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون" فقال: كانوا يقرضون الدراهم.
تزوير الأختام: أن عمر t جَلَدَ معن بن زياد حين زور كتاباً عليه 300 جلدة.
تزوير المحررات الرسمية: وقد ورد أن معاوية حبس عمرو بن الزبير لتلاعبه بخط كتب له فيه مائة ألف درهم فصيرها مائتي ألف درهم وقبضها حتى قضاها أخوه عبد الله بن الزبير.
تزوير صكوك النكاح: قال ابن فرحون: فإذا صح عندك أنه مختلق مفتعل وجب فسخ النكاح وتأديب عاقديه وشاهديه تأديباً بليغاً.

عقوبة جرائم تزييف العملة والتزوير (ملخص الفريان).
عقوبات تبعية:
· الحرمان من الدخول مع الوزارات أو المصالح الحكومية أو الأجهزة ذات الشخصية المعنـوية العامة في عقود لتأمين مشترياتها وتنفيذ مشروعاتها وأعمالها.
· الفصل من الوظيفة العامة.
· الحرمان من الوظيفة العامة مستقبلاً.
· ضبط ومصادرة جميع النقود المزيفة والمقلدة وكافة الأدوات والمواد المستعملة في الجريمة أو المتحصل عنها وتسلم إلى مؤسسة النقد العربي السعودي, ولا يدفع مقابل لها أي تعويض عنها بأي حال من الأحوال.
· للحُكومة الحق في اقتضاء الغرامة بطريق التنفيذ الجبري على أملاك المحكومِ عليه الثابِتة والمنقولة أو بطريق الإكراه بحبس المحكوم عليه يوماً واحداً عن كُل خمسة ريالات سعودية، على أن لا تتجاوز مُدة الحبس ستة أشهر.

السحر لغة: ما خفي ولطف سببه.
في الشرع أقسام:
الأول: عقد ورقى أي قراءات وطلاسم يتوصل بها الساحر إلى استخدام الشياطين. (وهو شرك لأنه يعبد الشياطين ويتقرب إليهم بذلك) ويستدل: "واتبعوا ما تتلوا الشياطين .."ولقد علموا لمن اشتراه ..".
الثاني: أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور وعقله وإرادته وميله (عدوان وفسق).
الثالث: خفة يد، وهو سحر غير حقيقي.
الرابع: استعمال المواد الكيمائية أو الزئبق كما حصل لسحرة فرعون.
حكمه:
من حيث الحرمة:
هو حرام من حيث الجملة من الكتاب: "إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا .." والسنة: "اجتنبوا السبع الموبقات"، والإجماع وقد نقله الشافعي والنووي وابن قدامة وابن عابدين.
ورأى البيضاوي أن ما كان تمويهاً وحيلة فهو مباح وهو مردود لأن سحر سحرة فرعون كان كذلك.


من حيث الكفر:
إذا كان من السحر الذي كفّر الله به أو كان مشتملاً على كفر كتعظيم غير الله فهو كفر، والأدلة: "وما كفر سليمان .." أي بسحره، "إنما نحن فتنة فلا تكفر"، "ولقد علموا لمن اشتراه .."، "ولا يفلح الساحر حيث أتى"، "ولا يفلح الساحرون"، "من أتى عرافاً أو كاهناً ..".
وإن كان لا يقتضي الكفر كالاستعانة ببعض خواص الأشياء فهو شعوذة وحرام حرمة شديدة لكنه ليس كفراً.

الفرق بين السحر والمعجزة والكرامة:
المعجزة: جماعها خرق العادة، ولكن المعجزة تحمل الصدق ظاهراً وباطناً وأنها أجريت على يد نبي أو رسول وأنها فيها تحدٍ لا يعارض.
الكرامة: تحمل الصدق ظاهراً وباطناً، تجرى على يد ولي من الأولياء، وتأتي اتفاقاً دون معاناة للوصول إليها، تأتي لتقي.
السحر: يشبه الأمر الخارق للعادة لكنه ليس بخارق لأنه يعارض كما عارض موسى سحرَ سحرة فرعون، ويحتاح إلى معاناة وعمل ولا تأتي إلا إلى غير تقي.
عقوبة الساحر:
1- اتفق العلماء على أن الساحر إذا اعتقد إباحة السحر وحله فإنه يكفر ويقتل بذلك مرتداً لأمرين:
· تكذيبه القرآن.
· استحلاله محرماً مجمعاً عليه.
2- اتفق العلماء على أنه إذا بلغ بسحره حد الكفر باعتقاد مثل التقرب للشياطين ونحوها فإنه يكفر و يقتل ردة إذا ثبت عليه ذلك.
3- اتفق العلماء على أنه إذا قتل بسحره فإنه يقتل حداً عند الجمهور وقصاصاً عند الشافعية.
4- اختلفوا في الساحر الذي لم يستحل السحر ولم يقتل أحداً به ولم يصل به درجة الكفر فهل يقتل أو لا:
القول الأول: أن الساحر يقتل بمجرد سحره لإفساده في الأرض (الحنفية، الحنابلة، المشهور عند المالكية) واستدلوا بـ:
1- "حد الساحر ضربة بالسيف".
2- "اقتلوا كل ساحر وساحرة".
3- أن حفصة قتلت جارية لها سحرتها.
4- قتل جندب الأزدي لساحر بحضرة الوليد بن عقبة.
القول الثاني: أن الساحر لا يقتل بمجرد سحره (الشافعية) واستدلوا بـ:
1- "لا يحل دم امرئ مسلم .." والسحر ليس منها، ويرد أنه مفارق عن الجماعة بإفساده.
2- أن عائشة باعت مدبرة لها سحرتها، ولو وجب قتلها لما حل بيعها، ورد بأنه اجتهاد مخالف للنص لا تعارض به النصوص الثابتة.
ترجيح الشيخ سعود:
يقتل حداً إن استحل، أو أتى بمكفر، أو لفساده في الأرض.
يقتل تعزيراً إن لم يستحل، ولم يأت بمكفر، ولم يعث في الأرض فساداً، فهو كالصائل وهو متروك لولي الأمر.
إن قتل بسحره:
· إن استهدف المقتول بذاته فقتله قصاصاً وليس حداً ويجوز العدول للدية.
· وإن استهدف ماله أو عرضه فهو قتل غيلة ويجري فيه خلاف قتل الغيلة.

هل يستتاب الساحر؟ رأي الشيخ سعود:
· بينه وبين الله: لا علاقة لنا بذلك، ومن تاب تابَ الله عليه "أدلة التوبة ..".
· من حيث القضاء:
· إذا ثبتت جريمته "غير السحر" بعد رفعها ثم ادعى التوبة فإنه لا تقبل توبته ويقام عليه الحد فيما ارتكب من جرائم سواء كانت سرقة أو زنا أو نحو ذلك ولا يستتاب. وأما إذا كان هو من اعترف دون رفع ثم رجع عن اعترافه فإنه يترك "هلا تركتموه ..".
· أما جريمة السحر ذاتها، فإنه كان مرتكباً لمكفر أو استحلالاً ونحو ذلك فإنه يقتل ولا يستتاب وذلك لأن الشياطين ستقتله ولن تتركه يتوب حقيقة.
· إذا لم يأت بمكفر ولم يستحل ولم يقتل بسحره وإنما هوى وطمعاً فإنه ممن يسعون في الأرض فساداً ففيه التفصيل: إن تاب قبل القدرة عليه فيعفى عنه في حقوق الله وإن قبض عليه فلا يعفة عنه، والأدلة على ذلك: "حد الساحر ضربة بالسيف" وإجماع الصحابة وفعلهم كعمر وحفصة وابن عمر وعثمان وجندب الخير وجندب بن عبد الله ومذهب الأئمة الثلاثة وجماهير العلماء.
النشرة:
هي حل السحر عن المسحور، وهي قسمان:
الأول: حل سحر بسحر مثله، وهذا هو من عمل الشيطان، وتكون استخدام الشياطين وقد يكون كفراً إن كان لا يصل إلى حاجته منهم إلا بالشرك، وقد يكون معصية إن كان يتوصل إلى حاجته منهم بمعصية. وقد جاء: "النشرة من عمل الشيطان" وقول الحسن: "لا يحل السحر إلا ساحر".
الثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة وهذا جائز.
الرد على المجيزين لعلاج السحر بالسحر:
يستدل المجيزون بأثر ِسَعِيدِ بن الْمُسَيَّبِ "رَجُلٌ بِهِ طِبٌّ أو يُؤَخَّذُ عن امْرَأَتِهِ، أَيُحَلُّ عنه أو يُنَشَّرُ؟ قال: "لا بَأْسَ بِهِ إنما يُرِيدُونَ بِهِ الإِصْلَاحَ فَأَمَّا ما يَنْفَعُ الناس فلم يُنْهَ عنه".
في حال سلمنا أنه يجوز علاج المسحور بالسحر للضرورة، نقول:
أولاً: ما هي الضرورة، وما هو ضابطها الذي يعرف به أنها ضرورة أو لا؟
الضرورة هي "الضرر النازل مما لا مدفع له" أي لا مدفع له من المباح. وعرفت بأنها هي "الإلجاء مما ليس منه بد". وفك السحر عن المسحور ليس كذلك فإن البديل له من المباح موجود وهو الرقية الشرعية.
ثم إن أَكْلَ المضطرِّ من الميتة مثلا واجب عليه لبقاء النفس، وليس كذلك علاج المسحور فإن العلاج مباح وفي الصبر على البلاء أجر عظيم.
ثانياً: وأما كلام سعيد بن المسيب فيحمل على أحد أمرين:
الأول: جواز علاج المسحور بالسحر لما فيه من المنفعة وهي شفاء المسحور وهذا الاحتمال لا يليق بسعيد لما فيه من معارضة النص وإجماع الصحابة وهو لا يجهل ذلك لأنه رحمه الله من الفقهاء السبعة وإمام قدمه راسخة في العلم. وعلى فرض أنه قال ذلك فإن رأيه لا يحتج به على النص ثم إن القول بجواز ذلك يفتح الباب لتعلم السحر فالكل سيقول أريد أن أنفع نفسي وأنفع الناس.
الثاني: أنه أراد النشرة المشروعة لما فيها من النفع "وما فيه نفع لم ينه عنه" وهذا الاحتمال هو الأليق بهذا التابعي الجليل.


جريمة الحرابة:
وهي من أكبر جرائم الإفساد في الأرض، وذلك لأنها تأتي بالفساد على الأنفس والأعراض والأموال والعقول، فهي تصيب الضروريات الخمس. وتسمى عند بعض الشارحين المحدثين بالسرقة الكبرى. قال الله تعالى (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا ..). وسبب نزول الآية ما جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك t أنه قَدِمَ أُنَاسٌ من عُكْلٍ أو عُرَيْنَةَ فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَهُمْ النبي e بِلِقَاحٍ وَأَنْ يَشْرَبُوا من أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا فَانْطَلَقُوا فلما صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِيَ النبي e وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ فَجَاءَ الْخَبَرُ في أَوَّلِ النَّهَارِ فَبَعَثَ في آثَارِهِمْ فلما ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِيءَ بِهِمْ فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ وَأُلْقُوا في الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فلا يُسْقَوْنَ. وهذا دليلٌ على عقوبة قتل الغيلة أيضا، فقتل الغيلة من أنواع الجرائم المندرجة تحت الحرابة.
تعريفها:
في اللغة: "حَرِبَ" على وزن "فَعِلَ". ويقال حرب فهو محروب إذا أخذ ماله. والمحاربة هي المقاتلة والمغالبة. والفرق أن المقاتلة لا تكون إلا بين اثنين يتقاتلان أو بين مجموعة فريق يهجم والآخر يدفع ومثلها المغالبة.
في الاصطلاح: أجمعها تعريف الشافعية، على أن الحرابة "قطع الطريق والبروز لأخذ مالٍ أو لقتلٍ أو إرعابٍ مكابرةً ومغالبةً اعتماداً على الشوكة والبعد عن الغوث". - قطع الطريق: سواء كان الطريق بحريا أو جويا أو بريا. فهناك قرصنة بحرية وجوية وبرية، وسيأتي تفصيلها إن شاء الله.
- والبروز: ضد الاختفاء. فهي لا تتم خفية عدا الغيلة. والغيلة من الحرابة إذ إن الغالب في أنواعها البروز.
- لأخذ مال: فالحرابة التي تمت في عهد الرسول e وكذلك الغيلة إنما كانت لأخذ المال. وفي الوقت الحاضر تعددت أهدافها.
- أو القتل: يكون الهدف في بعض الأحيان القتل فقط من دون أخذ المال، ويأتي المال عرضاً. ولم يكن هذا القتل الذي هنا قصاصاً لأنه حدٌ منفردٌ بذاته، فلا يجوز لأهل الدم التنازل فيه.
- يميزه أن فيه بروز ومكابرة ومغالبة واختفاء وبعد عن الغوث.
- أو الإرعاب: وهؤلاء لا يريدون مال ولا قتل بل قصدهم إخافة الطريق وغالباً تشكيك الناس في قدرة الحاكم على حماية وحراسة طرقاتهم. فهدفهم خلخلة الأمن عداوةً للدولة، وربما للإطاحة بالنظام.
- مكابرة ومغالبة: ففيها المكابرة وهو ناتج الظهور والمغالبة. وهي تحصل بقوة السلاح أو الرجال، وقد تتم من شخص ذو قوة في مقابل شخص ضعيف أنثى كانت أم رجل.
- اعتماداً على الشوكة: وهو السلاح والقوَّة.
- والبعد عن الغوث: فإن المحارب يتحرى دائماً البعد عن الغوث، ولم طليعةٌ تراقب الطريق.

خطر جريمة الحرابة
هذه الجريمة من أخطر الجرائم لأنها اعتداء على الأرواح بالقتل وعلى الأعراض أو اعتداء على الأموال إضافة إلى أن فيها اعتداء على العقول بالترويع أو المنوّمات والمخدرات، ومن الترويع التفجيرات التي تروع الناس، والمنومات والمخدرات لفعل الفاحشة أو أخذ المال. فهي اعتداء على الأمن العام وتمردٌ على الولاية ومن جرائم الإفساد في الأرض، واعتبرها الله سبحانه وتعالى حرباً عليه وعلى رسوله، والله جل وعلا لا يحارب فهو العزيز القادر جل وعزّ شأنه، وإنما هو مثل الربا، فيوم القيامة يُقال للمرابي "خذ سلاحك"، نسأل الله السلامة والعافية.
صور جريمة الحرابة
يُعتبر مُحَارِبَاً كل مَن:
1- يُشهر السلاح لأخذ المال.
2- يَسقي المخدر أو المنوّم لأخذ المال.
3- يَقومُ بأعمال السطو.
4- يَقومُ بأعمال الاغتيال.
5- يَقومُ بأعمال الخطف.
6- يَقومُ بأعمال إشعال الفتن. مثل جماعة التكفير.
7- يَقومُ بأعمال وضع المتفجرات.
بم تثبت الحرابة؟
تثبت الحرابة على المحارب بالإقرار أو بالشهادة عليه أو باشتهاره في الحرابة، ولا يشتهر إلا بسوابق يرتكبها قبل القدرة عليه.



عقوبة الحرابة:
على ثلاثة أقوال:
الأول قول الجمهور: أن عقوبتها على الترتيب لا التخيير، وهي كما وردة في الآية الكريمة على النحو التالي:
1- القتل وحده: إن قَتَلَ ولم يأخذ المال فيُقتل.
2- القتل مع الصلب: وإن قَتَلَ وأخذ المال قُتلَ وصُلِب حتى يشتهر.
3- القطع من خلاف: وإن أخذ المال ولم يقتل.
4- النفي: إن لم يقتل ولم يأخذ مالاً فيُنفَى من الأرض. وهو السجن في الوقت الحاضر. ويصدر ذلك عن الإمام.
أدلة الترتيب:
1- ما جاء عند أبي داود: "أن النبي صلى الله عليه وسلم وادع أبا برزة الأسلمي فجاء ناس يريدون الإسلام فقطع عليهم أصحابه فنـزل جبريل بالحد فيهم: أن من قتل وأخذ المال قتل وصلب .." والصحيح أن هذا الحديث لا يعرف عند أبي داود ولا غيره.
2- ما جاء عن ابن عباس في ترتيب العقوبة، والصحيح أن الإسناد واه جداً و يثبت.
والثاني قول الإمام مالك: ويرى أن المحارب إذا قتل فلابد من قتله، أما إذا أخذ المال ولم يقتل أو أخاف الطريق ولم يأخذ مالاً فإن الإمام مخيرٌ باجتهاده بين قتله أو صلبه ثم قتله أو قطعه من خلاف أو نفيه لمد محدودة أو مدى الحياة. وهذا التخيير إنما للإمام أما للقاضي فيلزمه الأخذ بنص الآية.
والاجتهاد عند مالك في التخيير مبني على حال المحارب؛ فإن كان من أهل الرأي والتدبير قتل وصلب حتى يشتهر أمره وإن كان من أهل القوة والبأس ولم يكن ذا رأي وتخطيط قطع من خلاف، وإن كان شخصاً عادياً ليس بذي رأي ولا قوة نفي تعزيراً.
والثالث: قول الحسن ومجاهد والنخعي وعمر بن عبدالعزيز وتابعهم الظاهرية: أن الإمام مخير في هذه العقوبات مطلقاً، وذلك لأن "أو" في الآية للتخيير والتنويع لا الترتيب. وهو الراجح وعليه العمل في المملكة كما في قرار هيئة كبار العلماء 85 وتاريخ 11/11/1401هـ وملخصه كالتالي:
قرار 85 :
أولاً: الحرابة:
1- أن جرائم الخطو و السطو لانتهاك حرمات المسلمين على سبيل المكابرة والمجاهرة من ضروب المحاربة والسعي في الأرض فساداً المستحقة للعقاب ولا فرق بين المدن والصحارى وغيرها على الصحيح، كما أن حرابة "الفروج" أخطر من حرابة الأموال كما ذكر ابن العربي.
2- يرى المجلس أن "أو" للتخيير.
3- يرى المجلس أن يتولى القضاة إثبات نوع الجريمة والحكم فيها فإذا ثبتت لديهم المحاربة فإنهم مخيرون في الحكم فيها بالقتل أو الصلب أو القطع من خلاف أو النفي بناء على اجتهادهم مراعين واقع المجرم وظروف الجريمة وتحقيق المصلحة، إلا إن كان قَتَلَ فيقتل حتماً.
وجهة نظر: يرى المشايخ: صالح اللحيدان، وعبد الرزاق عفيفي وعبد الله بن غديان أن التخيير ليس للقاضي وإنما للإمام ويمكنه تفويض القاضي، واستدلوا بأن كل المفسرين لم يذكروا التخيير إلا للإمام وليس للقاضي وهو الأعرف بواقع الدولة كلها والأنكى وكذلك ما للموضوع من أبعاد سياسية. كما أن اختيار الإمام شامل حتى في حالة قتل المحارب لغيره فإن رأى أن عدم قتله هو الأصلح فلا يقتل وتختار له عقوبة أخرى. وكل كذلك مرهون بتقوى الله وأن يكون لوجه الله وألا يتأثر بشفاعة أحد وأن يشاور من يثق في دينه وعلمه.
ثانياً: المسكرات والمخدرات:
1- من يتعاطاها للاستعمال فقط فيحد للسكر فإن أدمن ولم تجد العقوبة فللحاكم التعزير ولو بالقتل.
2- من يروجها تصنيعاً أو استيراداً بيعاً وشراء أو إهداءً فإن كان للمرة الأولى فيعزر تعزيراً بليغاً بالحبس أو الجلد أو الغرامة أو بها جميعاً وإن تكرر منه ذلك فيعزر بما يقطع شره ولو بالقتل.
3- أنها من اختصاص المحاكم العامة من ثلاثة قضاة.
تطبيقات قضائية للحرابة:
1- أيمن هزازي الذي خطف طفلة وفعل الفاحشة بها حيث حكم بقتله حداً للحرابة.
2- الباكستنيين الذين دخلوا المنـزل وضربوا صاحبه فتوفي واغتصب أحدهم زوجة صاحب المنـزل وسرقوا النقود والمجوهرات: فحكم عليهم بالقتل جميعاً حداً للحرابة.
العفو عن العقوبة:
للحرابة أربعة عقوبات هي القتل والصلب والقطع والنفي، واختلف على الرابعة:
الجمهور: أنها عقوبة تعزيرية. الحنابلة والمالكية: أنها عقوبة حدية. وهو الصحيح.
- إذا تاب المجرم قبل القدرة عليه فيسقط عنه ما كان حقا لله سبحانه على قول ولا تقبل على قول آخر والصحيح القبول.
- إن تاب بعد القدرة عليه فالصحيح عدم قبول توبته.
- إن كان المجرم من أهل السوابق فلا عفو – هذا رأي فضيلة الشيخ سعود – .
أثر التوبة من الحرابة في حقوق الآدميين:
يرى جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة أن حقوق الآدميين لا تسقط بالتوبة قبل القدرة على المحارب إلا إن تنازل عنها أصحابها. وإن كان قتل مثلاً فإنه يثبت لولي الدم طلب القصاص أو الصلح إذا تاب قبل القدرة عليه، وإن كان تاب بعد القدرة عليه فإن الحد الشرعي يمنع من طلب القود أو الصلح.وأما مدنياً فيجب عليه رد المال، ويجب ضمان المتلفات.
ويَبقى مسؤولاً جنائياً عما أحدثه من حقوق للآدميين من القتل والقطع والجروح.
الأدلة:
1- أن الاستثناء الوارد في الآية "إلا الذين تابوا من قبل" يعود على العقوبات الجنائية وهي القتل والصلب والقطع والنفي ولا يعود إلا غيرها.
2- أن سقوط الحد عنهم يعيد جريمتهم إلى الجريمة العادية بعد أن كانت جريمة كبرى والجريمة العادية يثبت الحق فيها لأصحاب الشأن.
3- أن فقهاء الإسلام قد شددوا في الدماء حتى في حالة الخطأ فكيف بالمحارب.
وعلى كلٍ فلو اقتضت المصلحة إبراء المحارب فإن على ولي الأمر تعويض صاحب الحق الخاص.

قتل الغيلة:
غول تدل على الختل والأخذ من حيث لا يدري.
اصطلاحاً: فيه عدة تعريفات:
1- القتل خفية لأخذ المال.
2- هي الغدر وهي قتل شخص لأخذ ماله أو زوجته أو ابنته ونحو ذلك.
3- ما كان عمداً عدواناً على وجه الحيلة والخداع على وجه يأمن معه المقتول من غائلة القاتل سواء كان على مال أو لانتهاك عرض أو خوف فضيحة و إفشاء سر ونحو ذلك وهو الراجح.



الفرق بينه وبين القتل العمد العدوان:
الغيلة
العمد العدوان
يشترط أن يكون خفية
لا يشترط أن يكون خفية
لا عفو فيها
يجوز العفو
عقوبتها حدية
عقوبتها القصاص
المقصود المال أو العرض أو نحو ذلك
المقصود ذات الشخص المستهدف
فيها بعد عن الغوث
لا يشترط البعد عن الغوث
أثر الاختلاف في ضابط قتل الغيلة:
ضابط قتل الغيلة: ما كان عمداً عدواناً على وجه الحيلة والخداع أو على وجه يأمن معه المقتول من القاتل سواء كان على مال أو لانتهاك عرض أو خوف فضيحة أو إفشاء سر أو نحو ذلك.
و لا أثر للخلاف في من لا يفرق بين أنواع القتل العمد العدوان في إيجاب القتل دون الحد، ويظهر الأثر عند من يفرق بين جزاء الغيلة فيقتل حداً وغيرها قصاصاً.
صور قتل الغيلة:
مثل أن يستدرج شخصاً إلى مكان لا يراه فيه أحد ثم يقتله وكأن يأخذ ماله قهراً ثم يقتله خوفاً من المطالبة أو يقتله لأخذ زوجته وابنته، وكقتل الزوجة لزوجها وهو نائم.
قرار هيئة كبار العلماء رقم 38 عام 1395هـ:
قرر المجلس بالإجماع عد الشيخ ابن غصون أن القاتل قتل غيلة يقتل حداً لا قصاصاً فلا يقبل ولا يصح فيه العفو من أحد لقوله تعالى: "إنما جزاء .." وحديث اليهودي قاتل الجارية، وقصة قاتلي الصبي في صنعاء، وكذلك لأنه حق لله تعالى كالزكاة، ولأنه يتعذر الاحتراز منه.
رأي الشيخ ابن غصون: أن الضابط في قتل الغيلة هو أخذ المال أو انتهاك العرض وأما إن كان قتله ثأراً وانتقاماً فليس قتل غيلة ويجب فيه القصاص أو الدية.
ما موجب قتل الغيلة (ما عقوبته)؟
اختلف العلماء على قولين:
القول الأول: قول جمهور الحنفية والشافعية والحنابلة والظاهرية أن يوجب القصاص أو الدية لا فرق بينه وبين أنواع القتل الأخرى إلا الحرابة.


الأدلة:
1- "فقد جعلنا لوليه سلطاناً"، "كتب عليكم القصاص في القتلى" فلم يفرق بين قتل الغيلة وغيره. وأجيب: أن في أدلة القول الثاني ما يخصص العموم.
2- "من قتل له قتيل فهو بخير النظرين" فقد جعل الخيار للأولياء دون تفريق بين غيلة وغيره. وأجيب بنفس الإجابة السابقة.
3- الإجماع: حيث قتل شخص آخر في عهد عمر وبعد عفو بعض الأولياء عدل إلى الدية ولم يسأل هل قتل غيلة أم لا؟ وأجيب بأن الأثر منقطع، وعدم السؤال مبني على أن الأصل القصاص، كما أنها واقعة عين لا عموم لها.
4- القياس: كمثل القتيل في غير الحرابة فكان كسائر أنواع القتل، وأجيب بأنه قياس مع الفارق لأنه نوع من أنواع الحرابة.
القول الثاني: قول المالكية و اختيار ابن تيمية وابن القيم أنه يقتل حداً لا قصاصاً.
الأدلة:
1- قصة العرنيين حيث لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم أولياء الدم هل يريدون القود أو لا. ونوقش: بأنهم قتلوا لردتهم عن الإسلام، ويرد بأنهم لم يستتابوا ولو كان ردة لاستتيبوا. ونوقش بأن عدم نقل السؤال لا يعني عدمه، وقيل بأن النبي صلى الله عليه وسلم هو وليه وهذا ضعيف.
2- "أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يهودياً بجارية قتلها على أوضاح لها" حيث لم يسأل أولياءها هل يريدون القود أو لا. ونوقش بأنه لنقض العهد: ويرد بأنه لو نقض العهد لقتل بالسيف لا برض رأسه.
3- قصة قتل الحارث بن سويد لمجذر بن زياد غيلة يوم أحد وقد نزل جبريل بالوحي بأنه قتل غيلة وأمره بقتله غيلة فقتله النبي صلى الله عليه وسلم. وهو حديث ضعيف.
4- الإجماع: ما ورد من آثار وسكت عنها الصحابة فكانت إجماعاً منها:
· حيث قتل عمر سبعة رجال قتلوا صبياً في صنعاء ولم ينقل استشارته لأولياء الدم ولم ينقل خلاف الصحابة له فكان إجماعاً. ونوقش بأنه لا يلزم من عدم النقل عدم الاستشارة وهو ليس إجماعاً لوجود المخالف من الصحابة.
· قتل عثمان بن عفان لرجل عدا على دهقان فقتله وأخذ ماله، ونوقش بأنه ضعيف.
5- القياس: فقتل الغيلة خداع يتعذر التحفظ منه فكان كالحرابة وقتل المكابرة فتكون عقوبة كل منهما الحدود كما أن فيها سداً للفساد والتساهل في الدماء والقضاء على الغدر.

الخطف:
لغة: الاستلاب في خفة ومنه "إلا من خطف الخطفة"، والمرة الواحدة كقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تحرم الخطفة و الخطفتان".
اصطلاحاً: حمل شخص على ترك مأواه بالقوة أو التهديد أو بالاحتيال واحتجازه بغير حق لإيذائه أو لقتله أو للسرقة أو فعل الفاحشة أو لهدف سياسي.
خطف الآدميين باعتبار الجاني: ويكون خطفاً عادياً ويكون خطفاً سياسياً.
الخطف باعتبار الطريقة: بالقوة، والتهديد، والحيلة (انتحال شخصية، ادعاء صفة، إساءة استعمال الصفة، الاستعانة بالغير، الدعاية في الصحف).
خطف وسائل النقل:
الاستيلاء غير المشروع على وسيلة نقل بالقوة والتهديد أو المخادعة وتحويلها عن خط سيرها بهدف الحصول على مكسب وسلب البضائع والأشخاص.
حكم الخطف فقهاً:
التحريم والأدلة كثيرة منها: "والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات"، "إنما جزاء الذين يحاربون الله"، "أخرقتها لتغرق أهلها"، "كل المسلم على المسلم حرام"، "لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً"، والإجماع على ذلك.
قرار هيئة كبار العلماء رقم 148 بتاريخ 1409هـ في قضايا التخريب والتفجير والنسف وخطف الطائرات:
قرر المجلس بالإجماع:
1- أن الأحكام الشرعية تدور على حفظ الضروريات الخمس: الدين والنفس والعرض والعقل والمال، وهذه الأفعال تنافي وتناقض هذه الضروريات وتخل بها.
2- تطبق أحكام الحرابة عليها.
3- أن حكم المحارب في الأمصارو غيرها سواء.
4- أن من ثبت قيامه بأفعال التفجير والخطف ونحوها فإن عقوبته القتل لأنه ساعٍ في الأرض فساداً.

تطبيق قضائي:
ما ذكره الشيخ أثناء الشرح من أن ثلاثة من رجال الشرطة أوقفوا مقيماً وزوجته وأخته وتظاهروا بأخذهم لمركز الشرطة ثم دخلوا بهم البر واعتدوا على أخته وهربت زوجته، فحكم عليهم جميعاً بالقتل.

السطو:
تعريف السطو: لغة: السين والطاء والحرف المعتل أصل يدل على القهر والعلو. يقال سطا عليه يسطو: وذلك إذا قهره ببطش).
واصطلاحاً : السطو: بقوة وقهر واستعلاء على المنازل والبنوك والمتاجر وغيرها؛ لغرض القتل أو أخذ لمال أو انتهاك العرض ... إلخ مغالبة وقهراً.
فإن تم بالخفاء: فهذه سرقة صغرى. وإن تم جهاراً ومغالبةً وفيه قهر لأصحاب المكان: فهذه حرابة.
علاقة السطو بالحرابة :
الحرابة فيها مغالبة ومكابرة وإرعاب، والسطو لا يتم إلا بذلك، وإذا تم بغير هذا فليس حرابة.
غرضه :
السطو للقتل أو لأخذ المال أو انتهاك العرض.
عقوبته :
ما جاء في آية الحرابة على التفصيل الذي ذكر في قرار هيئة كبار العلماء.
تطبيقاته القضائية :
ما أصدرته وزارة الداخلية حول تنفيذ حكم القتل حداً بأربعة جناة: حيث أقدموا على تشكيل مجموعة إجرامية للسطو والسلب، وقاموا بالسطو على عدد من الشركات ومحلات العمالة وتهديد المحاسبين والعمال بالسلاح الناري إطلاق النار عليهم وإصابتهم وتهديدهم وصدر الحكم بالقتل وصلبهم وصدد أمر سام يقضي بإنفاذ ماتقرر شرعاً.

ليست هناك تعليقات: